طباعة هذه الصفحة

سر انتصاراتنا

بقلم: السيدة أمينة دباش
11 ماي 2016

تدخلات المحاضرين والشهادات الحية التي تابعناها خلال الندوة المنظمة من طرف مديرية الإيصال والتوجيه للجيش الوطني الشعبي، حول «انتصارات استراتيجية ثورة نوفمبر 1954»، بعث في نفوسنا نوعا من الارتياح والتفاؤل، رغم الظروف العويصة والقاسية جدا آنذاك.
لا يمكننا تفادي إسقاطات ما جرى على الوضع الحالي، إذ استعرض المجاهد عبد القادر لعمودي، أحد صانعي الثورة وعضو مجموعة 22، التحضيرات للموعد الأكبر وما تخللها من تناقض في المواقف واختلاف في الآراء، كادت أن تجهض الجهود الواعدة، انطلاقا من تحركات حزب الشعب وعلى رأسه مصالي الحاج، مرورا بإنشاء المنظمة السرية إلى تفجير الثورة وشموليتها.
الدرس المستخلص من هذه الشهادة ومن المداخلة الممنهجة للمجاهد صالح ڤوجيل، هو مواصلة المشوار رغم الاختلافات ومهما اشتدت التعقيدات، خاصة إذا أحسنّا توظيفها في سبيل بلوغ الهدف الأسمى. هذا من جانب الكفاح المسلح والتعبئة الشعبية.
أما فيما يخص الترويج للثورة في الخارج، استعرض المجاهد رضا مالك بإسهاب مختلف المراحل التي كانت تتوقف من حين لآخر إلى أن توجت بمفاوضات إيفيان، نظرا للعزيمة القوية وإصرار أبطالنا على الاستقلال التام وبسط السيادة على كافة تراب الوطن، دون التخلي عن صحرائنا الشاسعة التي أراد بورقيبة قطع شريط منها شرقا وإلحاقه بتونس مقابل إخماد انتفاضة بن زرت، ومحاولة محمد الخامس ضم منطقة تيندوف غربا.
الفضل يعود إلى الشعب الجزائري برمّته، وإلى قادته في الداخل ومفاوضيه في الخارج، لتتأكد فرنسا أن الخيار لا رجعة فيه.
الموقف كان واحدا ولم يَشُبْهُ أيّ تذبذب مما أجبر المستعمر على الركوع.
هكذا عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العليا للوطن تذوب كل الاختلافات، مهما كانت تعقيداتها، بل يمكننا توظيفها خدمة لأهدافنا الجوهرية (ألم يلتحق الحزب الشيوعي بثورة نوفمبر؟).
غير بعيد، سجل الشعب الجزائري موقفا مماثلا، مكّن بلادنا، رغم عزلتها عربيا وغربيا، الخروج واقفة من محنة العشرية الحمراء ومقاومة الإرهاب بالسلاح، بالكلمة، بالقلم وبعزة النفس.
في زمن كهذا، لا خوف علينا من التكالب الاستعماري المستمر الذي فتّت أوطانا عربية وشتّت شعوبها.
بيانات وزارة الدفاع تثبت أن حربا حقيقية متعددة الأساليب تحاول قوى حاقدة شنّها علينا، يؤكدها التدفق اليومي للأسلحة وأطنان وقناطير السموم، ضف إلى ذلك أسواق نفطية تضايقنا في مصدر قوتنا دون نسيان توظيف فضائيات لزعزعتنا.
إنها الحرب الثالثة التي نواجهها دون خوف واثقين من أنفسنا، لأن مناعتنا مستمدة من جذور مرجعيتنا النوفمبرية.
كفوّا عن ملاسناتكم وضعوا جانبا نرجسيتكم، من فضلكم، لأن العدو انبعث من رماده مجددا.