طباعة هذه الصفحة

نايل سليمان أستاذ التاريخ بجامعة سوق اهراس  لـ «الشعب»:

هجومات الشمال القسنطيني متنفس للقاعدة الشرقية

اجرى الحوار: سمير العيفة

كان لهجومات الشمال القسنطيني اثرها الايجابي على الثورة التحريرية ، وخاصة على القاعدة الشرقية للثورة وكذا خطوط التموين الشرقية بالعتاد والسلاح ، ماهي الاستراتيجيات التي فرضت من اجل تطويق قوات الاحتلال الفرنسي وكسر حصاراتها والتعتيم السياسي والاعلامي ؟ انها اسئلة طرحناها على أستاذ التاريخ «نايل سليمان « بجامعة محمد الشريف مساعدية في سوق أهراس فكانت اجابته ضمن هذا الحوار.
-  الشعب : ماهي الأبعاد العسكرية والسياسية لهجومات الشمال القسنطيني على القاعدة الشرقية للثورة التحريرية ؟
 الأستاذ نايل سليمان: كبعد سياسي تم أخذه بعين الاعتبار آنذاك ، فقد  جاءت هجومات 20 أوت 1955 لتجد منطقة الشمال القسنطيني نفسها مقحمة بصفة مباشرة كجزء من الجزائر المكافحة، لتساهم بشكل لافت في هذا التغيير بمجرى أحداث الثورة. فقد اختارت قيادة المنطقة الثانية موعد الذكرى الثانية لنفي الملك محمد الخامس لتخوض معارك مفتوحة وهجمات طالت العديد من المدن، ولم يكن تناغم هذه الأحداث وليد صدفة، ذلك أن مهندس الأحداث قائد المنطقة زيغود يوسف كان يدرك أهمية التضامن مع كفاح الأشقاء المغربيين، ويكون مسؤوله ديدوش مراد المطلع على ملف القضية المغربية قد ساعد على بلورة مثل هذا الشعور، وقد أكد بن طوبال على حضور التضامن المغاربي في تفكير قادة المنطقة.
- على المستوى العسكري ؟
 أما على مستوى البعد العسكري فعلا كانت هجومات الشمال القسنطيني متنفسا حقيقيا على الحدود الشرقية للثورة التحريرية بعد تشديد الخناق بعد ذلك ما سمح بتمرير كميات هائلة من السلاح والمؤونة إلى جبال قالمة وبني صالح على الحدود المتاخمة لكل من ولايتي سكيكدة عنابة قسنطينة .
الأسلحة من الحدود الشرقية وبالتالي تعزيز الخلفية والقاعدة الشرقية للثورة من منطلق توزيع الثورة على مستوى التراب الوطني آنذاك الأمر الذي يستدعي تشتيت قوات المستعمر وتفكيك تمركزه والذي كان موجها بصورة كبيرة اتجاه منطقة الاوراس مهد الثورة التحريرية.
-  ما هي أهم النتائج التي ترتبت عن هجومات الشمال القسنطيني داخليا وخارجيا ؟
 أهم ما تمخض عن هجومات الشمال القسنطيني ترتيب وحدة الشعب والتفافه داخليا حول الثورة التحريرية ، ودحض الادعاءات الفرنسية بأنها ثورات متقطعة لا تتجاوز منطقة الاوراس  خاصة بعد استشهاد مصطفى بن بولعيد  ، أيضا بعد الهجومات دخلت الثورة التحريرية في مرحلة الحسم الذي كان ينتظره الشعب الجزائري ،وبالتالي إبطال مشروع «جاك سوستال « الرامي إلى فصل الشعب عن الثورة .
خارجيا كان لهجومات الشمال القسنطيني صدى دولي  من خلال لفت أنظار الرأي العام العالمي لما يجري في الجزائر ودور إقليمي عربي ، خاصة وتضامن الثورة والملك المغربي محمد الخامس ،أيضا كان هناك تعاطف دولي كبير خاصة على المستوى المغاربي مع الثورة التحريرية ، وبالتالي تسهيل ربط الثورة بمحيطها الخارجي عكس ما سعت إليه الإدارة الاستعمارية آنذاك في محاولة منها لعزل الثورة وبالتالي يسهل تضييق الخناق عليها وإخمادها.
وهذا ما انعكس بصورة كبيرة إلى الكميات الهائلة من الأسلحة التي كانت تدخل على الشريط الحدودي الشرقي من الجارة تونس ،وهذه العملية نتيجة مباشرة للتعاطف الكبير والمصير الواحد الذي باتت كل من تونس والمغرب يحسونه في تعاطيهم مع الثورة الجزائرية باعتبارها خارطة طريق لانعتاق المنطقة برمتها من ويلات الاحتلال الفرنسي آنذاك .