طباعة هذه الصفحة

من غشنا ليس منا

بقلم: فنيدس بن بلة
15 ماي 2020

في التوقيت المألوف وبلغة تحرص من خلالها على إعطاء أدق التفاصيل، تستمر لجنة الرصد ومتابعة فيروس كورونا في إعطاء الأرقام عن حالات الإصابة المؤكدة، الوفيات والماثلين للشفاء. وترفق تقاريرها، التي يحرص على تقديمها ببساطة معهودة رئيس اللجنة الدكتور جمال فورار، بقراءة متأنية في الإحصاءات المسجلة ومنحنى الصعود والهبوط، غايتها إيصال المعلومة إلى المواطن وتحسيسه بجدوى الإلتزام بالتدابير الوقائية، الرهان الممكن لوضع الفيروس تحت التحكم.
في الاتجاه المعاكس، تتعالى أصوات وتتداول عبر شبكات تواصل أخبار يحاول أصحابها يائسين التشكيك في الأرقام والترويج لمغالطات تفتح المجال للتهويل والمضاربة الكلامية.
تتواصل هذه الخرجات عبر حملات مركزة، في محاولة يائسة للمساس بالجهود الوطنية في محاربة الوباء الصامت الذي تتجند المخابر لتوظيف آخر تجهيزات لابتكار لقاء يبعد عن البشرية قاطبة هذا الفيروس القاتل.
يحدث هذا رغم تأكيد المسؤولين على القطاع الصحي، بأن التعتيم الإعلامي حول الفيروس لن يكون وبأن هذه الأزمة الصحية التي أعلنت البلاد التدابير الوقائية منذ بداية ظهورها، تعالج بصراحة وشفافية، غايتها توضيح كل شيء للمواطن لفهم كورونا جيدا واتقاء شر انتشاره ومواجهته فعليا عبر الالتزام بالحجر الصحي والعزل المنزلي واتباع قواعد الاحتياط والتأهب وما تشمله من تباعد اجتماعي ونظافة.
يتكرر المشهد يوميا، تكثر تعليقات غير بريئة من أناس يستخفون بالجهود الوطنية وتضحيات «الجيش الأبيض» والشركاء المتواجدين في الخندق الواحد، يقاومون بتحدّ تفشي الوباء، بالتكفل الصحي والتعبئة من خلال تقاسم وظيفي يتحمل كل طرف فيه جزءا من المسؤولية لتطهير المحيط من أي كارثة وبائية محتملة وتعزيز المنظومة الصحية، التي وإن أظهرت هشاشة في بادئ الأمر، عادت للتقوية ورفع التحدي معبرة عن تجربة ناجعة فعالة جديرة بالتوقف عندها والإشادة بها.
طمأن أكثر من مسؤول عبر مواقع وفضاءات ومنصات تواصل، بإعطاء المعلومة الصحية بشأن وباء كورونا في أجالها وبالكيفية التي يستدعيها الظرف الصحي الاستثنائي، مؤكدين بلغة واحدة لا تحتمل التأويل، أن إخفاء البيانات حول حالات الإصابة والوفيات، مثلما يروج له تجار الأزمة، ضرب من الوهم، طالما أن الأمر يتعلق بحياة مواطنين وسلامتهم الصحية التي هي أغلى من أن تضع في سوق مضاربة ولعبة غير أخلاقية يتقنها عديمو الضمير، من لا حس مدني لهم ولا مواطنة ووطنية. هؤلاء يصح فيهم قول المثل: «من غشّنا فليس منا».