طباعة هذه الصفحة

رئيـس حركة الإصلاح الوطني، فيلالـي غوينـي:

لـن نتخلّــف عن أي موعـــد يساهــم في البناء الوطني.. والتوافـق هدفنــا

فريال بوشوية

يعود رئيس حركة الإصلاح الوطني، فيلالي غويني، في حوار خص به “الشعب”، إلى مسألة التحالفات والاندماجات التي تعيش على وقعها حركات التيار الإسلامي، مؤكدا أن الإصلاحات تجاوزت المرحلة وتراهن، اليوم، على توافق وطني، تندرج في إطاره لقاءات جمعته مؤخرا مع قادة بعض التشكيلات على غرار “الأفلان” و«الأرندي”.
ولدى حديثه عن الانتخابات التشريعية، أكد غويني  معارضة استعمال المشاركة كورقة ضغط، لاسيما وأن المقاطعة لا أثر لها، لافتا إلى أن 4 ماي موعد وطني لا ينبغي تفويته.
”الشعب”: ما وضع حركة الإصلاح بعد انعقاد المؤتمر الوطني، شهر نوفمبر المنصرم؟
فيلالي غويني: الوضع اليوم في حركة الإصلاح الوطني أفضل بكثير من ذي قبل، كنا قد عقدنا المؤتمر الوطني للحركة شهر نوفمبر الماضي،  تم فيه تعديل أو مراجعة الرؤية السياسية للحركة، وكما تعلمون الرؤية السياسية للحزب هي عقيدته السياسية، إذ تحمل مبادئ العمل السياسي، طبيعة النظرة السياسية للدولة والمجتمع ولمختلف القطاعات، وأيضا بيان للموقف من بعض المسائل التي تتعلق بجانب الدولة كدولة، التشريع، المواثيق، الشباب، المرأة، التنمية، الاقتصاد، الدبلوماسية، والمواقف الخارجية.
المؤتمرون عدلوا اللائحة السياسية بما يتماشى مع تأهب حركة الإصلاح الوطني للمرحلة المقبلة، كما أنهم عدلوها بما يتيح علاقات سياسية أقوى من ذي قبل مع الآخر، أي مكونات المجتمع الأخرى والأحزاب في العائلات السياسية الأخرى. في تقديرنا هذا ما كان ينقص، من عيوب الطبقة السياسية في الجزائر أنها لا تلتقي، وأن الثقة بين الأحزاب غائبة، ولا اتصال، لا من خلال منتدى سياسي ولا هيئة مشاورة، سواء تعلق الأمر بأحزاب المعارضة أو أحزاب المولاة.
كما عالجنا بعض المسائل التنظيمية، منها إقرار منصب رئيس الحركة، بعدما كان منصب أمين عام، حضور قوي للشباب في مجلس الشورى، وللمرأة أيضا، إذ يوجد 4 عضوات من مجموع 16 عضوا. المؤتمر أكد قرار مشاركتنا في الانتخاب المعلن عنه في شهر أوت من العام 2016، داعيا إلى التعبئة العامة في صفوف المناضلين والمناضلات، ومن خلالهم كل المتعاطفين مع الحركة من أجل إنجاح الاستحقاقات المقبلة.
في تقدير الاصلاح، ان موعد 4 ماي 2017، أكثر من انتخابات، لأن لها أثار متعدية إلى تثبيت الاستقرار والأمن، إلى الحفاظ على المصالحة الوطنية واستكمالها إلى أن تبلغ مداها، إلى إعطاء رسالة لتوطيد العلاقات الداخلية وتقوية الجبهة الداخلية واللحمة الوطنية، والعمل المشترك بين الطبقة السياسية، كما لها أثر متعدي إلى الخارج  الذي بدأت بعض أصواته تتعالى في الآونة الأخيرة، بعضهم ناصحا، وبعضهم متأسفا، وبعضهم الآخر مستشرفا.
نحن في الإصلاح قلنا لهم أوقفوا عنا نصائحكم المغشوشة، أوقفوا عنا استشراف ينم عن رغباتكم وآمال موجودة في داخلكم، تريدون للجزائر سيناريو سيء، وصفحة المأساة الوطنية طويت وبشكل نهائي، لا رجوع للوراء لا لتلك المأساة ولا لأي  مظهر من مظاهرها، الشعب الجزائري اكتسب مناعة قوية بعد المأساة الوطنية، تجعل من الجزائريين جسما واحدا منيعا.
المؤتمر أعطى قوة للحركة في مشاوراتها السياسية، إلى غاية تحقيق الهدف ممثلا في الذهاب إلى توافق وطني سياسي بقاعدة شعبية عريضة، ولا يحقق إلا من خلال ترميم جسر الثقافة بين الأحزاب، الكفيل بلملمة الإشكالات، ويجنبنا المزيد من تضييع الفرص والحلول تحقق انطلاقة اقتصادية وتنموية.
هل  تندرج في هذا الإطار اللقاءات التي جمعتك مؤخرا مع قادة عدة تشكيلات سياسية، وما الهدف منها؟
نحن بادرنا ولا فضل لنا، وسبق وقلت أن القرار اتخذ خلال أشغال المؤتمر، إذ لا يعقل غياب التواصل بين الطبقة السياسية مهما كان انتماؤها، موالاة أو معارضة، اللقاءات التي تمت لحد الآن شملت أحزابا من كلتيهما منها البناء، النهضة، الجزائر الجديدة، التجمع الوطني الجزائري، جبهة المستقبل، والتجمع الوطني الديمقراطي، حزب العدالة والحرية، والعملية متواصلة.
الإصلاح في مرحلة جديدة، لا مشكل لها في لقاء أي حزب في إطار التحضير للتحالف، العمل لحد الآن تحضيري لترميم الثقة، هناك أحزاب لم تلتق منذ أن تأسست، ونحن نحضر للذهاب إلى توافق سياسي تكون فيه السلطة طرفا هاما، لأن التوافق في نهاية المطاف يكون معها، وهناك العديد من المؤشرات منها رسالة رئيس الجمهورية في ذكرى الفاتح نوفمبر، والتي دعا من خلالها إلى تقوية الجبهة الداخلية، وتصريح وزير الداخلية، الذي استخدم لأول مرة في تاريخ الجزائر كلمة “الشركاء السياسيين”، وهو التوصيف الحقيقي للأحزاب السياسية.
تأتــــي الانتخابـــــات التشريعيـــة لـ 2017 في سياق خاص، ماذا تمثل للحزب وللجزائر؟
الانتخابات المقبلة لها خصوصيتها من ناحية الظروف التي جاءت فيها، وكذا الآثار المتعدية لها ـ كما ذكرت سابقا ـ الداخلية أو الخارجية. نحن ننظر إلى هذه الاستحقاقات كموعد وطني لا ينبغي أن تتأخر عنه حركة الإصلاح الوطني، وكذا الحزب الثاني الذي أعلن المشاركة في شهر أوت الماضي، لأن الرؤية لنا كانت واضحة: إننا لن نتخلف عن أي موعد يساهم في البناء الوطني، ويخرج الجزائر إلى مرحلة أفضل، كما لا ينبغي أن نستغل الموقف من المشاركة في الانتخابات كورقة ضغط، ضد طرف أو آخر، المتعارف عليه في السياسة الأصل هو المشاركة، المقاطعة موقف استثنائي، كما أن المقاطعة في مثل الحالة الجزائرية لا أثر له، ولا نتيجة له، والرسالة التي يريد أصحابها إيصالها لا تفهم وان فهمت لا تفاعل معها، نظرا لاستحضار التجارب الماضية للذين قاطعوا ولم يأتوا بأي نتيجة، ووجدوا أنفسهم بعيدين، ونتوقع أننا سنحقق نتائج مرضية.
ترفضون الانطواء تحت لواء تكتلات، على غرار الأحزاب المنتمية إلى التيار الإسلامي، لماذا؟
بالنسبة للتكتلات السياسية التي تحققت لحد الآن نتمنى لها التوفيق، ليس لدينا أي إشكال، ولكن مقاربة العمل الاندماجي والتحالف في إطار عائلة سياسية واحدة نحن الآن تجاوزناه، نريد الآن الذهاب لما يخدم الهدف الكبير الذي حددناه في المؤتمر، وهو التوافق الوطني الكبير الذي لا يتأتى من عائلة سياسية واحدة، بل بالتنسيق بينها، ثم أن أغلب الأحزاب تخوض الانتخابات لوحدها. ما كان لنا من تجربة في إطار تكتل الجزائر الخضراء ثمّنا ايجابياتها، وسجلنا سلبياتها، والموضوع  تجاوزناه وانتهى. الإصلاح تدخل وحدها، “حمس” تدخل وحدها، والنهضة تدخل مع البناء والعدالة. نحن في تقديرنا أن التكتلات السياسية ينبغي أن تكون عابرة للعائلات السياسية، لأن المرحلة لسد الهوة بين التيارات، أما العمل في تيار واحد لا يأتي بجديد ربما يحقق أهداف انتخابية فحسب، وليس سياسية كبيرة، والانتخابات ما هي إلا محطة، وربما من قاطع الانتخابات التشريعية، قد يشاركون في الانتخابات المحلية.
ما رأيكم في الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، وما تعليقكم على المشككين في نزاهة الانتخابات قبل إجرائها؟
نقول بما نعتقد وما نراه، باركنا للهيئة رئيسا وأعضاء، جزئية مهمة وان قبلنا برئيسها عبد الوهاب دربال، أعضاؤها الـ 410 أمام مهمة صعبة لدرجة مستحيلة، لماذا؟ لأن العملية الانتخابية في الجزائر تحتاج إلى ميكانيزم أقوى وأدوات وصلاحيات أوسع، ومع ذلك خاطبنا الهيئة بضرورة ممارسة كل صلاحياتها، وبضرورة اضطلاعها بكل مهامها، لأننا لا نتوقع لهذه الهيئة، إلا أن تنجح هو واجب وطني وأخلاقي ومجتمعي وسياسي يقع عليها، لأن نجاحها يعني نجاح العملية الانتخابية، ونجاح الأخيرة هي مقدمة نجاح العملية السياسية، كما أن نجاحها يرجع الأمل عند عموم الجزائريين والجزائريات الذين لديهم موقف مشكك أو رافض للانخراط في العمليات الانتخابية نتيجة خيبة الآمال السابقة.
مشكل العزوف هاجس حقيقي يعود بعودة كل استحقاق انتخابي، كيف يعالج؟
التصدي بما يسمى للعزوف الانتخابي، ليس فقط بالعمل السياسي والتصريحات والندوات، مثلما نقوم به نحن الآن، نحن من جهتنا نظمنا أكثر من 40 نشاطا في كل ربوع الوطن منذ الصائفة، وإنما بالعمل الجواري، بطرح إشكالية إذا كانت الانتخابات بدون فائدة، فما هو البديل إذا للمشاركة في صناعة وتسيير الرأي العام، وكيف ننتقل إلى مرحلة أفضل.
المشكل الذي يواجهنا في المجتمع، اليوم، هو العزوف، مشاركة 50 بالمائة من مجموع الهيئة الناخبة كافية جدًا، وترد على كثير من الأسئلة التي تطرح في الداخل، أو المشككة من الخارج، نكون بذلك ذهبنا إلى مرحلة جديدة بقاعدة شعبية عريضة، لأن المشاركة الضئيلة في الانتخاب تؤدي إلى الطعن في الغرفة البرلمانية المنبثقة عنها، ويوصف البرلمان بالفاقد للشرعية، ويبدأ المشككون، مع أنه في أوروبا نسبة المشاركة لا تتجاوز في أحسن الأحوال 27  إلى 37 بالمائة، لكن ما يجوز عندهم لا يعتبر عاديا عندنا.
لا بد أن يتعاون الجميع في الانتخابات لإقناع المواطن بضرورة أداء الفعل الانتخابي، والانطلاقة تكون من القرص المضغوط المتضمن قوائم الهيئة الناخبة، مع جعله متاحا للتأكد من الأسماء، وتفادي الإجراءات البيروقراطية التي تعرقل الأحزاب، لأنه سيضيف عزوفا بعزوف الأحزاب بسبب الشروط الواردة في القانون العضوي المتعلق بالانتخابات خاصة المادة 93 و74، التي ستحيل الأحزاب إلى المقاطعة رغم أنها لا تريد المقاطعة، كلما شاركت الأحزاب كلما كانت تعبئة أكبر للناخبين.
هل طالبتهم بتعديل القانون العضوي المتعلق بالانتخابات؟
نحن طالبنا بذلك، وقلنا نطالب بمزيد من الضمانات السياسية والقانونية، والذهاب الى انتخابات ديمقراطية ومفتوحة لما نقول مفتوحة، مفتوحة للجميع، عيب وضع شروط لحزب معتمد، الأمر قد يكون مقبولا بالنسبة لقائمة حرة، الحزب يستدعى ويتم إشراكه ثم يوضع له شرط للمشاركة.
هناك حديث عن المال “الوسخ”، وفي نفس الوقت تشترط قيادات بعض الأحزاب مبالغ من المترشحين، ما هو الحد الفاصل؟
المال الفاسد ظاهرة عالمية، والجزائر ليست استثناء، ولكن في المواعيد الانتخابية الأخيرة ظهر إلى السطح أكثر من ذي قبل ولم يعد فقط حديث العامة، أو الحديث المحتشم . نتكلم عن “طابو”، وإنما أصبح حديث حتى حديث المسؤولين الرسميين الذين في بعض الحالات يتبادلون التهم بخصوص شراء الأصوات والذمم من أجل الوصول إلى مواقع المسؤولية، وخاصة في انتخابات مجلس الأمة الأخيرة.
المال شيء أساسي للقيام بالعمل السياسي، لأنه يحتاج إلى مصاريف إلى قاعات لبرمجة النشاطات، والى نقل المناضلين، وإشهار وإعلانات ونسخ وطبع وتصوير، مصاريف التي تزداد خلال الحملات الانتخابية، لكن هو موجود أساسا في العمل الحزبي، ولهذا لكل حزب رصيد ويجمع اشتراكات من المناضلين.
لكن من أين يكتسب، وماهي أوجه إنفاقه، هنا يكون الكلام، فما نحذر منه نحن سيطرة رجال المال والأعمال على القرار، بداية من داخل  الأحزاب لصناعة القوائم، ثم لاحقا لتشكيل المنتخبين المقبلين، وبعد  ذلك المنتخبون من أصحاب المال يلتقون على مصالحهم، حتى وان اختلفت مصالحهم أحزاب مختلفة، في قانون المالية في 2010 وتحديدا لدى مناقشة مشروع قانون حظر الألبسة المستعملة، حدث ما حدث لأن أعضاء الذين دافعوا عنه رجال مال وأعمال لجنة المالية.
لما يسيطر رجال المال على السياسة والاقتصاد تصبح اجتماعية الدولة مهددة، لأن المصالح التي تحمى وترعى في هذه الحالة مصالح ضيقة لفئة معينة، وليس للدولة وهذا هو مكمن الخطر، ومن  ناحية المصادر هناك بعض رجال المال والأعمال يتهربون من دفع الضرائب للخزينة العمومية، التي تنفقها على الإطار المعيشي للمواطن، ولكنهم يشترون القوائم والأصوات وينجحون، فتكون الأضرار مضاعفة، إذ يصنعون القرار دون مراعاة مصلحة المواطن، غير أن القيادات الحزبية تميز بين الانتهازيين الذين يبحثون عن ترقية اجتماعية، وبين المناضل الحقيقي.
 لكن لا ننسى أن الجزائر أنشأت هيئة عليا لمكافحة الفساد، هل تحقق في مثل هذه الحالات، وهناك عدالة وقضاء لتوقيف غزو المال الفاسد الذي يغزو العمل السياسي، لاسيما وأن رجال المال في السابق كانوا يبحثون عن من يمثلهم في البرلمان، اليوم تبدلت المعطيات وأصبحوا يريدون صنع القرار بأنفسهم، والاستفادة من بعض المزايا، وفي مقدمتها الحصانة.
المال بصفة عامة وسيلة من وسائل العمل، إن لم نقل عصب لأنها تغطي نفقات العمل السياسي، والقانون يتكلم عن ذلك ولكن يسّقف نفقات النائب الواحد، لكن عمليا المبلغ المحدد لا يفتح مداومتين.
ما مدى تكريس دستور 2016 التغيير في الممارسة التشريعية عموما، والمعارضة على وجه التحديد؟
حقيقة أضاف الدستور الحالي للممارسة التشريعية نوع من الحيوية، بإقرار صلاحيات جديدة في يد المؤسسة البرلمانية ككل، وداخل المؤسسة في يد المعارضة بشكل خاص، بمنحها حقوق وصلاحيات في شكل تنظيم جلسات شهرية لمساءلة الحكومة، الذي لم يكن متاحا قبلا، وبات بإمكان أي مكتلة برلمانية من المعارضة أن تطلب من إدارة جلسة لمساءلة الحكومة، وتقوم بتحديد جدول أعمالها، من ناحية الصلاحيات، وكذا الإخطار الذي من المفروض أن يوسع دون تسقيف.