طباعة هذه الصفحة

الدكتور إدريس عطية لـ«الشعب»:

الإتحاد الإفريقي أكبر داعم للقضية الصّحراوية

حوار: إيمان كافي

 

لطالما شكّل موقف الإتحاد الإفريقي الداعم للقضية الصحراوية، والتزامه بالاحتكام للشرعية الدولية وتجسيد قرارات ولوائح الأمم   المتحدة في تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة بالقارة السمراء، أحد الانتصارات التي تعزز عدالة القضية، وتقف بالمرصاد ضد مناورات الاحتلال المغربي، الذي يسعى من خلال عودته للمنتظم القاري الى زعزعة المكانة التي أصبحت الجمهورية الصحراوية تحظى بها في أفريقيا  .
 للوقوف عند الدور الذي يلعبه الاتحاد الافريقي في دعم القضية الصحراوية   ولمعرفة موقعه من  المفاوضات المرتقبة شهر ديسمبر  في جنيف  بين البوليساريووالمغرب، حاورت «الشعب» الدكتور إدريس عطية أستاذ  العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة تبسة   فكانت الاجوبة التالية.


الشعب: حاول المغرب بداية الشهر،منع وفد الصحراء الغربية من حضور اجتماع الشراكة السابع بين  اليابان والاتحاد الافريقي  الذي احتضنته طوكيو، ونفس السلوك الشاذ مارسه  مرات من قبل  لمنع المشاركة الصحراوية في اجتماعات يعقدها المنتظم القاري، رغم أن الصحراء الغربية عضومؤسس  للاتحاد الافريقي، ولها كل الحق في حضور اجتماعاته، ما أهداف المغرب من هذا التصرف ؟
إدريس عطية: المغرب، منذ تأسيس جبهة البوليساريووهويحاصر نشاطها في كل عواصم العالم، ويعمل بشكل دائم على إجهاض أي نشاط سياسي أودبلوماسي دولي للصحراويين، حيث خرج المغرب من عضوية منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984 وعاد  للانضمام مرة ثانية للاتحاد الإفريقي في جانفي 2017 بسبب الصحراء الغربية، لقد كان يعتقد  بأنه بعودته لحظيرة الاتحاد الإفريقي، سيتم سحب اعتراف هذا الاخير بالجمهورية الصحراوية، لكن نظام المخزن لا يعرف بأن ميثاق الاتحاد الإفريقي يرغمه ضمنيا  على الاعتراف بالصحراء الغربية كدولة جارة.
وأمام هذا الإحراج الدولي والدبلوماسي ،أصبحت المملكة المغربية تتخبط إزاء هذا الوضع القانوني الذي دخلته بإرادتها وهي تعمل اليوم في كل المحافل الدولية على غرار ما وقع في طوكيواليابانية مؤخرا وقبلها في عدّة اجتماعات على  محاولة استبعاد ممثلي الصحراء الغربية، ومنعهم من المشاركة أوالمرافعة لصالح قضيتهم، على أساس أنها آخر المستعمرات الإفريقية ليبقى هذا الأمر متوقعا في السلوك الخارجي للمغرب تجاه الصحراويين،لأنه يدرك بأن اعتراف القوى الدولية بأحقية الصحراء الغربية في تقرير المصير،سوف يعجّل باستقلالها، وسيشكل ضغطا على المغرب في المحافل الدولية، بل سيسبب إحراجا سياسيا وأخلاقيا وقانونيا لهذا الاخير، خاصة أمام الرأي العام الدولي وأمام المنظمات الحقوقية.
أعتقد بأن المغرب حاول عرقلة المشاركة الصحراوية في كل الاجتماعات التي عقدها الاتحاد الافريقي، كالقمة الافريقية الأوروبية التي انعقدت بكوت ديفوار، واجتماع وزراء الخارجية ل15 دولة افريقية بينها الجمهورية الصحراوية في ماي الماضي بأديس أبابا، وقبلها وتحديدا في سبتمبر من العام الماضي  حاول افشال الاجتماع التشاوري على مستوى الخبراء في المجال الصحي للاتحاد الافريقي والذي نظمته مفوضية الاتحاد الافريقي على مستوى خبراء دول اقليم شمال افريقيا بهدف اجراء مشاورات اقليمية للدول الاعضاء من اجل تفعيل المركز الافريقي لمراقبة الامراض والوقاية منها.
 ألا تتفقون معي في كون عودة المغرب  للانضمام مجددا  الى الاتحاد الإفريقي كان بهدف محاصرة القضية الصحراوية إفريقيا وضرب انتصاراتها بعد أن سببت له سياسة الكرسي الشاغر انتكاسة كبيرة؟
@@ نعم لقد قلت في بداية كلامي أن المغرب انسحب  من الاتحاد الافريقي بسبب قضية الصحراء الغربية سنة 1984، وعاد  بسببها بعد 33 سنة، لكن  عودته لن  تجديه نفعا في إجهاض المقاومة السلمية الصحراوية  من أجل الاستقلال.
كيف تقيّمون الدعم الإفريقي للقضية الصحراوية؟
@@ ينبغي القول هنا أن قارة إفريقيا التي عانت ويلات الاستعمار وطرقه الهمجية في استنزاف الثروات واستعباد البشر، تعمل بكل قوة من أجل إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء الغربية.
والاتحاد الإفريقي هنا يتوافق مع تصورات الأمم المتحدة في تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية،ويلتزم بضرورة تقرير المصير للشعب الصحراوي وأعتقد أن آلية الاتحاد الإفريقي للخروج بحل لفائدة القضية الصحراوية تعمل باستمرار وتدعم هذا الملف، هذا فضلا عن جهود الاتحاد لإدماج الصحراء الغربية في العديد من الآليات مثل قدرة لواء شمال إفريقيا أوبعض اللجان التابعة للاتحاد وكذلك إدماج عضويتها في الأفريبول، وكل هذا من أجل كسب اعترافات بالقضية وجلب تعاملات رسمية مع الصحراء الغربية كدولة كاملة الأركان من منظور إفريقي.
 القضية الصحراوية  مطروحة اليوم بين أيدي المنظمة الأممية، ومع ذلك    يعوّل الصحراويون كثيرا على  الاتحاد الإفريقي ليدعم جهود حلها  ما قولكم؟
@@ الجميل والجديد بالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة، أنها تضع القضية الصحراوية في أجندتها السنوية، فضلا عن تكليفها دائما لمبعوث أممي خاص ليتابع تطوراتها ويبحث عن حلول لها، وقد تقرر مؤخرا  استئناف المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع  (المغرب والبوليساريو) في ديسمبر القادم، وتعلق كل من الصحراء الغربية والأمم المتحدة الكثير من الآمال على هذا اللقاء للتوافق حول أجندة زمنية لتقرير مصير الشعب الصحراوي.
كما سيشارك الاتحاد الإفريقي كمؤسسة قارية في هذه المفاوضات الجديدة من خلال مجلس السلم والأمن الإفريقي، والذي يضع القضية الصحراوية كملف أمني يقع دائما في أولويات عمل المجلس، وأعتقد أن رأي الاتحاد الإفريقي سيحظى بقبول كبير من قبل الأمم المتحدة، وربما تقرر المنظمة الأممية بتفويض الاتحاد الإفريقي ببعض الصلاحيات الأممية لصالح القضية الصحراوية لأنه من بين أهم المؤسسات الدولية فاعلية ونشاطا.
 ألا تعتقدون بأن  المبعوث الأممي هورست كوهلر سيتمكن من تحقيق ما فشل عن تحقيقه  من سبقوه  ؟
@@ المبعوث الأممي هورست كوهلر رئيس ألماني سابق،عينته الأمم المتحدة مبعوثا خاصا للصحراء الغربية منذ أفريل 2017  خلفا للأمريكي كريستوفر روس الذي اصطدم بعراقيل مغربية عديدة حالت دون تحقيقه تقدما في مجال حل القضية .
وبالنظر الى تجربته وبراغماتيته، فإن  تواجده على رأس الملف الصحرواي يبشر بالخير، وحتى الآن، استطاع الرجل ان يضع  القضية على مسارها  الصحيح، فقط  نخشى من التعنت المغربي والتواطؤ الدولي   اللذان قد يجهضان جهوده.
ما هي وجهة نظركم إزاء مفاوضات السلام المرتقبة؟
@@ أعتقد أن لقاء جنيف المزمع عقده في ديسمبر المقبل سيباشر مفاوضات حقيقية لصالح الصحراويين، لأن المغرب لا خيار لديه خلاف ذلك، خاصة أنه أصبح محصورا في الملف الصحراوي ويمر بفترة حرجة أمام الرأي العام الدولي، ناهيك عن مشاكله الداخلية كحراك الريف واحتجاجات الفقراء والبطالين.