طباعة هذه الصفحة

تعديل الدستور ليس ''بدعة''

الجمعية التأسيسية آلية ذات مساوئ وتحمل نقائص وليست ضمانة

سعيد بن عياد

يمثل التعديل الدستوري أو المراجعة بالمفهوم الصحيح على حد تعبير الدكتور الأمين شريط « بدعة»، وإنما يندرج في سياق التطور الطبيعي للبلاد وتحسين بناء المؤسسات مع الإتيان بحلول دستورية تعالج قضايا قائمة ترتبط بنظام وأدوات إدارة شؤون البلاد. وأوضح شريط بلسان المتخصص في القانون الدستوري بمنتدى «الشعب» أمس أن الهدف من تعديل الدستور التوصل إلى التحسين المستمر للمؤسسات نافيا أن يكون ذلك مسعى ظرفيا أو لأهداف تتعلق بالأشخاص وإنما ترتبط المسألة بالمجموعة الوطنية حاليا ومستقبلا تفاديا لحدوث فراغ أو غموض محتمل يعيق الاستقرار أو يعطل دواليب الدولة.
ويمثل الدستور أعلى وثيقة مرجعية لنظام الحكم في البلاد مما يستدعي مواكبته للتطور المرحلي للمجتمع من كافة الجوانب بما في ذلك السياسية منها بحيث يكرس الخيارات الكبرى ومنها اعتماد الديمقراطية والتعددية والفصل بين السلوكات واستقلالية القضاء وغيرها من الضمانات الأساسية للحريات والحقوق توازن الصلاحيات إلى جانب التأكيد باستمرار على الثوابت الأساسية التي تنبع من المرجعية النوفمبرية وبالذات أن الشعب هو مصدر السلطات كلها إلى جانب الطابع الجمهوري والإسلام دين الدولة والوحدة الوطنية للشعب والتراب الوطني.
ومن هنا فإن الدستور المقبل ومهما كان حجم تعديله مطالب بأن يستجيب لمضمون الإصلاحات السياسية التي أعلنها رئيس الدولة بما يضمن التكفل بالانشغالات والتوقعات على المديين المتوسط والبعيد.
وقلل المحاضر من شأن دعوة البعض إلى العودة لآلية الجمعية التأسيسية وهو مطلب غير واقعي، مشيرا إلى أن للجزائر موروث دستوري ثمين ومن ثمة لا يمكن العودة إلى جمعية تأسيسية خاصة وأنها ليست بالضرورة ضمانة جيدة لصياغة دستور جيد فهي آلية ذات مساوئ وتحمل نقائص بالنظر لعدة تجارب سابقة وحالية في عديد البلدان، واعتبر اللجوء إلى إعداد ترتيبات التعديل عن طريق اللجنة التقنية أفضل وأكثر عملية.
وضمن هذا التوجه يرتقب أن تتوصل لجنة تعديل الدستور المشكلة من اختصاصيين وأصحاب خبرة في القانون الدستوري وفي ضوء تشخيص وتقييم واستغلال اقتراحات الطبقة السياسية والشخصيات المعبر عنها خلال لقاءات التشاور والحوار. وفي هذا السياق توقع الأمين شريط أن يتمخض عن مسار التعديل تدعيم جانب الرقابة على المؤسسات مثل الرقابة البرلمانية على الحكومة  باستحداث ميكانيزمات وضوابط محددة وشفافة، وتنمية ثقافة إخطار المجلس الدستوري ليشمل الحق البرلمان وحتى المواطنين وفقا لآليات محددة حتى لا يدخل المجلس الدستوري في بطالة، كما توقع أن يتوسع ذلك إلى مسألة تحديد العهدة الرئاسية دون أن يتوسع بشأن المركز الدستوري لمجلس الأمة آملا أن تعطى له صلاحية التشريع.
وأكد منشط المنتدى ميوله للعمل بمفهوم الحكومة ضمن تنظيم المؤسسات وفقا لنظام مختلط رئاسي برلماني، وذلك عملا بمبدأ التعددية دون خشية أي احتمال خاصة مع وضع الضوابط التي تمنع أي عبث بالأغلبية البرلمانية وذلك بتعزيز القواعد التي تحافظ على المسار الطبيعي والهادئ للتعددية وتكرس التعايش الحزبي ضمن الأطر المؤسساتية الدستورية على كافة المستويات المحلية والوطنية.