طباعة هذه الصفحة

في عيد الحب 

امراة ...بين حمرة و سواد

فتيحة كلواز

يحتفل اليوم الكثير ممن نعرفهم بعيد الحب الذي يزداد مريدوه سنة بعد سنة ، ففي كل أزقة تجد باعة متجولين يبيعون ورودا حمراء و دباديب الحب التي غالبا ما يكتب عليها «احبك» بالانجليزية  ، البعض يشتري و البعض يبتسم و البعض الآخر يتساءل عن المناسبة؟

 لكن تلك المرأة التي يتودد إليها هؤلاء الرجال في هذا اليوم هي أيضا تلك المرأة التي تضرب و تعنف و يسلب حقها في اليوم الموالي من المناسبة التي لا أراها ذات صلة بمجتمعنا من قريب أو من بعيد، بل صورة حقيقية عن حالة الاغتراب التي يعيشها شبابنا الذين يبحثون عن كل شيء فقط لإغواء المرأة و امتلاكها طبعا خارج الأطر الشرعية أو الإدارية بل البعض يوظف ما هو متعارف عليه من اجل تحقيق مآربه الدنيئة باستغلال المرأة و رميها بعد انتهاء مدة صلاحيتها.
الحب إذاً أصبح مجرد لحظة آنية يموت بانقضائها رغم انه شعور يرقى بالإنسان في أسمى صوره يعطي الإنسان معنى وجوده و حقيقة رسالته فوق الكرة الأرضية التي كتب الله عليه فيها أن يعبده محبا و مستسلما لقضائه و قدره فيكون هنا الحب روحيا يرفع الروح إلى أسمى درجات الإيمان، لن افصل في هذا الأمر لأنني لست برجل دين أو مفت و لكن الفطرة الإنسانية تكره أن تنزوي في مجرد غريزة حيوانية تذهب العقل و تضرب عرض الحائط بشرف الرجل وشهامته لان الرجولة تأبى على صاحبها الانحطاط إلى هذا المستوى من التجرد من القيم والأخلاق. لن أعطي حكما على عيد الحب و الاحتفال به لأننا نترفع عن هذا الجدال الذي أخرجنا من مناقشة الأمور المهمة التي سيكون إيجاد حلول لها تغير كبير في حياة تلك المرأة المكسورة و المغلوبة على أمرها ، تلك المرأة التي تبقى دائما عرضة للمساومة في عرضها و أملاكها و مبادئها.
هذه المراة التي يتغنى البعض بجمالها و بانها نصف المجتمع هي ذاتها تلك التي ينتزع حقها عنوة وتسلب ارادتها في اختيار مصيرها و مستقبلها، هي المراة التي تحرم ميراثها لانها فقط «جنس انثى»، هي ايضا نفسها تلك التي تشتم وكذلك تسب و تهان في الطريق و عند اشارات المرور، هي اكذلك تلك المراة التي ترمى في شارع لانها انجبت بنتا او طفلا معاقا او اكتشف انها مصابة بمرض مزمن او خطير، ...هذه المراة التي يشتري لها الرجل ورودا في عيد الحب هي نفسها المراة التي خرجت للعمل في الدعارة من اجل لقمة العيش ، الم يكن من الاجدى البحث عن السبل التي تحفظ لها كرامتها و شرفها، الم يكن من الممكن ايجاد مكان ياوي تلك النسوة وابنائهن عندما يتخلى الرجل عن مسئولياته اتجاهها و هنا لا اتحدث فقط عن الزوج لان الاب و الاخ و المسئول كلهم معنيون بالوضعية الكارثية التي تعيشها المراة.
لا أتكلم عن القوانين لأننا كبلد و كتشريع نحن مع الأفضل ولكن يبقى التطبيق حجر عثرة أمام تحقيق الآمال و النتائج المرجوة من وضعها و سنها، كيف لرجل يغتصب حقوق النساء في كل شيئ قولا و فعلا يشتري وردة حمراء لـ»حبيبته؟؟؟!» و هو لا يعرف عنها سوى أنها «أنثى»؟؟؟، كيف لرجل يتفنننن في إسماع المرأة في عيدها العالمي كلمات الاعجاب و الاعتراف بدور المرأة المحوري في بناء مجتمع سليم ومتوازن و هو يعمل كل ما يستطعيه من اجل أن  لا تتحصل المراة أعلى منصب اعلي من منصبه؟؟، كيف لرجل يهين امه و اخته و زوجته ان يفقه لغة الورود و «الدباديب» الحمراء؟؟؟،....هو التناقض الذي منع المراة من ان تكون نصف المجتمع قولا و فعلا.