طباعة هذه الصفحة

زمن الرقمنة

بقلم: فنيدس بن بلة
14 أفريل 2020

منذ سنة طرح السؤال الكبير: هل ستكون 2020 محطة للاقتصاد الرقمي، حيث تنتعش تجارة هذا النمط الجديد الذي اكتسح المعمورة كلها وبات حتمية يفرضها التحول التكنولوجي في عالم افتراضي عجيب يفاجئنا بلا توقف باكتشافات وممارسات لا تنتهي.
الآن ومع انتشار حمى فيروس كورونا وتطبيق الإجراءات الاحترازية من حجر صحي وعزل منزلي، بدا هذا النوع الاقتصادي ينتشر ويعتلي المسرح ، فاسحا المجال لعائلات اكتشفت هذا النشاط وتتعامل معه بواقعية ونجاعة، معتمدة على تطور خدمات الأنترنيت وتوسع انتشار مؤسسات ناشئة أعطت للمشهد  طابعا جديدا.
من هذا المنظور، يفهم أبعاد المبادرات المتعددة لإقامة منصات رقمية بغرض توفير خدمات جديدة تخفف على المواطنين عناء التنقل والانتظار وتبعد عنهم ملل الحجر الصحي ومضاعفاته على حركة اقتناء حاجياتهم عند الضرورة القصوى. وهي خدمات وجدت في الظرف الصحي فرصة العمر في مد جسور اتصال وتواصل مع مواطنين أدار الكثير منهم ظهره للتعامل الإلكتروني وإغراءاته، مفضلين الدفع نقدا عند شراء أي سلعة أو تلقي خدمة.
من هنا جاءت مبادرة وزارة المؤسسات الناشئة، بإطلاق منصات رقمية توفر الطلب والدفع والتسليم، سواء بالمنزل أو إلى أقرب متجر للمواد الغذائية، محسسة العائلات بالالتزام بالحجر الصحي والعدول عن أية مغامرة محفوفة المخاطر قد تؤدي الى الهلاك.
يتذكر الجميع تأكيد مجلس الوزراء، خلال مارس الماضي، على إطلاق نشاط التجارة الإلكترونية، مساهمة في تحريك هذا النشاط وتعزيزه، باعتباره رافدا مهما لتنويع الاقتصاد الوطني وتثمين الحظائر التكنولوجية وتشجيع نماذج استثمار جديدة يعول عليها في انتعاش المحتوى الرقمي المحلي وخدمات الانترنت، في انتظار صدور قانون خاص بالقواعد العامة للأمن السبيراني.
بالنظر إلى أرقام دوائر مختصة، فإن العمليات التجارية الرقمية في الجزائر مرشحة لبلوغ سقف 41٪ خلال 2020، مستندين إلى مؤشرات مشجعة يشهدها قطاع البريد والمواصلات، والجهود المبذولة في تعميم الشبكة العنكبوتية التي سمحت بوجود أكثر من 22 مليون مواطن متصل بالأنترنت.
بعد كل هذا الجهد، بات من الضروري إقناع المواطنين المترددين وكذا المتعاملين، بالانخراط في الرقمنة التي تفرض الشفافية قاعدة أساسية في المبادلات والتصريح برقم أعمال مضبوطة لا مجال فيها للغش والتهرب وما له صلة بالنشاط الموازي، حامل كل الأخطار على الاقتصاد الوطني المراهن على التنوع والتحرر من التبعية المفرطة للمحروقات.