طباعة هذه الصفحة

''الشعب'' تنقـــل واقــــع قطــــــاع البــريــــــد بالعـــاصمة

مكاتب تغرق في النفايات وأخرى تضيق بالزبائن ومواطن يبحث عن خدمة عصرية

استطلاع: زهراء ــ ب

تتخبّط بعض المكاتب البريدية بالعاصمة في وضعية ''لا تحسد عليها''، أثّرت على الخدمات المقدّمة للمواطن الذي أصبح يصطدم في كل مرة وهو يلج أحد المكاتب بطوابير غير متناهية للزبائن، أو بتعطّل الموزّعات الآلية التي نصبت في إطار عصرنة هذا القطاع لتسهيل عملية سحب الأموال، في وقت برمجت الوصاية مخطط عصرنة للقطاع لم تظهر معالمه بعد، وهو المخطط الذي سخّرت له السلطات العمومية ميزانية ضخمة قدّرت بـ ١٤ مليار دينار، في خطوة مواجهة الارتفاع المتزايد للطلب على الخدمات وتحسين نوعيتها وضمان استمرارها.

جولة بسيطة لـ ''الشعب'' بين مكاتب البريد بالعاصمة، جعلتنا نقف على الفرق الواضح بين المكاتب المتواجدة في قلب الأحياء الراقية وتلك الواقعة في الأحياء الشعبية  البداية، كانت من مكتب البريد بتيليملي حيث يقع بالقرب من بناية وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والإتصال، المكتب يكاد يخلو من الزبائن، باستثناء واحد أو اثنين يظهر أنّهم من الموظفين الذين تعوّدوا على النهوض باكرا للالتحاق بالعمل.
وقد برّر أحد الموظّفين ذلك بتفضيل الجزائريين قضاء أعمالهم بعد منتصف النهار خلال شهر رمضان، حيث تتغيّر عاداتهم في هذا الشهر الفضيل، ومع ذلك يتجنّد الموظفون منذ الساعات الأولى لاستقبال الزبائن وتقديم الخدمة في أحسن الظروف، فالمكتب كما بدا مجهّزا بأجهزة الإعلام الآلي والتكييف لضمان تقديم خدمة سريعة للمواطن، وتوفير الأريحية في فصل مجهزا تصل فيه درجات الحرارة إلى أوجها.
عرجنا بعدها على مكتب ديدوش مراد، والساعة كانت تجاوزت العاشرة صباحا، لم يتغيّر المشهد كثيرا باستثناء وجود عدد أكبر من الزبائن أغلبهم كبار السن، لكن ما ظهر جليا أنّ المكتب مجهّز بأحدث التجهيزات، في حين لم تظهر كل تلك الرفاهية في مكتب بريد ساحة أول ماي الذي وجدناه يغص بالمواطنين من مختلف الأعمار والأجناس، البعض منهم جالس والآخرين ينتظرون دورهم وهم واقفين، والبعض الآخر يحاول سحب أمواله من الموزع الآلي وكله أمل في ألاّ يتوقف مثلما يحدث غالبا.
بدا المكتب وهو يحاول لبس حلة جديدة، حيث يخضع إلى عملية ترميم في إطار برنامج عصرنة مكاتب البريد، وهو ما استحسنه الكثيرون خاصة وأنه سيزود بمكيفات هوائية ستلطف حرارة الجو.
النفايات المنزلية تحاصر مكتب بريد الحراش

 في مكتب بريد الحراش، وبالتحديد ذلك الواقع في حي حسان بادي تحوّلت الصورة من النقيض إلى النقيض، فبالرغم من أنّ هذا المكتب ''الصغير'' يقع في قلب حي شعبي معروف بكثافته السكانية العالية، إلاّ أنّه يفتقر للعديد من الوسائل والإمكانيات التي تؤهّله لتقديم أبسط الخدمات، ما زال المكتب يسير بالطريقة التقليدية، ناهيك عن تسجيل نقص في اليد العاملة مثلما صرّحت به إحدى العاملات وهو ما أثّر كذلك على التكفل بطلبات الزبائن في الوقت المناسب.
وما بات يؤرق سكان الحي والزبائن المتردّدين على المكتب النفايات المنزلية التي أصبحت تحاصر مكتب البريد، حيث تحوّل إلى مفرغة عشوائية في ظل صمت السلطات المحلية، مثلما صرّح به أحد المواطنين وهو يخاطب وزير القطاع موسى بن حمادي خلال زيارته التفقدية لهذا المكتب، طالبا منه التدخل لحل المشكل بعد أن التزمت الجهات المعنية المكلّفة بإزالة مثل هذه المظاهر الصمت، وذهب المواطن إلى أبعد من ذلك حينما اتهم السلطات المحلية بالتقصير في مهامها بحيث لم ترد على الطلبات التي رفعها سكان المنطقة، واكتفت بتنظيف المكان ساعات قليلة قبل زيارة الوزير.
والغريب في الأمر، أنّه حينما سألنا عمّن يقف وراء هذه الأكوام من النفايات بدأ كل طرف يتهرب ويحمل الآخر المسؤولية، سكان الحي تنصّلوا من التهمة متحجّجين أن سائقي السيارات المارين بالحي من يقفون وراء هذه المزبلة، وبالتالي هم غير معنيين بإزالتها لأنها مهمة البلدية، في حين حملت السلطات المحلية تدهور محيط المكتب البريدي إلى سكان الحي.
وكان وضع الحديقة التي تتوسّط مكتب البريد ليس بأقل حال من المحيط الخارجي، حيث ظهرت في وضعية كارثية لفتت انتباه وزير القطاع، وجعلته يطالب القائمين على المكتب بتأهيلها وإعادة الاعتبار لها.

تعطّل الموزّعات الآلية والاكتظاظ يؤرقان الزبائن بحسين داي والرويبة

في نفس المكتب ارتفعت بعض الشكاوي من المواطنين بضعف الخدمة المقدمة، حتى أنّ أحد الزبائن تحدى وزير البريد بأن يجد موزعا آليا يعمل في مكاتب البريد ليلا،  وتساءل عن سبب تنصيب هذه الموزعات وصرف أموال طائلة لاستيرادها ولم تستغل، وهو الوضع الذي جعل وزير القطاع يطلب إجراء تحقيق في الأمر فعلى حد قوله لا يوجد أي سبب يجعل هذا المواطن يكذب عليه، في حين طالب بعض الزبائن الآخرين برفع قيمة سحب الأموال من دفتر التوفير والاحتياط من ٢٠ ألف إلى ٢٥ ألف، طلب قوبل بالرفض لأن الأمر مرتبط بإجراءات يعتمدها المكتب لحماية دفتر الزبون.
في مكتب بريد الرويبة، تكرّر مشكل تعطّل موزّعات السحب الآلية، حيث بمجرد دخولنا المكتب تفاجأنا بأحد الموزعين مكتوب عليه ''عذرا آلة السحب لا تعمل''، قابله اكتظاظ في الشبابيك فالمركز الوحيد بالمنطقة لم يعد يستوعب عشرات الزبائن المترددين يوميا، الأمر الذي دفع بوزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال موسى بن حمادي إلى اقتراح إنجاز مكتب جديد ودعم القديم بمناصب عمل جديدة للتجاوب مع كل الطلبات.