طباعة هذه الصفحة

“الشعب” تعود إلى أعالي عين التركي وتنقل حقائق عن المكان

مركز «صعوبة التنفس» والترفيه السياحي بعين النسور جوهرة ضائعة

استطلاع: و.ي. أعرايبي

سياح ألمان افتتنوا بجماله وطيور نادرة بغاباته
 رياضيو النخبة والفريق الوطني بحاجة لمناخه والتحضير بمحيطه

يعد مركز معالجة صعوبة التنفس والترفيه السياحي والتدريب الرياضي بمنطقة عين النسور ببلدية عين التركي في ولاية عين الدفلى، من أهم المراكز الصحية والعلاجية عن طريق الهواء والمحيط الطبيعي والغابي بأعالي زكار على المستوى الوطني، لكن للأسف مازال مهملا ينتظر الترميم وإعادة تأهيله واستغلاله من جديد كهيكل يمتلك كل مواصفات المنتجع السياحي الصحي الذي فقد خصائصه الجمالية وزبائنه، بعدما تعرض للتخريب وتوقيف نشاطه خلال العشرية السوداء.

المرفق الصحي الذي فتح أبوابه سنة 1987 لم تتجاوز مدة استغلاله سوى 7 سنوات ليتعرض للتخريب والتوقف النهائي عن تقديم خدماته للزبائن من المرضى والسياح والرياضيين سنة 1994.
المرفق يقع بأعالي عين النسور بمنطقة زكار التي يتجاوز ارتفاعها 1500 مترا عن مستوى سطح البحر ويتوسط السلاسل الجبلية والمحيطات الغابية، ويتربع على مساحة إجمالية تفوق الهكتارين، لديه قدرة إستيعابية تفوق 200 سرير، بحسب المصالح الصحية، التي عملت به في وقت سابق، كما يحتوي على أجنحة للعلاج وقاعات بيداغوجية لتمدرس الأطفال والمراهقين الذين يتراوح سنهم بين 6 إلى 17 سنة والمصابين بأمراض الحساسية والربو، وكذا الرجال والنساء والشيوخ الذين توفر لهم كل سبل الراحة والتكفل وتقديم الخدمات الضرورية، يقول أحد العمال الذين اشتغلوا بالمركز، منذ أن فتح أبوابه إلى غاية توقفه الاضطراري.
 عن أهمية مناخه وهوائه وغطائه النباتي وغاباته المتنوعة الأشجار، أوضح محدثنا أن هذه الميزة جعلته مقصدا للزوار والمرضى الذين يبحثون عن الراحة ومعالجة الجهاز التنفسي المصاب بالإضطرابات المتكررة والمؤقتة، حيث يجد فيه جسم الإنسان سواء كان مريضا أو سليما انتعاشا كبيرا على مستوى البنية الجسدية والنفسية وبالإضافة إلى الجانب العقلي، أين يحقق الزائر والمريض هدوءا عقليا وراحة بال لا يعرفها إلا من حل بالمنطقة بمنظرها الشاعري ورونقها الجمالي وسط نسيم عليل بعيد عن أي تلوث هوائي وبيئي، يشير مرافقونا، من أبناء المنطقة الذين رفضوا النزوح نحو المناطق الحضرية زمن التدهور الأمني الذي قاومه السكان على قلتهم إلى جانب عناصر الجيش والحرس البلدي والدفاع الذاتي، مما عجل بدحر الجماعات الإجرامية تحت ضربات هؤلاء، يقول محدثونا بعين المكان.

الفريق الوطني مرّ من هنا سنة 1982

«عين النسور” مصحة علاجية مفتوحة على الطبيعة والهواء، يشعر زائرها بحيوية ونشاط، كما تفتح له شهية الأكل والإحساس بالهدوء ومتعة الارتخاء، يقول نفس الإطار الصحي الذي رافقنا إلى المرتفعات الشاهقة التي تخترق في كثير

من الفترات سحابة الضباب والغيوم القارة بين خيوط الشمس لتنسج فضاء حالما وشعورا بدفء المكان وروعته يجعل الزائر يشعر بخفة وزنه ونشاط أطراف جسمه، على حد قول العامل بالجناح الصحي الذي كشف عن مئات من مروا من هنا خاصة الشخصيات الوطنية والسياسيين الكبار ورجال الأعمال والأطفال والشباب المرضى.
الوقفة بعين النسور ساحرة والوصول إليها عبر هذه المسالك والمنعرجات تجعل صاحبها مشدودا بمناظر سياحية خلابة بدءا من الطريق الولائي الرابط بين عين التركي ومليانة، حيث يتفرع الطريق بالنقطة المسماة عين الناموس بإتجاه مسلك يأخذ شكل الحلزون الملفوف بأشجار الصنوبر الحلبي وفاكهة حب الملوك “ الكرز” ذي النوعية القريبة من التين، يقول عضو مجلس الأمة أوعمر بورزق الذي شغل منصب رئيس البلدية الأسبق، وقد أكد لنا بأن عين النسور كانت مزارا للكثير من السياح الألمان الشغوفين باصطياد الطيور النادرة التي مازالت أنواع منها تجوب الغابات وقمم المرتفعات بالناحية، قبل سنوات الإرهاب الذي ولى بعدما سحقته القوات المشتركة بكل عزم وإصرار، يشير ذات البرلماني الذي حمل السلاح آنذاك في وجه الإرهاب.
 بالإضافة إلى طابعها السياحي والعلاجي والترفيهي، جلبت عين النسور أنظار الرياضيين وخاصة النخبة حيث حل الفريق الوطني لكرة القدم بنجومه سنة 1982 ضيفا على المنطقة لإجراء تربص وقد أقام بمرتفعات عين النسور، حيث وجد الجو مناسبا للتدريب في قمم المرتفعات والإسترخاء والتنفس، بحسب تصريحات المشرفين عن الفريق آنذاك والذين وجدوا كل التسهيلات والظروف الملائمة، يشير محدثنا.

«عين النسور” موقع يخدم عين الدفلى وتيبازة

 بخصوص أهمية المنطقة، أكد لنا والي عين الدفلى بن يوسف عزيز، أن عين النسور موقع له أهمية بالنسبة لمنطقتنا وولاية تيبازة لذا هناك تنسيق بين الولايتين لتهيئة الطريق والتكفل بالإنشغالات المطروحة بذات الناحية. أما بشأن المرفق وطبيعته الحالية وما يحتاجه من تهيئة وترميمات، فقد أمر ذات المسؤول مصالح هيئة المراقبة التقنية لإجراء فحص تقني مدقق مع الشروع في دراسة معمقة من طرف مصالح “سونلغاز” والري والأشغال العمومية للوقوف على الأشغال التي يحتاجها المركز ولواحقه كالطريق الرابط بين ذات المرفق والمسك المؤدي لمناطق ولاية تيبازة بذات الناحية.
بنظر مدير السياحة لعين الدفلى، فإن انجاز وتهيئة مركز التنفس لعين النسور من شأنه فتح أفاق كبيرة لتطوير الجانب السياحي والترفيهي والرياضي، كما أكد لنا مدير الشبيبة والرياضة الذي تم ترقيته مؤخرا إلى مدير مركزي بالوزارة بختي محمد لمين، أن إدارة قطاعه مستعدة لتشجيع مثل هذه الإنجازات الخاصة بالمرافق الرياضية المخصصة للتربصات وتقوية العضلات الخاصة وبفرق النخبة ولما لا الفريق الوطني بإعتبار المكان يتوفر على كل المواصفات، يقول ذات المدير.
هذا ويسهر الجيش الوطني الشعبي على توفير الأمن وزرع السكينة، بعدما تم تطهير الناحية من كل المخاطر الأمنية التي عرفتها في السنوات المنصرمة، وهو ما وقفنا عليه ميدانيا خلال هذه المعاينة لمركز عين النسور والمناطق المجاورة لها بتراب ولايتي عين الدفلى وتيبازة.
 
مشروع لغرس أشجار الكرز على مساحة 400 هكتار

أكد مدير الغابات جمال طواهرية أن مصالح الغابات خصصت برنامجا كبيرا يتربع على مساحة 400 هكتار لغرس أشجار الكرز بهدف تجديد المساحات القديمة وتدعيم النسيج الغابي المحيط بمركز معالجة نقص التنفس. بحسب ذات المسؤول، فإن العملية تكتسي طابعا إقتصاديا من شأنه الزيادة في منتوج هذه الفاكهة وجعلها في متناول الجميع من حيث شراؤها مع توفير اليد العاملة وإعادة هذا النوع من المنتوج إلى سابق عهده، تدعيما وإحياء لعيد الكرز في إحتفاليته السنوية التي ينتظرها أبناء مناطق كل من مليانة وعين التركي، يشير محدثنا، الذي تعهد بإنجاز هذا المشروع في وقته المحدد والذي يدخل ضمن أولويات مديرية الغابات بالولاية، يقول جمال طواهرية، بالإضافة إلى إنتاج الفلين ضمن المشاريع الإستثمارية المبرمجة في قطاعه.  تحدث سكان المنطقة عن النوعية التي تزخر بها منطقتهم في إنتاج الكرز خلافا عن الولايات الأخرى، حيث تتميز بالجودة واللون الأسود الذي يميل للاحمرار مع مذاقه المتميز.

في انتظار تحرك وزارتي السياحة والصحة...عائلات تحلم بالعودة

لم يتأخر السكان الذين زاروا المركز سابقا في استرجاع ذكريات الزيارات التي طالما قادتهم إما بهدف العلاج أو الراحة أو التمتع بجمال وسحر الطبيعة وهوائها النقي نقاوة محيطها الغابي، يقول أحمد. ع، البالغ من العمر65 سنة وصديقه علي. بـ 63 عاما اللذين يأملان في تحرك السلطات الولائية لتجسيد أمنيتهما بقضاء أيام بالمركز وممارسة رياضة المشي وتسلق الجبال التي استهوتهما أيام منتصف الثمانينيات يقول محدثنا. وهو نفس الإنطباع الذي سجلته خالتي عائشة التي إلتقينا بها في سوق الخضر والفواكه بخميس مليانة، حيث دأبت على زيارة المركز، كل نهاية أسبوع، رفقة زوجها عبد الجليل... “كانت راحتنا هناك وأشارت بيدها نحو مرتفعات زكار”.
هذه الأمنية قد تعيد لعين النسور نشاطها وحركيتها إذا ما تحركت وزارتا السياحة والصحة لدفع هذا المشروع الذي تعهد الوالي بتجسيده وإحيائه وهذا بمساعدة السلطات المركزية بتوفير الإمكانيات المالية والتأطير البشري من مختصين وممرضين وأطباء وهياكل جوارية مدعمة للمركز وانجاز مرافق رياضية ومحلات تجارية خاصة بالصناعة التقليدية ليكون موردا صحيا وسياحيا بإمتياز، يقول محدثونا من أبناء بلدية عين التركي، رفقة عضو مجلس الأمة أوعمر بورزق.