طباعة هذه الصفحة

رؤيـة قانونيـة

دليل إجراءات التّقاضي، طرق حل النّزاعات المهنية حسب القوانين الجزائرية

بقلم السعدي شيباح

التّحكيم:
تنص المادة 1006 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، على أنّه يمكن لكل شخص أن يطلب التحكيم في حقوق له مطلق التصرف فيها.
الأحكام المطبّقة على المؤسّسات والإدارات العمومية:
تناولت المادة 15 من القانون 90 - 02 كيفية معالجة النزاعات الجماعية في العمل التي تتم في شكل اجتماعات دورية بين العمال والممثلين المخوّلين داخل المؤسسات والإدارات العمومية المهنية، دون اللّجوء إلى مفتشية العمل وذلك خلافا للنزاعات الجماعية في المؤسسات الإقتصادية.
المصالحة:
المواد من 16 إلى 20 من القانون 90 - 02.
في حالة استمرار الخلاف بين الأطراف في كل المسائل المدروسة أو بعضها يرفع ممثلو العمال المسائل المستمر فيها الخلاف الى السلطات الإدارية التي تنتمي اليها المؤسسة أو الإدارة العمومية، حيث تقوم السلطة السلمية العليا المباشرة خلال الثمانية 8 أيام الموالية لإخطارها باستدعاء طرفي الخلاف الجماعي في العمل إلى اجتماع المصالحة بحضور ممثلي السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية ومفتشية العمل المختصة إقليميا.
يكون دور السلطة السلمية العليا حسب الحالة:
إذا تبين أن الخلاف يتعلق بعدم تطبيق التزام قانوني أو تنظيمي تسهر السلطة السلمية على تطبيق ذلك الإلتزام في أجل لا يتعدى ثلاثين 30 يوما من تاريخ الإخطار.
أما إذا تبين أن الخلاف يتعلق بتأويل الأحكام القانونية أو التنظيمية أو بمسائل يمكن التكفل بها في إطار الأحكام القانونية أو التنظيمية المعمول بها، تقوم السلطة السلمية العليا بإخطار السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية، بتحرير محضر يوقعه الطرفان ويتضمن النقاط المتفق عليها، وكذا المقترحات المقدمة التي تتعلق بأشكال التكفل بالمسائل المستمر فيها الخلاف وإجراءاته.
تسوية النّزاعات الجماعية في العمل:
نصّت المادة 5 من القانون المذكورأعلاه عن وسائل الوقاية، المتمثلة في الإجتماعات الدورية التي تعقد بين ممثلي العمال والممثلين المخولين في المؤسسات والإدارات العمومية المهنية.
ثم يطرح النزاع للمصالحة التي تتولاها السلطة الإدارية المختصة طبقا لما جاء في المادة 16، وفي حالة عدم تسوية المسائل المقصودة بالطعن، تستدعي السلطة السلمية العليا المباشرة خلال الثمانية أيام الموالية لإخطارها طرفي النزاع الجماعي في العمل إلى إجتماع المصالحة بحضور ممثلي السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية ومفتشية العمل المختصة إقليميا، (المادة 17).
إذا تبين خلال إجتماع المصالحة أن الخلاف يتعلق بعدم تطبيق التزام قانوني أو تنظيمي، تسهر السلطة السلمية العليا المباشرة التي أخطرت، على ضمان تطبيق ذلك الإلتزام في أجل لا يتعدى ثلاثين 30 يوما من تاريخ الإخطار( المادة 18).
أما إذا تعلق بتأويل الأحكام القانونية أو التنظيمية أو تعلق بمسائل لا يمكن التكفل بها في إطار الأحكام القانونية أو التنظيمية المعمول بها، تخطر السلطة السلمية، السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية، قصد عرض النزاع على المجلس المتساوي الأعضاء في هذه الأخيرة (المادة 19).
وقد حدّدت المواد 21، 22، 23، تشكيلة المجلس ومهامه، وعند انتهاء إجراء المصالحة الذي لا يمكن أن يتجاوز 15 يوما ابتداء من تاريخ الإجتماع الأول، تعد السلطة السلمية العليا محضرا يوقّعه الطرفان، بمختلف التفاصيل المنصوص عليها قانونا.
ممارسة حق الإضراب:
لقد نظّم القانون 90 - 02 كيفية ممارسة هذا الحق، حيث لا يمكن اعتبار الإضراب شرعيا إلا إذا استمر الخلاف بعد استنفاذ إجراءات المصالحة والوساطة المنصوص عليها، إلى جانب غياب طرق أخرى للتسوية التي قد ترد في عقد أو إتفاق بين الطرفين، كما لا يعتبر الإضراب شرعيا أيضا، إذا وقع إتفاق الطرفين في الخلاف الجماعي في العمل على عرض خلافهما على التحكيم واستمر ذلك الإضراب (المادة 25).
إجراءات الإضراب:
إنّ حق الإضراب كما هو مبين في القانون يستوجب اتباع إجراءات ومراحل حتى يكون شرعيا.
الجمعية العامة:
تقوم جماعة العمال المعنيين بمبادرة من ممثليهم بعقد جمعية عامة في موقع العمل المعتاد بعد إعلام المستخدم، وذلك قصد إعلامهم بنقاط الخلاف المستمر، والبت في احتمال التوقف الجماعي عن العمل المتفق عليه، ويستمع جماعة العمال إلى ممثلي المستخدم أو السلطة الإدارة المعنية وذلك بناء على طلبهم، (المادة 27) وتكون الموافقة على اللجوء إلى الإضراب عن طريق الإقتراع السري وبموافقة أغلبية نصف العمال الذين تتكون منهم جماعة العمال المعنية على الأقل (المادة 28).
الإشعار المسبق بالإضراب:
جاء في المادة 29 من القانون 90 - 02 على أنه يشرع في الإضراب المتفق عليه عند إنتهاء أجل الإشعار المسبق بالإضراب، وتحسب مدة الإشعار المسبق إبتداء من تاريخ إيداعه لدى المستخدم وإعلام مفتشية العمل المختصة إقليميا، وتحدد هذه المدة عن طريق المفاوضات ولا يمكن أن تقل عن ثمانية (8) أيام إبتداء من تاريخ الإيداع، مع الأخذ بعين الإعتبار التدابير اللازمة لضمان المحافظة على المنشآت والأملاك وضمان أمنها، حيث يقوم الطرفان بتعيين العمال الذين توكل إليهم هذه المهمة (المواد من 29 الى 31).
حماية حق الإضراب:
تنص المادة 32 من القانون 90 - 02 على أن القانون يحمي حق الإضراب الذي يمارس مع إحترام الشروط التي سبق ذكرها، ولا يقطع الإضراب الذي شرع فيه حسب هذه الشروط علاقة العمل، بل إنّه يوقف آثار علاقة العمل طوال مدة التوقف الجماعي عن العمل ما عدا ما اتفق عليه طرفا الخلاف بواسطة اتفاقيات وعقود يوقعانها.
كما يمنع أي تعيين للعمال عن طريق التوظيف أو غيره قصد استخلاف العمال المضربين، ما عدا حالات التسخير الذي تأمر به السلطات الإدارية أو إذا وفض العمال تنفيذ الإلتزامات الناجمة عن ضمان القدر الأدنى من الخدمة، وفي مقابل ذلك يحضر القانون ويعاقب على عرقلة حرية العمل (المادة 34)، كما يمنع على العمال المضربين من احتلال المحلات المهنية للمستخدم، عندما يستهدف هذا الإحتلال عرقلة حرية العمل.
وفي هذه الحالة يمكن إصدار أمر قضائي بإخلاء المحلات بناء على طلب المستخدم (المادة 35)، وقد اعتبر القانون أن عرقلة حرية العمل ورفض الإمتثال لتنفيذ الأمر القضائي بإخلاء المحلات المهنية من الأخطاء المهنية الجسيمة، دون المساس بالعقوبات الجزائية (المادة 36)، هذا وقد حدّدت المواد من 37 إلى 40 عملية تنظيم توفير القدر الأدنى من الخدمة، وفي هذا الإطار حدّدت المادة 38 الهيئات والمصالح والإدارات التي يجب أن يتوفر فيها القدر الأدنى من الخدمة إجباريا، وتم تحديد ذلك على سبيل الحصر.
أما المادة 40 فقد اعتبرت رفض العامل المعني بالقيام بالقدر الأدنى من الخدمة المفروضة عليه بمثابة الخطأ المهني الجسيم.
كما أن المادة 41 نصّت على إجراءات التسخير، حيث يمكن أن يؤمر بتسخير العمال المضربين الذين يشغلون في الهيآت أو الإدارات العمومية أو المؤسسات، مناصب عمل ضرورية لأمن الأشخاص والمنشآت والأملاك لضمان استمرارالمصالح العمومية الأساسية في توفير الحاجيات الحيوية للبلاد، أو الذين يمارسون أنشطة لازمة لتمويل السكان. يعد عدم الإمتثال لأمر التسخير خطأ جسيما، دون المساس بالعقوبات المنصوص عليها في القانون الجزائي (المادة 42).
أما فيما يتعلق بموانع اللجوء إلى الإضراب، فقد حددت المادة 43 ميادين الأنشطة الأساسية التي يمنع فيها الإضراب، والتي قد يعرض توقفها حياة أو أمن أو صحة المواطنين أو الإقتصاد الوطني للخطر.
تسوية الإضراب:
على الرغم من أن الإضراب حق كرّسه القانون، إلا أنّه يتوجّب على طرفي الخلاف الإستمرار في مفاوضات تسوية الخلاف الواقع بينهما، ويمكن للوزير المكلف بالقطاع أو الوالي أو رئيس المجلس البلدي أن يعين وسيطا كفؤا يعرض على طرفي الخلاف إقتراحات لتسوية خلافهما إذا بدت من مواقفهما صعوبات في المفاوضات المباشرة، كما يمكن للأطراف المعنية أن تحدد للوسيط مدة زمنية لتقديم إقتراحاته التي يمكن نشرها بطلب من أحد طرفي الخلاف الجماعي في العمل.
أما إذا استمر الإضراب بعد فشل الوساطة المذكورة في الفقرة السابقة، فإنه يمكن للوزير المعني أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي أن يحيل الخلاف الجماعي في العمل إن اقتضت ذلك ضرورات إقتصادية وإجتماعية قاهرة، على اللجنة الوطنية للتحكيم، وهذا بعد استشارة المستخدم وممثلي العمال (المواد من 45 إلى 48).
اللّجنة الوطنية للتحكيم:
إختصاصاتها: نصّت المادة 49 وما يليها من القانون المذكور على أنّه “تختص اللجنة الوطنية للتحكيم بالخلافات الجماعية في العمل، في الحالات التالية:
الخلافات التي تعني المستخدمين الذين يمنعون اللجوء الى الإضراب
الخلافات التي تعرض عليها حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 48 المذكورة آنفا، وتبت هذه اللجنة في الخلافات الجماعية في العمل المحالة عليها من طرف:
الوزير المعني أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي حسب الشروط المذكورة.
الوزير المعني أو ممثلو العمال فيما يخص المستخدمين الذين يمنع عليهم اللجوء إلى الإضراب والمذكورين في المادة 43 من هذا القانون.
وتتلقّى هذه اللجنة جميع المعلومات التي لها صلة بالخلافات الجماعية في العمل وكذا أية وثيقة أعدت في إطار المصالحة والوساطة المنصوص عليها أعلاه.
تجدر الإشارة إلى أنّ اللجنة الوطنية قد تناولها المرسوم التنفيذي رقم 90 - 418 المؤرخ في 22 ديسمبر 1990، من حيث تشكيلها وتنظيمها وعملها.
قرارات اللّجنة الوطنية للتّحكيم: تنص المادة 52 من القانون 90 - 02 على أنه تصبح قرارات التحكيم نافذة بأمر من الرئيس الأول للمحكمة العليا، ويبلغ رئيس اللجنة الوطنية للتحكيم هذه القرارات إلى الأطراف خلال الأيام الثلاثة (3) الموالية لتاريخ صدورها.

    الحلـقــــة 3 و الأخيرة