طباعة هذه الصفحة

الجزائر أوّلاً

بقلم: فنيدس بن بلة
03 نوفمبر 2019

في كلام يحمل رؤية استشرافية دقيقة للجزائر التي ترتّب أمورها وتضبط أولوياتها، طمأن محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية، بأن عملية التحضير للاستحقاق الرئاسي، المقرّر يوم 12 ديسمبر القادم، يسير على أحسن حال وفق رزنامة محدّدة، مؤكدا قدرة البلاد على تنظيم الموعد المصيري، بحسب المواصفات والمعايير الدولية.
ذهب شرفي إلى الأبعد في مخاطبته المواطنين في خرجة إعلامية أخرى حملت التمايز والاستثناء وكشفت عن إرادة صادقة في مسعى التغيير، بأن السلطة الوطنية أظهرت إمكانيات وتأهيلا في خوض هذه المعركة دون التوّقف عند التجاذب السياسي والإيديولوجي  والتأويلات المردّدة بلا وجه حق من سياسيين وتجار الأزمة، جاعلة من كل شوط، محطة مفصلية في إقناع الرأي العام بأن ما يجري في المشهد السياسي والتدابير القانونية التنظيمية واللوجستية التي اتخذت غايتها واحدة ووحيدة: إجراء انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة اعتمادا على اختيار سيادي، بعيدا عن الاتكالية المفرطة على الآخر ووصفاته.
إنه التحدي الذي ترفعه الجزائر التي تعيش حركية وتحوّلا في سبيل إرساء دولة مؤسسات تلعب فيها السلطات الدور المستقل وتحافظ على تأدية وظائفها في نظام سياسي يعاد تشكيله آخذا في الاعتبار متغيّرات الراهن ومتطلبات الآتي.
يكمّل هذا المشهد ويمنح المعادلة السياسية التوازن، المترّشحون الخمسة للاستحقاق المتفقون على بلوغ الغاية ذاتها، التجنيد لخدمة الجزائر والتضحية في سبيلها حتى وإن اختلفت أساليب البناء والأدوات والمناهج. إنهم يتنافسون ببرنامج انتخابي متعدد الألوان والمشارب، يصّب في مبتغى ثابت يضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، حرصهم كبير على  بناء منظومة ديمقراطية تفتح المجال للتنافس السياسي، تكرّس مبدأ التداول على الحكم وتمدّ جسور اتصال وتواصل مع مواطن ينتظر التكفل بشؤونه وإشراكه في الخيارات والمشاريع دون إبقائه مجرّد ورقة انتخابية عابرة.
من هنا تُقرأ رسائل السلطة المستقلة، تُفهم تصريحات المترّشحين وتُفسر مضامين الخطب السياسية. هي رسائل تحمل في طياتها أجوبة على أسئلة مطروحة حول التعهد بإتقان اللّعبة السياسية وتأديتها وفق أخلاقيات ممارسة انتخابية لإقناع المواطن بجدوى التصويت لمن يراه أنسب وأكثر استجابة لمطلبه وتطلعاته لأن الأسباب التي كانت تؤدي إلى عزوفه قد أُزيلت وعهدها قد ولىّ دون رجعة وبات في حكم الماضي.