طباعة هذه الصفحة

استشــــــراف المغـــــرب العـــربي

 

ما هو مستقبل اتحاد المغرب العربي في ضوء أمل شعوب المنطقة وواقع الاتحاد المقيد بالاعتبارات السياسية، خاصة وأن ربع قرن مضى عن توقيع معاهدة انشاء اتحاد الدول المغاربية العام 1989.
 اتفاقيات تنتظر التجسيد
 أعقب معاهدة انشاء اتحاد الدول المغاربية التوقيع على 27 اتفاقية أبرزها على الاطلاق اتفاقية (اعلان إقامة منطقة التبادل الحر – 1994) لم يدخل حيز التنفيذ منها سوى سبع اتفاقيات أهمها اتفاقية (المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية)، ولو تمكن قادة دول الاتحاد إطلاق مبادرة مشتركة لتفعيل هذه الاتفاقيات - التي يرجع التوقيع على البعض منها إلى العام 1990 – لأمكن اقتناص فرص جديدة للنمو على آفاق العام 2025 لا تقل عن نقطتين اثنتين على سلم النمو الكلي حسب الخبراء .
قد يكون من الصعب تحقيق أمل المبادرة المشتركة في المدى القصير بسبب إشكاليات اقليمية معروفة والتحولات السياسية والأمنية في ليبيا، ولكن المسارات الثنائية ستسمح بكل تأكيد بحصد نتائج الاتفاقيات التجارية المبرمة للرفع من نسبة التبادل التجاري الى مستوى أفضل من الـ 3 بالمائة الحالية، وفي الحالة الجزائرية التونسية تظل وضع حيز التنفيذ اتفاقية التفضيلات التجارية أبرز رهان للتعاون الأخوي بين البلدين تجاوز مستوى المبادلات التجارية الـ 1.4 مليار دولار حاليا.
نظام الأفضليات التجارية
في كل الرقع الاقتصادية في العالم تحقق الاندماج الاقتصادي بفضل (نظام الأفضليات التجارية) الذي سمح لأوربا مثلا من الانتقال في غضون 40 سنة من سوق مشتركة الى اتحاد اقتصادي متكامل.
ويندرج مفهوم الأفضليات التجارية ضمن مقاربة تحرير التجارة البينية وتسهيلات التجارة، ويلي الخطوة التي يتم عندها وضع بروتوكول خطة التعريفية التفضيلية. ويفترض أن يغطي نظام الأفضليات التجارية موضوعات: منشأ المنتج، قواعد الحماية، التفكيك الجمركي ، مكافحة الاغراق، تسهيلات التجارة، التعريفة الجمركية والقيود غير الجمركية، وبعض هذه الموضوعات هو الذي يعيق – فعلا – تحرير الاتحاد المغاربي من قيد (عدم تنفيذ الاتفاقيات) وخاصة ما تعلق بشهادات المنشأ وانعكاسات التفكيك الجمركي. عوائق يمكن تجاوزها بآليتين اثنتين: تطبيقات الفحص عبر المخابر والآليات الدولية للكشف عن منشأ المنتوج، اطلاق صندوق تعاوني للتعويض عند التعرض للضرر جراء تحرير التجارة.
رؤية استراتيجية
أمام دول الاتحاد المغاربي فرصة تاريخية أخرى على سلم الاندماج الاقتصادي عبر بوابة الأفضليات التجارية تبدأ عبر وضعية (منطقة التجارة الحرة المغاربية) ما يسمح بتطوير السياسات التجارية لدول الاتحاد، قدرات الانتاج والتسويق، اندماج عوامل الانتاج، قاعدة البيانات التجارية، الهياكل القاعدية للنشاط التجاري وأخيرا منظومة تمويل التجارة والتجارة الخارجية. ثم هناك وضعية (تنوع بنية الانتاج) حيث أثبتت دراسات عدة ترابطا قويا بين مؤشر التجارة البينية في رقعة اقتصادية محددة ومؤشر التنوع في هياكل الإنتاج.
 وتصنف جميع دول الاتحاد المغاربي في خانة الدول ضعيفة التنوع الإنتاجي وضعيفة المزايا النسبية الديناميكية مع توفر المزايا النسبية الساكنة، ومع تمكن دول مشابهة، أخرى من تحقيق مؤشرات تنوع إنتاجي متقدمة وقريبة من مؤشرات التنوع الانتاجي في الدول الصاعدة يمكننا تصور وضعية جديدة لدول الاتحاد يتم فيها ايجاد مسارات تجارية جديدة لمنتجات تقليدية وفي نفس الوقت انتاج منتجات جديدة لمسارات تجارية تقليدية.
ثم هناك وضعية (التبادل التجاري المبني على التسهيلات ودعم التجارة البينية) ويتعلق الأمر بتمويل الهياكل المساعدة على انسياب التجارة البينية بين دول الاتحاد ودعم الدول المتضررة من نظام الأفضليات التجارية. يمكن ايجاد تطبيقات مالية لتطوير الهياكل القاعدية الداعمة لمؤشر التجارة البينية – ولو في مرحلة أولى في نطاق عوامل الانتاج ذات المحتوى التكنولوجي العالي والمعرفة والتدريب على الإنتاج ذي المحتوى المعرفي والصناعي - من خلال اشراك القطاع الخاص والبرامج الحكومية وإطلاق صندوق مغاربي لتسهيلات التجارة البينية.
 ما العمل
 إن تحديد مدى زمني لاستكمال شروط اقامة منطقة مغاربية  للتجارة الحرة - وليكن آفاق 2025 -يسمح لواضعي السياسات في دول الاتحاد بضبط موضوعات النظام بدقة، وكما يتعلق الأمر بالهياكل والتسهيلات وشهادات المنشأ والملكية الفكرية وأنظمة الحماية ومكافحة الاغراق والقيود الجمركية وغير الجمركية ونسب التفكيك الجمركي والاستثناءات، يتعلق الأمر أيضا بالمواصفات وقواعد البينات وشفافية المعلومة الاحصائية وسهولة الولوج لمنظومة المعلومات.