طباعة هذه الصفحة

البنيان المرصوص

بقلم: السيدة أمينة دباش
12 مارس 2016

الحرب ليست حربا ضد الإرهاب فقط.
رغم ما كتب وقيل.. ورغم التحاليل والدراسات بشأن ما يجري في منطقتنا، إلا أن إيصال الرسالة التوعوية يبقى ضعيفا.
المسألة لا تخص الجيش والأسلاك الأمنية وحدها.
لكل حرب مسبباتها.
ثلاثة عوامل على الأقل تحاول القوى العظمى استغلالها، بل تعمل جاهدة على توظيفها.
ما يجري الآن هي مساع استعمارية جديدة، ولا شك في ذلك.
- العامل الأول، الذي تجرعنا ويلاته، ينبع منّا: من ديننا.
الإسلام الذي استطاع تشييد أمم ودول وكان مصدر إشعاع روحي وحضاري عبر المعمورة، ها هو يوظف للذبح، التخريب وتفتيت أوطان برمّتها وفق خرائط جغرافية تنسجها أطماع «سايكس بيكو» القرن الـ21.
- العامل الثاني والمتعلق بإحدى مكونات شخصيتنا ألا وهو اللغة، التي تعد في البلدان الغربية عامل إثراء للثقافة التعددية ومفخرة للهوية، يحاولون بواسطة عملاء في الداخل استغلالها كأداة للزعزعة والانفصال. يجدر التذكير هنا بما شدّد عليه مؤخرا الوزير الأول الفرنسي إمانويل فالس وبعض الساسة الفرنسيين بأن «لفرنسا لغة رسمية واحدة وهي الفرنسية» وهو جواب فاصل للمطالبين بترسيم لغة جزيرة كورسيكا.
- أما العامل الثالث، الذي لا يقل أهمية عن سابقيه بل وأقواهما، باعتباره محرك كل الأطماع، ألا وهو العامل الاقتصادي.
ما نعيشه حاليا جراء تدهور أسعار النفط له أكثر من دلالة، فلنترك أرباب العمل ولا نكبح جماحهم، موازاة مع ذلك نطور بدائلنا التنموية ونصنع من المؤسسات الصغيرة والورشات الحرفية والمقاولاتية مصدر حركية اقتصادية مالية، محلية وجهوية، ورافدا للاكتفاء الذاتي وللانتعاش الاقتصادي في شتى القطاعات.
علينا أيضا بتشجيع الكفاءات وضمان الجيل الخلف.
هكذا نحدث ديناميكية بناءة تضاهي سرعتها التيار الجارف لكل معتد.
علّمنا التاريخ أن المسببات الخارجية كثيرا ما تضعف وتضمحل عندما تكون الداخلية منها قلعة محصّنة.
فليقم المجتمع المدني، بمختلف أطيافه، كالبنيان المرصوص مقام الجندي الحارس الأمين، مدافعا عن وطنه، ضامنا لازدهاره واستقراره، مشكلا جدارا واقيا ضد أي اختراق أو تهديد.
هذا نداء للضمائر الحية، لأن الخطر على الأبواب.