طباعة هذه الصفحة

مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجنيف لـ «الشعب»:

الإرهاب قنبلة انفجرت وشظاياها بلغت أوروبا

حاوره:حمزة محصول

الغرب دمر دولا ويتحمل مسؤولية تأسيس تنظيمات اجرامية

يتحدث مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف، رياض الصيداوي، في هذا الحوار، عن الاعتداءات الإرهابية التي ضربت برشلونة وبعض المدن الأوربية الأخرى، ويوضح أبرز الأسباب وراء تنامي الظاهرة الإرهابية بأوروبا في السنوات الأخيرة.

- الشعب/ استيقظت بعض المدن الأوروبية مجددا على عمليات دهس وطعن، ما طبيعة الإرهاب الذي تواجهه؟

 رياضي الصيداوي:  من خلال تخصصي في الظاهرة الإرهابية، أعتقد أن تنظيم داعش الإرهابي ينقسم إلى صنفين، الأول هو التنظيم الأم، المركز، الحقيقة والهيكل، والمتواجد بالرقة والموصل أين انهزم عسكريا وقريبا سيهزم في الرقة.
الثاني، هو داعش “الأدبيات” أو “الفكر الداعشي”، والذي يتأثر به شباب أوروبا ودول أخرى، وهو ما نسميه الإرهاب المحلي، لأن جذوره محلية، وصناعه شباب لم يندمجوا في المجتمع وقد يكون تعرضوا إلى التهميش في الدراسة أو العمل والعنصرية، فانتقموا بأفعال إجرامية.
ومنفذوا الاعتداءات الأخيرة، نسبوا أنفسهم لتنظيم داعش الإرهابي، بحثا عن الهالة الإعلامية وتحقيق الشهرة، ولو يعزلوا أنفسهم عنه لن يحققوا الصدى المطلوب.
ويبقى أن الإرهاب أعمى ووحشي مهما كان نوعه ومبرراته، والأخطر هذه المرة هو أن استخدامه بات وسيلة مدنية متوفرة للجميع (سيارات، ووسائل النقل)، وباتت مثل الصاروخ والذبابة والقنابل.
وبالنسبة للتداعيات، سيؤثر هجوم برشلونة دون شك على السياحة، فقد تراجعت هذه الأخيرة بنسبة 40 بالمائة بفرنسا سنة 2016، عقب هجوم نيس.
والخاسر الأكبر من كل هذا هم العرب والمسلمين والمهاجرين، والذين سينظر إليهم من قبل البعض كخلايا إرهابية نائمة أو مشاريع إرهابيين، وسيتم شيطنتهم وتعزز هذه النظرة لوبيات نافذة في المجتمع الأوروبي على غرار اللوبي الصهيوني.

- هل يمكن القول أن أوربا فشلت أمنيا في التصدي للتهديدات الإرهابية؟
 اللافت في هذه الأعمال الإرهابية التي ضربت عددا من العواصم الأوروبية، هو أن المنفذين، ليسوا مهاجرين وإنما ولدوا في المجتمعات الأوروبية ولديهم أزمة هوية واندماج، ولم توفر لهم المساواة في النجاح الاجتماعي.
والإرهاب المحلي يصبح ظاهرة اجتماعية عندما يسقط في براثين الفكر الإرهابي لداعش، فالمهاجرون الذين أعادوا بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، لم ينالوا المساواة الاجتماعية وتخرج أغلب الإرهابيين من الأحياء الشعبية.
في سويسرا مثلا لا توجد أحياء شعبية لأنها وضعت سياسة إسكان صارمة لا تفرق بين المهاجرين ومواطنيها، عكس فرنسا وبلجيكا مثلا، حيث تتواجد الأحياء الفقيرة بكثرة، ولا يبرر ذلك بأي شكل من الأشكال الإرهاب، الذي لم يسقط دول ولم يبنها، وهو عمل أقلية الأقلية داخل كل مجتمع، كما أنه ليس ثورة ولا مستقبل له.
ومن الناحية التقنية البحتة، يستحيل الحديث عن صفر عمليات إرهابية، وقد عرفت أوروبا في وقت سابق عمليات إرهابية نفذتها جماعات التيار اليميني واليساري المتطرفين، وعانت منها مختلف البلدان. فالإرهاب ظاهرة كونية ليست خاصة بدين أو ثقافة أو مجتمع.
ومع لجوئهم، إلى استخدام وسائل مدنية لتنفيذ الاعتداءات نظرا لسهولة  اقتناء سيارة في أوروبا، يصعب التكهن بمشاريع الإرهابيين ولو كان التنظيم هيكلي لسهل اختراقه وضربه.

- ماهي العوامل التي جعلت من أوروبا هدفا للإرهاب؟ وإلى أي مدى سيزيد العائدون من مناطق النزاع من حجم التحدي الأمني؟
 هناك عامل جيوبوليتيكي، في انتقاء الإرهابيين لأهدافهم، إذ توجد دول لا يسمها الإرهاب، مثل سويسرا، لأنها لم تتورط في نزاعات دولية وتفتح أبوابها للجميع ولم تقصف بلدا تنخرط في التحالف الدولي. بينما المستهدفة متورطة في مشاكل في الشرق الأوسط.
وهناك أخطاء سياسية ارتكبتها البلدان الأوروبية، في إطار “عدو عدوي صديقي”، وعندما كانت تصر على اسقاط بشار الأسد، شجعت تنقل الإرهابيين الأجانب إلى سوريا وكانت تسميهم بـ« المقاتلين من أجل الحرية”، وأصبحوا إرهابيين أواخر 2013-2014 بعدما بدأت العمليات الإرهابية في عواصمها.
فالمنظومة الدولية كانت تسمح لهم بالقتال، في سوريا والتنقل بشكل علني، في إطار خطة لشيطنة سوريا والرئيس الأسد لإسقاطه، ووزير الخارجية الفرنسي السابق لوران فابيوس قال إن “النصرة تقوم بعمل رائع”، وهي حركة تابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي.
فالخطأ الكبير هو توظيف الإرهاب ضد نظام معين مثلما حصل في أفغانستان، حيث انقلب السحر على الساحر، فالإرهاب كالقنبلة التي تنفجر وتحرق مكانها وتصل شظاياها أبعد نقطة، ووصلت هذه الشظايا اليوم إلى أوروبا.
وأحد الأسباب الهيلكية للإرهاب هو تدمير الدول، ليبيا كانت تحمي نفسها ومحيطها، وبعد تدميرها تعيش فوضى عارمة، وحصل نفس الشيء في العراق عقب تفكيك الجيش والمخابرات فحينما تغيب الدولة يتقدم الإرهاب.
وسمح العالم بتدمير دول وطنية قائمة، وترك دويلات إرهابية داعشية تستمر لسنوات، لقد كانت فضحية للمجتمع الدولي.
وبالنسبة لتحدي عودة الإرهابيين من مناطق القتال، هناك ما هو أخطر، فالقوانين الأوروبية لا تسمح باعتقال شخص بشبهة تواجده في بلد أجنبي، عدا بريطانيا التي سنت قانون يقضي بسحب الجنسية ممن يثبت تورطه في القتال بالخارج، وهناك آلاف مرشحون للعودة  وبالتالي حجم التحدي كبير جدا.