طباعة هذه الصفحة

«الشعب» في جولة عبر الطريق السيار شرق- غرب

مقطع الجزائر- سطيف قيمة مضافة للسياحة الداخلية وبحاجة إلى استغلال

استطلاع: حكيم بوغرارة

ولايات داخلية أنصفتها الجغرافيا وظلمتها يد الإنسان

يبقى استغلال الطريق السيار شرق- غرب في خدمات خارج مجال التنقل والتجارة ضعيفا وهو الذي كلف خزينة الدولة حوالي 15 مليار دولار، فرغم أنه فتح الآفاق واسعة أمام عدة نشاطات اقتصادية خاصة بالولايات الداخلية التي كانت تعاني العزلة والتهميش، إلا أنه لم يتم لحد الآن توظيف هذه المنشأة القاعدية في مجالات أخرى على غرار السياحة التي تراهن الحكومة عليها لضمان مداخيل خارج قطاع المحروقات، وإنعاش الخزينة العمومية بأموال العملة الصعبة.


المتجول عبر الطرق السيار شرق- غرب الذي يمتد على مسافة 1300 كلم لا يجد أي لافتات أو لوحات تبرز المناطق السياحية لمختلف الولايات المار بها، لعلها تكون سببا في إقناع السياح بالتوقف فيها وكأن الفرد يمر عبر ولايات قاحلة لا يتوفر فيها شيء.
ويمكن للطريق السيار الذي قامت «الشعب» بجولة استطلاعية فيه، أن ينعش السياحة بالولايات المار فيها، فبولاية البويرة التي  مسافة 101 كلم من الأخضرية إلى بشلول يجد الفرد نفسه محاصرا بجبال مكسوة بحلة خضراء فالغطاء الغابي في الولاية جذاب، ورغم الحرائق التي أتت على أجزاء كبيرة منها إلا أنها ترفض الاستسلام وبقيت شامخة تخفف تعب السائقين. وتقدر مساحة الثروة الغابية بـ 12 ألف هكتار تنتشر فيها أشجار (الصنوبر الحلبي، والبلوط الأخضر، وبلوط الفلين، الأرز).

البويرة... قدرات هامة تؤهلها لتكون  عاصمة السياحة الجبلية

رغم كثرة المنحدرات والعقبات في الطريق السيار تبقى البويرة، والتي تعني بالأمازيغية (ثوبيرتس) المتمخضة عن التقسيم الإداري لسنة 1979، ولاية إستراتيجية تربط شرق البلاد بغربها كما أنها تعتبر منفذا لولايات بجاية وجيجل وتيزي وزو.
كما تملك البويرة حدودا مع ولايات بومرداس، والمسيلة من الجنوب، أما من الشرق، فتحدها ولايتي برج بوعريريج وبجاية، ومن الغرب ولايتا البليدة والمدية. تضم ولاية البويرة 12 دائرة و 45 بلدية، مناخها حار وجاف في الصيف، وبارد جدا وممطر ومثلج على التلال في فصل الشتاء. وتمتلك الولاية ثلاث مناطق سياحية تتمثل في الحديقة الوطنية لجرجرة، المركز الوطني للرياضة والترفيه (تيكجدة)، «تالة رانا»، «تيزي نكولال»، محطة المياه المعدنية «حمام كسنة». وتتميز كذلك بالتنوع التضاريسي حيث تسودها الجبال شمالا والسهول في الوسط هضبة الأسنام، سهول أغريب في ضفاف وادي الدهوس والساحل وتزدهر المنطقة بالسياحة الجبلية التي تعتبر واجهة السياحة في ولاية البويرة لما لها من مواقع ساحرة كمنطقة تيكجدة التي تضم ثالث أعلى قمة في الجزائر( قمة لالا خديجة ) وهنالك مناطق أخرى كجبال البيبان وبعض الامتدادات لسلسلة الأطلس البليدي.
تتوزع هذه الحظائر بين غرب وجنوب البويرة، ولكن يبقى الترويج لها والتعريف بها على مستوى الطريق السيار أو محطات الراحة منعدم، فالسائح لا يجد ما يطلع عليه سوى لوحات عدد الكيلومترات التي تفصل الولايات الأخرى عن ولاية البويرة.
ومن الأشياء التي تلفت النظر وأنت تعبر ولاية البويرة الأراضي الفلاحية الشاسعة، والتي تقدر بـ 79000 هكتار وتؤكد قدرات الولاية إمكانية أن تصبح قطبا زراعيا مهما تضاف لشهرتها بزيت الزيتون حيث برزت زراعات الحبوب الجافة والبطاطا وحتى تربية الدواجن باتت علامة مسجلة للولاية.
وتسعى البويرة في السنوات الأخيرة إلى الرفع من طاقة الاستقبال بالقطاع السياحي من خلال توسيع الحظيرة الفندقية ذات المعايير العالمية ودعم 1200سرير المتوفرة على مستوى الولاية. ورفعها لحوالي 15 ألف سرير بعد استكمال إنجاز 11 مشروعا فندقيا مع نهاية 2017.
واستفادت الولاية من 23 مليار دينار لتطوير السياحة، بالإضافة إلى إنشاء ستة (6) مناطق للتوسع السياحي بهدف بعث النشاط السياحي عبر عديد المواقع على غرار تكجدة وتومليلين 1 و2 ومنطقة الريش وحمام كسانة و»تالا رنة».

برج بوعريريج... من موسى بن نصير إلى المقراني مزيج بين الدين والمقاومة

استفادت ولاية برج بوعريريج من أكثر من 100 كلم من الطريق السيار شرق- غرب، وهي الولاية التي تمتلك قدرات سياحية مهمة خاصة الثروة الغابية، والعديد من الحمامات الحموية وكذا المعالم الدينية والتاريخية كون المنطقة مجاهدة بامتياز.
عند الخروج من ولاية البويرة تبدأ الهضاب العليا في البروز حيث ترتاح العين من مناظر الهضاب مرورا بالمهير ومنعرجات المنصورة، وكل لافتة لا تخلو من كلمة البيبان التسمية التي تطلق على برج بوعريريج «عاصمة البيبان».
ورغم إغراءات الولاية التي تحاول خطف السياح من الطريق السيار إلا أن سحر وضخامة مشروع الطريق السيار تجعل من مغادرته أمرا صعبا فحتى السياقة تكون ممتعة والفرامل لا تستعمل إلا نادرا.
وتعتبر ولاية برج بوعريريج عاصمة الإلكترونيات في الجزائر حيث ازدهرت المنطقة بالعديد من العلامات التي استثمرت في المدينة ومنحتها شهرة عالمية.
وتتوفر الولاية على العديد من الإمكانيات السياحية التي هي بحاجة إلى تطوير فالحظيرة الفندقية تشمل 09 فنادق بطاقة استقبال مقدرة بـ 390 سريـر وهي طاقة غير كافية كون المنطقة ملتقى عدة طرق وهي قريبة من الشمال والبحر عبر ولاية بجاية وإلى الجنوب والصحراء عبر بوابة المسيلة وإلى الشرق والهضاب الشاسعة عبر منفذ ولاية سطيف.
وتتنوع تضاريس ولاية برج بوعريريج حيث تنقسم إلى ثلاث مناطق فالهضاب العليا تمتد من سلسلة البيبان في الغرب إلى غاية سد عين زادة شرقا  وهي محدودة بمرتفعات ثنية النصر وبرج زمورة شرقا، وجبال المعاضيد جنوبا أما المنطقة الجبلية فتمتد ما بين سلسلة البيبان على محيط اولاد سيدي ابراهيم في الغرب وبرج زمورة في الشرق والمنطقة السهبية تقع في الناحية الجنوبية الغربية للولاية وهي منطقة رعوية يعبر ها الواد.
وتمتد جذور برج بوعريريج إلى عمق التاريخ الإسلامي ويروى أن موسى بن نصير في عهد الخليفة الأموي عبد الله بن مروان سنة 79هـ جاء إلى المنطقة، وكان سببا في اعتناق أهل المنطقة الإسلام، ودخل إقليم برج بوعريريج تحت الحكم العثماني سنة 1559م، حيث أسس حسان باشا بن خير الدين حصنا سماه البرج؛ ويعود أصل تسمية برج بوعريريج إلى عهد الأتراك العثمانيين حيث أطلقوا لفظ البرج على المناطق المرتفعة المخصصة للحراسة والمراقبة عبر إقليم الولاية مثل برج زمورة برج غدير برج مجانة... أما لفظ بوعريريج فقد وردت بشأنه عدة روايات أهمها أنه مشتق من بابا عروج القائد التركي الذي قدم إلى المنطقة عام 1415م ونظرا لثقل اللفظ فقد خفف ليصبح بوعريريج وهناك من قال إن اللفظ مشتق من الخوذة التي يضعها الحارس التركي على رأسه ولها ريشة على شكل عروج الديك ويبدو أن هذه التسمية هي الأقرب إلى الصواب والمنطق حسب بعض الدارسين لتاريخ المنطقة.

وقد أطلقت كلمة «البيبان» على سلسلة الجبال الواقعة بين منطقة ونوغة وبابور، وهي ممر للطرق التاريخية تربط بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب كما أن تسمية «البيبان» تعود إلى المعبر المشهور البيبان، حيث أن هذه التسمية أوجدها الأتراك وأطلق عليها بالعبارة التركية «دومير رابو» أي باب الحديد.
والمتجول بين شوارع ومداشر المدينة يخيل له أنه يسافر عبر مراحل تاريخية مختلفة فالآثار والمعالم في كل زاوية ناهيك عن الجبال والمرتفعات التي تكسوها الثلوج شتاء وأما الاخضرار والورود ربيعا فهو ماركة مسجلة للمنطقة خاصة في الطريق المؤدي لسطيف أو بجاية عبر مرتفعات ومنعرجات شديدة.
وتحيط بالبرج ثروة نباتية وحيوانية هامة توفر تنوعا بيولوجيا فغاباتها الكثيفة التي تبوح وديانها الخضراء التي تمونها منابع مائية طبيعية معدنية فيها شفاء للأسقام والأمراض، ومن تحت أرضها تخرج مياه دافئة تشكل حمامات معدنية مشبعة بمادتي الكلور والصوديوم تستخدم في عديد الأمراض كالروماتيزم والمفاصل والتنفس وغيرها».
ومن الثروات الطبيعية غابة بومرقد التي تبعد عن مقر الولاية بحوالي 7 كلم وتتربع على مساحة قدرها 4000 هكتار أغلب تضاريسها مرتفعات ومنخفضات جبلية تتخللها بعض الوديان ويتنوع غطاؤها النباتي بين أشجار الصنوبر الحلبي والأحراش وتسكنها بعض الطيور كالحمام والسمان والزرزور.
ويعتبر سد عين زادة الذي تم بناؤه سنة 1981 م، موقعا سياحيا يجلب إليه العديد من الزائرين، وتقدر طاقة استيعابه بنحو 121 مليون م٣. أما مساحته فتقدر بـ 11 ألف هكتار وهو مصب بمجموعة من الأودية المنحدرة من الجبال المجاورة تسكن غاباته المشكلة من أشجار الصنوبر الحلبي والأحراش بعض الطيور كالحجل السمان والزرزور ويمكن أن ينجز على محيط هذا السد مركبات سياحية ومرابض للراحة إلى جانب ممارسة هواية الصيد وتربية المائيات ورياضة القوارب الشراعية.

السياحة الحموية في انتظار الاستثمارات

أما غابة جعافرة التي تقدر مساحتها بـ 400 هكتار فتقع على منحدرات تطل على ولاية بجاية وأهم أشجارها الصنوبر الحلبي، البلوط الأخضر، العرعار وبعض أنواع الشجيرات مثل الإكليل السرو، والديس، ومن الغابات مجانة تتنوع غابات منطقة مجانة بين تلك الواقعة على الجبال مثل غابات اغبول والغابات الواقعة بالمنخفضات كغابات دار الزيتون على امتداد 770هـ كما يتنوع الغطاء النباتي لهذه الغابات من الأشجار المثمرة كاللوز، الجوز، المشمش، والتوت، والأشجار غير المثمرة، كالصنوبر الحلبي، العرعار، السرو، القندول، والديس وتسكنها نفس الحيوانات تقريبا مثل الأرنب البري، الحجل، الثلعب وغيرها.
وتتوفر الولاية على منابع حموية ذات خصائص علاجية هامة حمام البيبان- حمام أولاد حالة - وبعض المنابع غير المستغلة بالمنصورة-عين جرب ويمكن استغلالها لتطوير السياحة الحموية. خاصة وإنها محاطة بمناظر طبيعية جذابة غابات-جبال-وديان.
وتتوفر الولاية على الكثير من المعالم الدينية فإلى جانب المساجد العتيقة يوجد مسجد «تيزي اورير» بمنطقة برج زمورة الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث هجري ومن المساجد التي بنيت بشكل هندسي مميز ونسيج زخرفي معماري رائع مسجد أولاد سيدي إبراهيم الذي بناه الولي الصالح ابراهيم ابو بكر في القرن الثامن هجري.

سطيف... تستحق لقب أجمل مدينة في الجزائر

ومن البرج إلى سطيف العالي تترامى مساحات زراعة القمح ومختلف الحبوب، حيث يتذكر المار من هناك عبر الطريق السيار دروس الجغرافيا في المتوسط التي كانت تعتبر سطيف عاصمة الهضاب ومهد زراعة الحبوب والقمح. وبين اليمين واليسار والسرعة الجنونية للكثيرين الذين يستغلون الطريق المستوي للزيادة في السرعة ربحا للوقت والمسافة.
ولاية سطيف التي تقع في شرق الجزائر وتعني كلمة سطيف، التربة السوداء بالرومانية. تقع على بعد 300 كلم شرق الجزائر العاصمة، وتمتلك الولاية رقم 19 موقعا استراتيجيا على هضبات جبال مغرس وبابور جعل مناخها السهبي قاريا، حيث تزدهر فيه زراعة القمح والشعير والخضروات والحمضيات..
واستفادت ولاية سطيف في السنوات الأخيرة من مشاريع كبيرة وضخمة ساعدت التنمية على التطور بشكل كبير حيث باتت مركزا اقتصاديا وتجاريا كبيرا، عبرت عنه بإنشاء مناطق صناعية وتجارية عديدة، ويعتبر الاستثمار رائدا حيث تطور من خلال تواجد نشاط صناعي وتجاري وخدماتي متنوع ساهم في منح عاصمة الهضاب العليا علامة خاصة جعلت كبرى الشركات العالمية تبحث عن إرساء صناعتها بالولاية.واطلعت «الشعب» على واقع التنمية من خلال الزيارة التي قامت بها مؤخرا.
سطيف التي تعتبر الولاية الأولى في تشغيل اليد العاملة في القطاع الخاص بأكثر من 60 بالمائة ستتعزز أكثر بمشاريع عملاقة مستقبلا تعتبر قيمة مضافة للاقتصاد الوطني خارج المحروقات.
وتقدمت سطيف كثيرا في تهيئة وتقسيم المنطقة الصناعية أولاد صابر على المستثمرين في سياق الإسراع في تجسيد المشاريع بنسبة كبيرة حيث خصصت السلطات الولائية أظرفة مالية ضخمة لاستكمال الدراسات منها 24 مليون دج للدراسات «الجيو تقنية»و9 ملايين دج للتهيئة، و6 ملايين دج للدراسات المتعلقة بالتأثير على البيئة ومليار دج لبناء المنشآت.
وتم توزيع العقار الصناعي بالحظيرة على العديد من المستثمرين في مختلف المجالات، حيث تم تسجيل 24 مشروعا في الصناعات الغذائية على مساحة 46 هكتار بقيمة 13 مليار دج سيخلق 2363 منصب عمل، أما الصناعات الكيماوية فعرفت تسجيل 47 مشروعا بقيمة 28 مليار دج على مساحة 79 هكتارا وتشغل 4678 عامل.
ومن المجالات المهمة التي ستعرف استثمارات الإلكترونيك بـ 23 مشروعا بقيمة 19 مليار دج وستخلق 2731 منصب عمل، و24 مشروعا لإنتاج مواد البناء بـ 28 مليار دج ستخلق 3827 منصب عمل، و21 مشروعا في الميكانيك بقيمة 9 ملايير دج ستخلق 2380 منصب عمل. أما النسيج فسيستفيد من 21 هكتارا لإنجاز 15 مشروعا بقيمة 3 ملايير دج سيشغل 1811 عامل بينما تعرف الخدمات نموا كبيرا في الاستثمارات من خلال تسجيل 08 مشاريع بـ 438 مليون دج وستوفر 438 منصب عمل جديد.
وتمتد سطيف تاريخيا إلى عصور غابرة فهي من بين أقدم المدن في الجزائر فقد أثبتت الاكتشافات الأثرية الحديثة في عين حنش وجود حضارات تعود إلى الإنسان البدائي، وقد مرت عليها كل غزوات وحضارات البحر المتوسط، لكنها عرفت ازدهارا خاصا مع الرومان الذين أعادوا بناءها، ولا تزال شواهد معمارهم موجودة حتى اليوم- حسب موقع الونشريس المهتم بالولايات الجزائرية- كما أن اسمها مشتق من الكلمة الرومانية «سيتيفيس».
وقد وجد الرومان فيها المنطقة المثالية للراحة والاستجمام بما حباها الله من ينابيع معدنية وأنهار وهواء عليل ، إلى جانب خصوبة الأرض، فقد كانوا يسمونها مطمورة روما، ومن هذه الصفة استمدت تسميتها «ستيفيس» التي تعني الأرض السوداء أو الخصبة، وقد أحاطها الرومان بمدن وقلاع كبرى لا تزال منها مدينة جميلة التي تعتبر من الآثار المحمية من طرف اليونسكو، وهي تطل على قلاع أخرى لم تنته بها الحفريات بعد، وكل ذلك لحماية منطقة سطيف من الغزاة والمحاربين البرابرة، كما كانوا يطلقون على السكان الأصليين الأمازيغ.
لكن الوندال أخرجوهم بعد أربعمائة سنة من الاستقرار فيها، ثم جاء من بعدهم غزاة آخرون إلى أن فتحها المسلمون حوالي سنة 90 هجرية ويذكر معجم البلدان لياقوت الحموي أنها ذات زرع عظيم.
لكنها مع نزوح الحماديين إلى بجاية الناصرية وتحويلها عاصمة لهم تم إفراغ مدينة سطيف من علمائها وإدارييها المتمرسين وحرفييها ويدها العاملة فانتكست المدينة قرونا عديدة.

عين الفوارة.... لمن يريد العودة؟

تعتبر نافورة عين الفوارة أشهر معلم بالولاية خاصة وأنها تتوسط المدينة وهي عبارة عن نصب مبني بالحجر، تعتبر أحد أهم معالم مدينة سطيف في الجزائر، تم بناء النافورة عام 1898 من قبل النحات الفرنسي فرانسيس دوسانت - فيدال.
ويروى أن سبب إنشائها في وسط المدينة القديمة، هو أن الحاكم الفرنسي أزعجه وجود المصلين للوضوء في ذلك المكان صباحا من أجل صلاة الفجر. وذلك لتواجدها بالقرب من المسجد العتيق، فجاءته فكرة وضع تمثال يخدش الحياء لمنع المصلين من التواجد في ذلك المكان صباحا.
اليوم مدينة سطيف من أهم المناطق السياحية نظرا لما تتميز به من آثار رومانية مثل صرح جميلة وآثار فاطمية بمنطقة «بني عزيز» وحمامات معدنية للاستشفاء كحمام السخنة وقرقور وأولاد يلس وأولاد تبان. تتميز بتنوع. أما التجارة فتلقب سطيف بمدينة التجار وأهم ما في مدينة جميلة الأثرية، هي عبارة عن مدرج روماني، موقعها في الجهة الشمالية الشرقية من دولة الجزائر، ولا يستطيع الفرد التجول في سطيف دون المرور على سوق دبي بالعلمة الذي يقصده سكان شمال إفريقيا للتسوق في مختلف المجالات، والعلمة باتت عاصمة في حد ذاتها من خلال ازدهار العمران والتجارة ومختلف النشاطات الاقتصادية.

جميلة... الجميلة

تأسّست مدينة جميلة الأثرية في نهاية القرن الأول للميلاد، وتتبع إدارياً إلى ولاية سطيف في الوقت الحالي، حيث تبعد عنها مسافة 50 كم، وترتفع عن مستوى سطح البحر 900 م، ووضعتها منظمة اليونسكو في قائمة مواقع التراث العالميّة في العام 1982م. وتطلق عليها عدّة أسماء منها مدينة «كويكول»، ومدينة «جميلية».
تمتاز المدينة بموقعها الاستراتيجيّ الهامّ الذي يربط بين مناطق الشمال والجنوب، وبين مناطق الشرق والغرب، حيث تقع على سلسلة من التلال الجبليّة المحاطة بالوديان، وبلغت أوج قوّتها أيام حكم أسرة الأنطونان، حسب دراسة نشرها موقع الذي مهتم بالشأن السياحي، وازدهرت كثيراً في زراعة أشجار الزيتون والحبوب، ويغلب على سطحها الطابع الجبليّ، حيث تمثل الجبال 50% من مساحتها الإجماليّة، أمّا مناخها فيمتاز بأنّه مناخ حارّ صيفا، وبارد شتاء.
وتتألّف المدينة من ثلاثة أقسام فالمدينة القديمة المعروفة باسم الضواحي الشماليّة، والمدينة الجديدة المعروفة باسم المناطق الجنوبيّة، ومنطقة المسيحيّة الواقعة في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من المدينة. آثار مدينة جميلة الحمامات تقع في الجهة الجنوبية من المدينة، ولها رتاج يضم اثني عشر رواقاً، وتحتوي على حوض كبير وحوضين صغيرين ينفصلان عن بعضهما بأعمدة المرمر الوردية، كما تحتوي على قاعة للرياضة، وقاعة ملابس، وقاعة التبرد.
وكان للمدينة أسواق ودكاكين مشهورة فالدكاكين فيها تشبه دكاكين تيمقاد، أما السوق فكان يحتوي رتاجاً مرفوعاً على ستة أعمدة، وغرفة للموازين، وبركة، وتمثال الإله مركور، ومن أشهر أسواقها سوق كوزلينيوس.
ويعتبر حصن «الفوروم» مركزاً للحياة السياسيّة في المدينة في نهاية القرن الثاني وأوائل القرن الثالث للميلاد. وتزدهر المدينة بالساحات حيث تضم ساحتين عموميتين الأولى تعّد مركزاً للحياة السياسية في المدينة، وتضمّ معبد فينوس، وقاعة لاجتماع مجلس الشيوخ، والتماثيل التي نقشت عليها الإهداءات، ومبنى المحكمة، وتقع على جانب «الكاردو» الرئيسي في الجهة الشرقيّة.أما الثانية فتعرف باسم ساحة الجنوب، وشيّدت بسبب التوسع العمراني، وتضم بنايتين عظيمتين هما المعبد الكبير المشيد في العام 229 م تكريماً لأسرة «سيفي روسو»، و»قوس النصر المشيد» في العام 216 م تكريماً للإمبراطور كاركلا.
أما بناية «الكابيتول» فتقع في الجهة الشماليّة الشرقية لحصن «فوروم»، ويعتبر مركزاً سياسياً ودينياً في المدينة، وكان يكرس لعبادة «جونو»، و»مينيرفا»، و»جوبيتير».
أما المسرح الروماني المحفور في الهضبة، ويتسع لـ 3000 متفرج. وهو الذي يحتضن فعاليات مهرجان جميلة العالمي ومن المباني متحف مدينة جميلة الذي يحتوي على العديد من الآثار الهامّة كضريح باخوس. المنازل الفاخرة القديمة كمنزل «ياخوس»، و»كاستريوس».
سطيف هي مدينة الشهداء وأحداث 8 ماي 1945 وفريق الوفاق صاحب لقب «الوفاق العالمي»، ومدينة سمير السطايفي رحمه الله والمثقف عبد العزيز غرمول والإعلامي عاشور فني، والمجاهد الفذ عبد السلام بلعيد كانت دائما ساحرة لرؤساء الجزائر، غادرناها بصعوبة نحو ميلة وقسنطينة.