طباعة هذه الصفحة

رئيس اللجنة القانونية للغرفة السفلى في حوار لـ «الشعب»:

المحليات عرس ديمقراطي..والمشاركة ستكون قوية

حاورته: فريال بوشوية

  غياب النواب قضية أخلاق وضمير وحضارة ...  ومعالجته تكون من منبع الأحزاب

اعتبر رئيس اللجنة القانونية والشؤون الإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني نزار شريف، في حوار خص به «الشعب»، الانتخابات المحلية بمثابة «عرس ديمقراطي»، مشيدا بالحملة الانتخابية التي سادها «جو من الاحترام»، كما دعا الجزائريين إلى المشاركة بقوة.وبخصوص النظام الداخلي للحزب الذي يعوّل عليه في معالجة إشكالية غياب النواب في الجلسات العلنية، أكد أنها «قضية أخلاق وضمير وحضارة»، والأصل ـ حسبه ـ أنها تعالج من منبع الأحزاب فهي التي يجب أن تلزم النائب بالحضور والقيام بواجبه الوطني.

- الانتخابات المحلية التي تجري الخميس الحدث السياسي الثاني بامتياز لهذه السنة بعد الانتخابات التشريعية، ما تعليقكم؟
 لوعدنا إلى الخلفية التاريخية للمسار الانتخابي في الجزائر، فإننا اكتسبنا خبرة كبيرة في مجال المجالس المنتخبة المحلية منذ الحزب الواحد، والانتخابات المتتالية والتي تجري بانتظام في الجزائر تعتبر بالنسبة لنا بمثابة أعراس في الديمقراطية، عشرات الأحزاب تتنافس حاليا على المجالس المنتخبة البلدية والولائية، على أن يكون يوم 23 نوفمبر هو الفاصل في هذا الامتحان.
كما نسجل في هذا السياق، توصلنا إلى إرساء ثقافة استيعاب الطرف الآخر، في إطار حوار سديد ديمقراطي محض، وقد عزّز الدستور مكاسب المعارضة من خلال تعزيز دورها، بمنحها حق ممارسة دورها البرلماني على أكمل وجه.  
وندعو إلى المشاركة بقوة وفاء للتعددية لاختيار الأحسن ومن هو الأجدر وصاحب التجربة، وأتوقع قياسا إلى الحملة التي شاركت فيها التيارات الحزبية على اختلافها وسادها جو كبير من الاحترام، التركيز على الجانب التنموي، والحفاظ على الطابع الاجتماعي.
- ما هي مشاريع القوانين المبرمجة في أجندة نشاط اللجنة القانونية والشؤون الإدارية والحريات للمجلس الشعبي الوطني؟
 في المرحلة الحالية قامت اللجنة بدراسة مشروعي قانونين، وتم إعداد التقارير التمهيدية على أن تبرمج للمناقشة في الأيام المقبلة، ويتعلق الأمر بمشروع قانون يتمم القانون المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، يخص السوار الإلكتروني دعما للحريات والمحبوسين المحكوم عليها بفترة حبس تقل عن 3 أعوام في جرائم بسيطة، سيكون خدوما للعمال والطلاب الجامعيين وللمرضى.
أما النص الثاني فيتعلق بمشروع القانون العضوي المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، الذي يندرج في إطار التكيف مع دستور 2016، تعديل منح صلاحيات لمجلس الدولة في المجال الاستشاري وإبداء الرأي في مشاريع القوانين والأوامر، وذلك في الحالات الاستثنائية التي ينبه الوزير الأول إلى طابعها الاستعجالي، نص تقني بطابع خاص يخص توسيع الاستشارة القانونية لمجلس الدولة في مشاريع الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية بعد الدورة.
وأحيل مشروع آخر على اللجنة ستتم دراسته في أقرب الآجال، يتعلق بالقواعد العامة للوقاية من أخطار الحريق والفزع، ثم يعرض للمناقشة.
- تعديل قانوني البلدية والولاية بات أكثر من ضرورة وفق رؤية الحكومة، ومطلب الطبقة السياسية التي طالبت بتوسيع صلاحيات المنتخبين المحليين، ما مدى أهميته عشية عهدة جديدة تدوم 5 سنوات؟
الواقع  الاقتصادي يدفعنا إلى تكريس اللامركزية كمبدأ، لابد من إعطاء البعد  للسلطات المحلية المنتخبة، ولابد من التركيز على الكفاءات، فليس من السهل أن تضمن تسيير بلديات، والتركيز على ميزانية هذه الأخيرة، وعلى الضريبة الجبائية لتتمكن من الاعتماد على نفسها لتنطلق بقوة في المسيرة التنموية، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال إسناد مهمة تسييرها إلى الكفاءات والجامعيين، لاسيما وأن البلدية مطالبة اليوم بالتكيف مع الواقع الجديد، لتكون خدومة لمصلحة المواطن والوطن.
- دستور 2016 منعرج هام في الجزائر وفق ما أكده أساتذة مختصون في القانون الدستوري، ما هي أبرز الإيجابيات؟
 الدستور بصيغته المعدلة في حقيقة الأمر حصن مكاسب الجزائر، خصوصا عندما دستر قاعدة الحفاظ على المال العام، بمفهوم الأراضي الفلاحية والممتلكات الوطنية، يعني أخرجها من عملية البيع و»السمسرة» لتبقى مكاسب شعبية لا رهان عليها ولا جدال حولها وهو الأهم.
أكثر من ذلك، حافظ على السياسة الاجتماعية، إذ دستر مجانية العلاج ومجانية التعليم والسكن الاجتماعي، أي مساعدة الطبقات الضعيفة والهشة التي استفادت من آلاف السكنات في إطار برنامج رئيس الجمهورية الذي وعد به، تماما كما التزم بتكريس الأمن والاستقرار.
تعزيز مكاسب المعارضة التي استفادت من حق الإخطار، كما أن المناقشات في قبة البرلمان تعكس الثراء الكبير، الذي يترجم التنوع السياسي من خلال الأحزاب السياسية وعددها مهم جدا اليوم.  
- ما مدى أهمية آلية الديمقراطية التشاركية المندرجة في إطار الإصلاحات السياسية في  المرحلة التي تقبل عليها الجزائر، لاسيما وأن الرهان كبير على التنمية المحلية؟
 هذا السؤال يقودنا إلى الحديث عن تعديل الدستور الذي بادر به رئيس الجمهورية في العام 2016، الذي كان سباقا إلى إرساء نمط الديمقراطية التشاركية، فبعد سنة 2012 التي شهدت تعديل عديد القوانين الوضعية مثلما هو الشأن بالنسبة لقانوني البلدية والولاية والقانون الناظم للعلاقات مع البرلمان، كلها كانت قوانين مهمة في استكمال تكريس المنهج الديمقراطي التعددي.
ويعود الفضل في ذلك إلى المؤسسات الدستورية وفخامة الرئيس، الذي ذهب أبعد من ذلك بتحصين بعض المبادئ التي تضمنها بيان أول نوفمبر، لاسيما منها ذات الطابع الاجتماعي خاصة ما يتعلق بمجانية العلاج والحفاظ على القطاع العام، وعلى الأراضي الفلاحية وعلى الممتلكات العمومية، وهذه هي القاعدة التي حصنها الدستور.
نحن نعيش واقعا عالميا قبل أن يكون جزائريا تميزه الأزمة المالية، غير أن مخطط عمل الحكومة الذي قدمه الوزير الأول أحمد أويحيى، انطلاقا من برنامج رئيس الجمهورية ومن الدستور الجزائري، ومن الواقع بمعطياته، كفيل بتجاوز الوضع مهما كان صعبا.
المنهجية القائمة والتي تعتمد على تعديل قانون النقد والقرض كتوجيه مبني على قاعدة علمية وعلى تجارب عدة دول في العالم، وسنكمل المسار التنموي في أريحية، كما أن المنحى التصاعدي للبترول في الآونة الأخيرة مؤشر إيجابي، وبالموازاة مع ذلك تعتمد الدولة على قطاعات حساسة يعول عليها في أن تكون البديل الذي يضع حدا للتبعية لمداخيل المحروقات، منها على سبيل المثال السياحة والفلاحة.
الوزير الأول ولدى عرضه مخطط عمل الحكومة، شرح الواقع أمام النواب والشعب، كاشفا عن الواقع وعن الرصيد المالي وما يعتزم القيام به، وبالنسبة لي فإن رأيه كان سديدا، والمنهج المعتمد كان خيارا اعتمدته دول أخرى وأثبت نجاعته.
-   قانون المالية للعام 2018 أسال الكثير من الحبر مجددا نظرا للسياق المالي الصعب، ومجددا دار النقاش حول الزيادات ؟
 قانون المالية يأتي بعد سلسلة ممنهجة من القوانين مرت على البرلمان، منها مخطط عمل الحكومة المصادق عليه، التعديلات الواردة على قانون النقد والقرض، ووصولا إلى قانون المالية، الذي يعد الضابط لميزانية التسيير والتجهيز في دواليب الدولة، علما أن نص قانون المالية أخذ بعين الاعتبار واقع الأزمة المالية، واقع تراجع عائدات البترول، ولكنه حافظ بكل جدية ومسؤولية، على استمرارية وتيرة التنمية، وخصوصا الحفاظ على المكاسب الاجتماعية، ويكفي أن أذكر بمثال واحد وهو القضاء على الأحياء القصديرية.
-  ما تعليقك` في نفس السياق حول إدراج الضريبة على الثروة؟
 الضريبة على الثروة موجودة حتى في الدول المتقدمة، عندما يتهرب من تسديد حقوق الضريبة، لابد على الإدارات المعنية أن تقوم بدورها بفرض ضوابطها من خلال الضريبة على الثروة، علما أنه لا يمكننا أن نساوي بين المستويات من طبقة متوسطة وهشة وثرية، من يكتنز الملايير عليه دفع الضريبة، ولابد من الوصول إلى موازنات في ميزانيتنا، وهذه هي الثقافة التي يجب الإيمان بها، لاحظت تخوفا من التقرب أو من التعامل مع شركات القطاع الخاص، لكنه قطاع وطني لابد من إدماجه ومن التعامل معه، هو جزء سيساهم في بناء الوطن بضريبته.
- متى سيتم إعداد النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، وهل سيكون بطابع ردعي لمعالجة إشكال الغياب؟
 الدستور أكد على ضرورة تفرغ النائب تماما لممارسة مهامه ونبذ الغياب، وسنعده تكيفا مع الدستور في أقرب وقت ببصيرة واعية ودقة كبيرة، وسندرس نموذج مجلس الأمة على أن نتبنى ما هو إيجابي فيه.
ولن نكتفي بذلك، سنعتمد في منهجية دراستنا على الاستعانة بخبراء ومختصين في المجال الدستوري، سنأخذ بعين الاعتبار كذلك المقارنة لبعض القوانين للدول التي سبقتنا في هذا المجال غربية كانت أو عربية أو إفريقية، سنسعى جاهدين إلى إعداد نص قانوني مناسب يعالج الوضع ويخدم المجال التشريعي.
الغياب قضية أخلاق وضمير وحضارة، والأصل أنها تعالج من منبع الأحزاب فهي التي يجب أن تلزم النائب بالحضور والقيام بواجبه الوطني، وسنعالج الوضع بما يتكيف والواقع البرلماني، وبخصوص العقوبات المجلس سيد وسيقرر.