طباعة هذه الصفحة

أحد كنــوز الجزائر

بقلم/ أمينة دباش
03 جانفي 2016

لا أستطيع أن أترك هذا اليوم الحزين يمر دون التوقف قليلا، لاسترجاع بعض ذكرياتي مع القامة الثقافية والإعلامية التي كان لي شرف التعامل معها مباشرة في تسعينيات القرن الماضي ومطلع الألفية، تمنّيت لو لبّى عمي الطاهر دعوات جريدة “الشعب” كضيف على فضاءاتها الخاصة، لكن دواعي المرض حالت دون ذلك.
هذه اليومية التي سبق لعمي الطاهر أن نشر على صفحاتها مقالات رحلاته العديدة.
كانت لقاءاتنا بالفقيد متعة حقيقية، سواء في فناء مؤسستي السمعي البصري، أو في نادي الإذاعة سابقا أو في مقهى التلفزيون، تأكد أن الوقت معه تختزل فيه الساعات إلى دقائق، حيث تنهل من أحاديثه وقصصه المتعددة حكما ومعلومات نادرة، ضف إلى ذلك قدرته على التنكيت المتميز.
إنه موسوعة بأتم معنى الكلمة، وفيما أتذكر، أنه طيلة أربع سنوات خلال العشرية الحمراء، كان المرحوم المستمع المخلص لتعاليقي اليومية، التي كنت أعدها وأقدمها عبر أثير القناة الأولى، فكانت تشجيعاته لي بمثابة تكريم لأعمالي الإذاعية، من رجل صريح لا يجامل، وقلما يبوح بها.
أتذكر أيضا، كيف أراد بعض مسؤوليه “معاقبته” عندما كلّفوه، وهم على علم بميولاته اليسارية، بإنجاز أعمال حول الحضارة الإسلامية، فجال وصال إفريقيا وآسيا، وأبدع حينذاك، منجزا أعظم عمل في تاريخ شعوب الحضارة الإسلامية، والأشرطة التلفزيونية مازالت شاهدة على قدرة الباحث الطاهر بن عيشة، رحمه الله، الذي اعتبره بكل إخلاص كنزا من كنوز الجزائر.