طباعة هذه الصفحة

إعلام الأزمة

بقلم: فنيدس بن بلة
25 أفريل 2020

لم تفهم إجراءات تخفيف الحجر الصحي وتمديد فتراتها من عامة الناس، حيث عادت إلى الواجهة سلوكيات مواطنين راحوا عبر تصرفات معزولة، يدوسون على التدابير الوقائية بالتدافع والتلاسن أمام الأسواق والمحلات التجارية لاقتناء حلويات رمضان و»شرباته» وكأنّ الخطر الوبائي تلاشى كليا.
لم يكلف هؤلاء أنفسهم عناء التجاوب مع نداء السلطات التي قررت هذه التدابير، استنادا إلى معطيات إيجابية سجلتها في تقييم حصيلة مواجهة الوباء، حيث الإصابات والوفيات في تراجع والمتعافون في تزايد بشكل ملفت للانتباه. لكنها حذرت في ذات الوقت من سلوكيات عدم الانضباط والاستخفاف بالوقاية وما من شأنه المساس بالجهود الوطنية في معركة السيطرة على «كوفيد-19»، التي حملت الأولية والاستعجال في ظرف صحي استثنائي لا يسمح بالتريث والانتظار.
يتذكر الجميع الرسائل الموجهة من مقرري السياسة الصحية وأهل الاختصاص، حاملة مضامين تحذر من مواجهة مرحلة ثانية من الوباء أكثر خطورة وأكبر ضررا، إذا لم تسبق بالالتزام الصارم بالتدابير الاحترازية التي تفرض في الظروف الاستثنائية القاهرة اللجوء إلى خيار القوة العمومية لتطبيقها دون السماح بأية مغامرة.
يتذكر الجميع النداءات المتكررة عبر حملات تحسيس وتعبئة تناشد بلطف كل متردد، للانخراط في المسعى الوطني بوجوب التحلي باليقظة والتأهب بالإمتثال لإجراءات النظافة والتباعد الاجتماعي والحماية التي تعد أقوى الخيارات أمنا وأمانا، أمام زحف الفيروس التاجي الخطير.
لكن هذه الحملة المروجة بكل اللغات، توظف فيها الصورة والصوت، لم تصل كما يجب إلى باقي الجزائريين الذين خرجوا فرادى وجماعات لملء الساحات العمومية والتوافد على اقتناء حاجيات غير ضرورية أحيانا في شهر رمضان، محدثين تلاسنا ومشادة كلامية أدت إلى تدخل عناصر الشرطة للتهدئة وعودة السكينة.
هذا السلوك غير الحضري والذي لا يعبر عن قيم مواطنة ووطنية، يعاكس التوجه الوطني المشدد على الصرامة واليقظة، باعتبارهما الممر الحتمي إلى وضع الفيروس تحت السيطرة واستقرار الوضعية الوبائية التي اتُّخذَت تدابير استعجالية مبكرا لمواجهتها، اعتمادا على مستخدمي الصحة وشركاء مرافقين، يتصدرهم الإعلام الذي يؤدي باحترافية مهام إخبارية وتعبوية على أحسن وجه، كاشفا جدية مساهمته في إدارة الأزمة الوبائية عبر تقارير يومية وحوارات تعطي صورة دقيقة عن الحرب المفتوحة على الفيروس والنتائج المسجلة، استنادا إلى أرقام دقيقة تنير الرأي العام ولا تتركه عرضة للتهويل والمضاربات الكلامية، وما أخطرها في الظروف غير العادية مثل كورونا الراهن.