طباعة هذه الصفحة

«الشعب» تزور صالون التكوين المهني بقصر المعارض

انجازات معاهد التكوين خلال عشريتين في الواجهة

استطلاع :سهام بوعموشة

أثمرت جهود الاستثمار في قطاع التكوين المهني منذ سنة 1999 إلى غاية اليوم بنتائج في غاية الاهمية جسدتها يد عاملة جزائرية مؤهلة دون الإستعانة بالأجانب، بحيث  أضحى القطاع البوابة الرئيسية لسوق الشغل، بفضل  التكوين التطبيقي خاصة عبر نمط التمهين الذي يمنح للمتربص شهادة الكفاءة المهنية.
الإحصاءات المسجلة في التكوين المهني غيرت الذهنية القائلة بأن «الفاشلين في الدراسة هم من يتوجهون نحو مراكز التكوين المهني»، الدليل على ذلك انجازات المتربصين التي تم عرضها بصالون الخاص بالقطاع في الصافيكس وكذا عروض معاهد ومراكز التكوين لتخصصات تتكيف مع متطلبات المؤسسات الاقتصادية، بل أن بعض المعاهد تمنح شهادة معترف بها، هذا ما لمسته جريدة «الشعب» لدى تجولها في أجنحة المعرض الذي كان بحق وجهة الشباب.
من التخصصات الجديدة التي اكتشفناها خلال تجولنا بأجنحة معرض انجازات قطاع التكوين والتعليم المهنيين من 1999 إلى 2018، المنظم بقصر المعارض  تخصص تسيير المخاطر، الوقاية، الصحة والأمن في أماكن العمل الذي يمنحه المعهد الوطني المتخصص في النظافة، الأمن والبيئة بالحجوط ولاية تيبازة.

 مدير المعهد عبد الكريم هندو: أدرجنا هذا التخصص استجابة لطلب اقتصادي
قال مدير المعهد عبد الكريم هندو ل«الشعب»:« ان المعهد أنشئ سنة 2001، للمترشحين الراغبين في الحصول على شهادة تقني سامي في هذا التخصص بعد 30 شهرا من التكوين، خاصة بعدما فرض إرتداء كل عامل داخل المؤسسة لباس خاص، وتكوين مستشارين في البيئة لديهم القدرة على التدخل أو إستباق المخاطر داخل المؤسسة لتفادي الأضرار الجسيمة سواء البشرية أو المادية.»
ويأتي إدراج هذا التخصص في إطار التمهين، نظرا للطلب الملح للمؤسسات على توفير موارد بشرية في هذا التخصص، وعيا منها باهمية تجنب المخاطر ومتابعة كل التدابير الوقائية للأجهزة والعمال من طرف فريق عمل من المستشارين.
في هذا الشأن أوضح  مدير المعهد قائلا :« بدانا التكوين في اختصاصات المكتبية، بعدها في سنة 2006 أدرج تخصصات جديدة، مما فرض عليه التوجه نحو التخصصات التي  تتأقلم  مع متطلبات القطاع الإقتصادي، وسوق الشغل، بحيث أصبح المعهد خزانا لتخرج موارد بشرية وفقا لإحتياجات المؤسسات الإقتصادية الكبرى لاسيما شركة سوناطراك، التي تريد عمال في هذا التخصص لمتابعة إجراءات أمن الأجهزة والعمال على مستوى فروعها في الجنوب وتحسيسهم».
وواصل مدير المعهد: «في 2015 شرعنا في دراسة هذا التخصص، أن الشاب الذي يحصل على التكوين في هذا التخصص لا يعرف البطالة كونه يملك شهادة تقني سامي ذات مستوى تأهيلي».
علما أن المترشحين ذوي السنة الثالثة ثانوي، يمكنهم القيام بتربص في هذا التخصص الجديد، بما في ذلك الجامعيين الذين جمدوا  دراستهم وتوجهوا نحو المعهد للقيام بتربص، لأن الإنشغال الأكبر  للشاب هو ايجاد منصب عمل قار،و هذا التخصص يسمح لهم بالاندماج مباشرة في سوق الشغل على عكس الذين يقومون بتكوين نظري، خاصة وأن هذه  الشهادة معترف بها دوليا ما جعل المترشحين الأجانب يقبلون على المعهد للاستفادة من التكوين يؤهلهم لمواصلة الدراسة بجامعة فرنسية، جلهم من  دول إفريقية كالكاميرون، بحيث أن قدرات الإستقبال تقدر بـ300 مقعد بيداغوجي ويمكن أن يستقبل المعهد عدد أكثر خاصة في نمط التكوين عن طريق التمهين الأكثر طلبا، كونه غير محدد بالمقاعد البيداغوجية، والباب مفتوح لكل الشباب قال مدير المعهد.

إتفاقية مع وزارة الصحة لتأهيل المستخدمين بالمستشفيات بداية   سبتمبر

أشار هندو إلى أن المعهد يمكنه استقبال مترشحين من الولايات المجاورة ليتبازة، كالبليدة، الشلف، عين الدفلة والجزائر، ولديه النظام الإقامي لمن يرغب في ذلك، أما نمط التمهين يكون بين المؤسسة والمعهد أي القسم الأكبر من التكوين يكون على مستوى المؤسسة واليومين الباقيين يتلقى المتربص دروسا نظرية بالمعهد.
في هذا السياق، كشف هندو عن اتفاقية أبرمت مؤخرا مع قطاع الصحة لتكوين مستخدمين بداية سبتمبر، في إطار التكوين المتواصل وتأهيل الموظفين على مستوى مستشفيات ولاية تيبازة.

عبد القادر المهدي: متخرجون أصبحوا إطارات في مؤسسات
يعتبر المعهد المتخصص في صناعة الأغذية الفلاحية بالبليدة عينة أخرى من المعاهد التي تقوم بتكوين الشباب، وكانت أول دفعة تخرجت سنة 2000 وفي السنة الموالية بدأ التحضير للبرامج والأجهزة للشروع في التكوين في تخصص جديد هو شهادة  تقني سامي  معالجة المياه وتم الاتصال بالأساتذة الجامعيين في الكيمياء الصناعية تخصص هندسة و بيئة بجامعة البليدة  قاموا بعملية التأطير، بحيث تخرجت أول دفعة سنة 2005 تضم ثلاثين شابا وأغلبيتهم أصبحوا مسؤولين وإطارات ذات كفاءة بمؤسسات منها محطة «سيال» بمزفران.
قال مدير الدراسات بالمعهد عبد القادر المهدي حجالة:« أن التفكير في البداية منصب على مهنة معالجة المياه التي تتولاها كل وحدة صناعية لهذا اعطيت للشباب فرص التكوين والعمل في هذا المجال، وقد كان الإقبال والاستجابة كبيرة من طرف المؤسسات الخاصة والمقاولين الذين قاموا بأنفسهم بتربص داخل المعهد، الذي يمنح الدروس التطبيقية والنظرية في نمط التمهين، كما أن الشهادة معترف بها دوليا، مما جعل الجامعيين خلال السنوات الأخيرة يتوقفون عن الدراسة للقيام بتربص قصد إيجاد منصب شغل في وقت وجيز.»
في هذا الصدد أشار المهدي إلى أن الذهنية تغيرت وأصبح التكوين المهني يجذب الشباب أكثر ولم يعد ذلك المفهوم بأن الموجهين لهذا القطاع، هم الأشخاص الفاشلين، خاصة وأن الدول الأجنبية تعتمد هذا النمط التكويني.
علما أن المتحصلين على مستوى الثالثة ثانوي إلى غاية 30 جوان يمكنهم التسجيل في هذا التخصص. بحيث تقدر طاقة استقبال المعهد  450 مترشح، وما بين 120 و200 مترشح يتم استقبالهم، إضافة إلى المتربصين الأجانب  من 12 جنسية وهي  الكاميرون، مالي، النيجر والطوغو، بحكم وجود اتفاقية في إطار الشراكة.
 وهؤلاء المتربصون الأفارقة لديهم منحة  يتكونون بالجزائر لتكون معبر لهم نحو أوروبا قال عنها مدير المعهد :« هم يقومون بإشهار للمعهد عند ذهابهم إلى أوروبا  لمواصلة دراستهم لأن شهادتهم معترف بها، المعهد يفتخر بتخرج متربصين  أصبحوا مسؤولين كبار واطارات مسيرة.» موجها رسالة لكل الشباب الراغب في الحصول على تربص على مستوى المعهد بأن أبواب التسجيلات مفتوحة.

المديرة  زيغودة: اختصاصات تتلاءم مع طبيعة الإعاقة
بالمقابل، يعد مركز التكوين المهني والتمهين الشهيد بلعالم سعيد الموجه للأشخاص المعاقين جسديا، بالطرق الأربعة بالقبة، من المراكز التي تتكفل بتكوين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وهم المعاقين بصريا، حركيا وسمعيا في التخصصات التي يوفرها، بحيث يوجه المترشحين المعاقين جسديا نحو الاختصاص الملائم مع طبيعة الإعاقة  أي القدرات الجسدية والتحصيل العلمي، بحيث يستقبل ما بين 120 إلى 140 متربص معاق، علما أن طاقة الإستقبال 300 متربص سنويا.
 في هذا الصدد أوضحت  المديرة زيغودة صبرينة أن المركز يختلف عن المراكز الأخرى كونه يتعامل مع فئة حساسة جدا في المجتمع، يستوجب الإعتناء بها من الناحية النفسية قبل الدخول في الميدان العملي كي لا تشعر بعقدة الإعاقة، بحيث توجد لجنة تتكون من طبيب يقوم بتشخيص الوضعية الصحية للمترشح ومختص نفساني عيادي يشخص التطور النفسي الحركي، وكذا مستشارة التوجيه والتقييم والإدماج المهنيين تساعد المتربص المعاق على إختيار التخصص حسب طبيعة الإعاقة، الرغبة والقدرات المعرفية للمترشح.
ومن أكثر التخصصات التي يقبل عليها المترشح المعاق، النحاسيات والخزف، الفخار، الحلويات، الخياطة والطرز.
 علما أن المركز يمنح تكوين في   مجال عون حفظ البيانات، الأمانة،  عامل في الميكرو معلوماتية، عامل المقسم الهاتفي، النجارة المعمارية، الخياطة، الطرز، النحاسيات، الطلاء وتركيب الزجاج، صناعة الحلويات، الخزف، إعلام ألي براي، مبادئ في الاعلام الآلي وكل تخصص يمنح  شهادات الكفاءة المهنية،  التحكم المهني، شهادة التكوين المهني المتخصصة، وشهادة التأهيل.
موازاة مع ذلك، يضمن المركز  نمطين من التكوين الأول  إقامي منظم حسب حصص نظرية وتطبيقية، وتربص تطبيقي في القطاع المستعمل،  والتكوين عن طريق التمهين يتم بصفة متناوبة بالوحدات الاقتصادية عامة وخاصة، أما الجانب النظري فيتم بالمركز يوم في الأسبوع،  وشروط القبول تبدأ من المستوى الدراسي دون الرابع متوسط، ويكون سن المترشح من 16 سنة فما فوق. في هذا السياق، قالت مديرة المركز أن المتربص المعاق يستفيد بمراحل تكوينية، أولا مرحلة التكوين التحضيري عبر تحسين مستواه لبرنامج، وإعطاءه كل المعلومات القاعدية المتعلقة بالإختصاص، ومدة هذه المرحلة من 3 الى 6 أشهر، ثانيا مرحلة التكوين التي يتحصل فيها المتربص على المعرفة وحسن التصرف مع تقديم حصص نظرية وتطبيقية وتربص تطبيقي في الميدان.
علاوة على ذلك يستفيد المتربص من نظام داخلي للفتيات ب60 سرير، وللذكور بقدرة استقبال 30 سريرا، قاعة للمطالعة مع فضاء للإنترنيت وقاعة للرياضة مجهزة، كما يوفر عطل نهاية الأسبوع عبر نزهات للراحة والترفيه.

المتربص المعاق لا يحظى باستقبال من طرف المؤسسة

لكن بالرغم من قدرة هذه الفئة على إنجاز أشياء كبيرة، إلا أن المؤسسات الإقتصادية ترفض إدماجها في منصب عمل مثلما ينص القانون، بحجة أنها عبء على المؤسسة، بحيث أن المركز لم يتلق طلبات لإدماج معاق داخل المؤسسة وهذا ما تأسفت له   زيغودة، قائلة: «التكفل بالمتربص المعاق في الميدان العملي ضعيفة ولا توجد متابعة، نحن نقوم بتكوين متربصين مؤهلين وبشهادات ذات كفاءة مهنية وأشجعهم على القيام بتربصات، لكن لا تستقبلهم المؤسسات». وأضافت أن المؤسسات لم تفكر في تخصيص حصة من ميزانيتها، لهذه الفئة وإعطاءها فرصة للعمل، مما يحبط من عزيمتها، داعية لتغيير الذهنيات وتشجيع المعاق لأن لديه قدرات غارقة ويمكنه المساهمة في المجتمع والإقتصاد الوطني.
بالمقابل، أبدى المتربصين استحسانهم للمجهودات التي بذلتها الدولة الجزائرية في قطاع التكوين المهني الذي شهد تطورا كبيرا منذ سنة 1999، من خلال عروض التكوين التي تقدمها المعاهد ومراكز التكوين للشباب الذين لم يسعفهم الحظ في مواصلة دراستهم بالمؤسسات التنظيمية، بل أصبحت شهاداتهم مفتاح  لولوج عالم الشغل مباشرة.