طباعة هذه الصفحة

نوفمبر في عيون الجامعيّين والمثقّفين

مرجعية جامعة لكل أطياف المجتمع وإرث يصون وحدة الوطن

نورالدين لعراجي

تحقيق التّنمية والاستقرار يتطلّب بناء دولة المؤسّسات

أجمع الكثير من الجامعيّين على أنّ الجزائر قدمت للوجود الإنساني أعظم ثورة في التاريخ، حرّرت الإنسان وساهمت في تحرير العديد من الشعوب العربية والإفريقية وفي قارتي آسيا وأمريكا اللاتينية، وكسبت أيضا متعاطفين من أقطاب العالم، الأمر الذي جعلها تقدّم قربانا من الشهداء سجّلوا أسماءهم بأحرف من ذهب. ٦٣ سنة مرّت على اندلاع ثورة التحرير المباركة الذكرى التي يجب أن يسجّلها التاريخ وتحمل تباشيرها الأجيال القادمة، وتحافظ على أفكارها، وتدافع عنها، لأنّها انطلقت من رحم الشعب الجزائري، رافضا الاستغلال والعبودية والإذلال وكل أشكال الاستعمار.
«الشعب» تجوّلت في الوسط الجامعي، وحملت هذه الآراء التي أجمع أصحابها على أنّ إحياء هذه المناسبة هو شعور بالفخر والانتماء إلى أرض حرّرت بدماء الشّهداء والتضحية من أجل أن نحيا وهي خط أحمر لا تمس ولا تهان.

أيوب عباس: باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدّولية
قامت من أجل العزّة والكرامة وكانت مهد حركات التّحرّر

قال الباحث في العلوم السياسية أيوب عباس بأنّ الآلام التي تختصر هذه المدة الزمنية وتحتفظ بها الذاكرة الشعبية ستبقى راسخة في ماضي وحاضر الشعب الجزائري لا تمحى رغم مضي 63 عاما عن اندلاع الثورة التحرير المجيدة، نوفمبر 54 بين ماضيه وما يحمله من معاناة وآلام شعب ومجد وعزّة، هو رمز دولتنا وشرفنا الذي نعتز به عبر كل الحقب الزمنية، مذكّرا بالبيت الذي خلّدته ملحمة نوفمبر «سلاما سلاما جبال البلاد..فأنت القلاع لنا والعماد»، فكانت حصنا منيعا للأجداد وبعزيمتهم قهروا الأعادي والمغتصبين، فباؤوا بأشلائهم خاسئين غير أنه يقول: يستحضرني سؤال واحد فإذا قلنا أن شهداءنا ضحّوا بأرواحهم وبكل ما هو غالي ونفيس، فماذا سيقدّم شباب هذه الأمة لشهدائهم؟
الثورة التي قامت من أجل العزة والكرامة وشرف الأمة بأبعادها المحلية والعربية والدولية، فهي فخر الحركات التحريرية، يضيف أيوب بان الوطن أمانة وهو عرضنا وشرفنا جميعا.

ليندة عمار أستاذة البيولوجيا جامعة سكيكدة
نوفمبر محطة لتقييم الإنجازات والخيبات أيضا

قالت ليندة عمار أستاذة البيولوجيا بجامعة 20 أوت بسكيكدة إنها تشعر بظلم تجاه الذاكرة وأمام ما ينتظر جيلهما لا يمثل أملا ولو بصيصا بالنسبة إليها، معتقدة أن الحرب لازالت مستمرة في الذاكرة الجماعية وبعد مرور 63 سنة على اندلاع الثورة التي مكنت الجزائر من الاستقلال بعد استعمار طويل دام 132 سنة.
تضيف ليندة عمار أن الأمر يستوجب وقفة لفحص 63 سنة من عمر الانجازات التي طرأت على هرم مؤسسات الدولة، فالأكيد هناك أشياء أنجزت ولكن أيضا حسبها أو بالأحرى هناك خيبة كانت ملازمة لهذا المسار الزمني الطويل لأكثر من نصف قرن بات أيضا يطرح أكثر من تساؤل وهو طرح مفصلي اليوم، يجب العودة إليه لتقييم مسار بناء الدولة ومعالجة بعض الاختلالات، تقول ليندة إن الأمر يستوجب على الجيل الحالي والقادم مراعاة القيمة الحقيقية لهذا التاريخ  والبحث عن حلول النجاعة.
في السياق تؤكد أنه إذا تمكن الشاب الجزائري من طرح هذا السؤال المفصلي فتلك علامة جيدة تُثبت أن هناك وعياً يتشكل ويتقدم، دون زعمها تقديم حلول، ولكنها حين تفكر مثل غيرها كباحثة عن حلول ناجعة لوضع يشهد الكثير من التراكمات فواجب وضع حد لهذا معتبرة أن هناك ثلاث دعائم يجب مراعاتها لتحقيق أية وثبة وطنية تنموية أولها عدم إهمال المعطيات الدولية والإقليمية ثم الابتعاد عن عوامل التفرقة والتشتيت بين أفراد الشعب. ومساعدة الآخر بالأفكار  البناءة.

زكريا إدريس حواش (ماستر دراسات مقارنة)
 الثّورة حرّرتنا من الاستعباد وعلينا التحرر من ذهنيات الغرب

 أكّد زكريا إدريس حواش طالب بجامعة الجزائر 3 تخصص ماستر دراسات مقارنة بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، بأن كلّ الوقائع والأحداث التي شهدتها الثّورة التّحريرية من تضحيات وإنجازات خاصة استعادة الحرية والتحرر من ويلات الإستعمار وجحيمه، والمسؤولية الآن هي على عاتق رجال اليوم للمضي على سيرة الثوار الذين ضحّوا بكل ما لديهم من أجل استقلال الجزائر، وتحقيق وحدة الشّعب، يضيف زكرياء متسائلا ماذا ينتظر المقابل من رجال اليوم لمواصلة البناء أم الثورة التحريرية لم تصنع تغييرا في قلوبهم؟
ما هو متوقّع بناء معالم الدولة الجزائرية بالاستعانة بإطارات الشّعب وثوّارها الأحرار لتشييد تلك المعالم، وتمثيل اسم الجزائر أحسن تمثيل في الجانب الدبلوماسي خاصة، وتحقيق التّنمية والاستقرار في داخل الجزائر لمحو آثار الثورة وبناء دولة المؤسّسات وليس دولة الزبائن، فما هو منطقي شعب اضطهد طيلة ١٣٢ سنة من أشنع السياسات، وأخطر القرارات ضد الجزائريّين وضد معالم الشّعب الجزائري، فهل يمكن استرجاع قوّة تلك المؤسّسات وفعاليتها خلال ثلاث وستين سنة؟
الجواب أمر صعب جدّا من كل أطياف الشّعب من القمّة إلى القاعدة التّعاون سويا بتجسيد مبادئ العدالة الاجتماعية، والبعد عن الممارسات «المصلحية» للوصول إلى هدف بناء مؤسّسات فعّالة، بالإضافة لذلك تجسيد مبدأ دولة القانون والحفاظ على الحريات الشخصية.
وفي ختام حديثه، أشار زكرياء إلى نقطة مهمة وما تعلق بالعمل الثّوري قائلا لابد أن يرى أنّه إرث سياسي وطني محفوظ، يجب على جيل اليوم الأخذ بأسباب ما هو موجود موازاة بالأخذ بإيجابيات الماضي المجيد للخروج من دائرة الاحتفال باندلاع ثورة كأي ثورة تحرّرية في العالم من دون استشعار قيمتها والقيمة المضافة المطلوبة من هذا الجيل.

هني مصطفى (ماستر دراسات سياسية مقارنة)
الالتفاف حول مكتسبات نوفمبر والحيلولة دون المساس بوحدة البلد
 
قال الطالب حفي مصطفى في تصريحه لـ«الشعب»، أنّه «يعتبر جيل الجزائر من طلبة وإطارات الثّورة التّحريرية من المساهمين في التّعريف بالقضية الجزائرية في المحافل الدولية، وكذا بناء الدولة الجزائرية بعد الإستقلال، وترسيخ الشّخصية الوطنية والالتفاف حول مبادئ وقيم الثورة التّحريرية المباركة، رغم كل محاولات طمس مكتسبات ثورة نوفمبر بعد الاستقلال إلاّ أنّه كان لهم دور فعّال في بناء دولة المؤسسات والحيلولة دون المساس بوحدة البلد، ومجابهة مخطّطات الدولة لتقسيم الوطن وتحييد جيل نوفمبر في مسيرة تشييد الوطن.
واضاف في الصدد نفسه، بأنّ جيل الطّلبة الحالي عليه المحافظة على رسالة نوفمبر كمرجعية جامعة لكل أطياف المجتمع، وكإرث يصون وحدة الوطن منذ فجر الإستقلال ضد محاولات التّشكيل في رموز المرجعية الثورية، وكأعظم ثورة في التاريخ الحديث والاعتزاز بالانتماء إلى أمّة ضحّت بالنّفيس من أجل أن تعيش الجزائر حرّة، والمساهمة في حمل المشعل وتنوير الأجيال القادمة بحجم التّضحيات الجسام من أجل طرد المستعمر الغاشم، ورغم إرهاصات العولمة بأبعادها العابرة للحدود إلاّ أنّ طالب الجزائر منذ الاستقلال لا يزال يعتبر ثورتنا المباركة مرجعية أساسية في استكمال مسيرة بناء دولة المؤسّسات، وبعث اقتصاد تنافسي وتنمية مستدامة في الجزائر، والمحافظة على الوحدة الوطنية ضد كل محاولات التّفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

حمادو يوسف باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية
شباب الأمس حمل لواء النضال من السياسة إلى الجبال

أوضح الباحث يوسف حمادو أن ثورة التحرير الجزائرية المجيدة أنعشت سماء الوطن حتى حققت الاستقلال والسلم والأمان بنتيجة اكتسبها وعي الشباب المتشبع بالروح الوطنية وعجل بالانتقال من النضال السياسي إلى العمل المسلح لتنطلق شرارة أول رصاصة للثورة المباركة في الفاتح من نوفمبر 1954 بسواعد شباب جزائري حمل لواء النضال من السياسة إلى الجبال.
إن تجند خيرة أبنائها ملبين بكل ما أوتوا تحقيقا للجزائر التي حلم بها أجدادهم من قبل فالشباب كان ولا يزال هو أساس النهضة والتقدم وهو قلب الوطن النابض وعصب الأمة وروحها وسراجها الوضاء.
في السياق ذاته أكد يوسف حمادو أن سمة شباب ثورة 1954 اتسمت بروح التضحية بالمال والنفس وتقديم الوطن قبل كل شيء إضافة إلى التنازل عن كل ماهو مادي وشخصي تحقيقا للمصلحة العامة همهم الوحيد أن يرضى أطفال ونساء وشيوخ الجزائر جزائرنا حرة ومستقلة. علاوة عن ذلك فإن الجزائري الشاب حينها أبى إلا أن يجعل من  بلد المليون ونصف المليون شهيد مسكنا له لا مفر منه رغم المعاناة على أن يجعل من غيرها بلادا ولو تحققت فيها كل ملذات الحياة فالوطن هو الحياة.
مختتما قوله إن التضحيات شهد بها العدو قبل الصديق متأسفا على ما وصل إليه شباب اليوم قائلا إن القيم تلاشت وتزعزعت بعد مرور 63 سنة منذ الاستقلال فأضحى شبابنا اليوم يقدم نفسه ومصلحته للأسف عن كل ما هو وطني، بل وحتى أصبح بعض شبابنا اليوم لا تعني له هذه الأيام الوطنية الغالية إلا أيام عطل وراحة.