طباعة هذه الصفحة

غصّة في الحلق...

بقلم: السيدة أمينة دباش
01 أكتوير 2016

الحملة الانتخابية المسبقة بدأت في فرنسا بخرجات ميدانية لمرشحي ومناضلي مختلف الأحزاب. لكن المزعج في الأمر والمتداول عبر وسائل الاتصال التقليدية والرقمية، تركيز هذه الحملة، صوتاً وصورةً، على العرب والمسلمين بشكل استفزازي حاد.
تصعيد التصرّفات العنصرية والتصريحات المبالغ فيها، هبط بمستوى النقاش السياسي والخطاب الانتخابي إلى الحضيض. أكثر من ذلك كله، تعرية مسئوليها السياسيين، إلى حد بلوغ نتائج عكسية لهذه المزايدات الكلامية، كاشفة عن فكر نازي طالما حاربته جمهورية «الحرية، المساواة والأخوة».
يأتي على رأس الموجة المتطرفة، الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، في سباق مع الجبهة الوطنية برئاسة مارين لوبان، التي أدخلت نوعا من المرونة على تصريحاتها الأخيرة.
أصبحت الجالية العربية المسلمة تعيش وسط محيط عنصري للغاية، سمحت خلاله بعض الأقلام لنفسها، كـ «إيريك زمور»، بانتقاد الوزيرة السابقة رشيدة داتي، التي سمّت ابنتها الزهراء، وهو الإسم الذي تحمله والدتها.
يريد مثل هؤلاء تجريد كلّ من يحمل الجنسية الفرنسية من هويتهم والانسلاخ عن ثقافتهم والتنكر لأصولهم وطمس شخصيتهم.
إضافة إلى ذلك، يلاحظ كل متتبع لمجريات الأحداث، المعالجة المتهورة لمشكل الهجرة غير الشرعية وتبريرها بأدلة سطحية، متسائلين عن كيفية التخلص من تواجد النازحين على التراب الأوروبي عامة.
لماذا لا يتناولون الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة ويبرزون جذورها، وهم المتسببون فيها بتدخلاتهم العسكرية وغيرها التي أدت إلى تشريد هؤلاء وفرارهم من أوطانهم، ليس حبّا في أوروبا بقدر ما هو هروب من الجحيم الذي أضرمته نفس هذه القوى العظمى في بلدانهم تحت غطاء «الديمقراطية».
لكن هل قانون الأقوى هو الأنسب، كما جاء في حكايات «جون دو لافونتان»؟
تصرفات ومواقف تفضح ساستهم وتبرز للرأي العام حقيقة تفكيرهم، آخرها ما خاطب به الرئيس الفرنسي هولاند الحركى، متناسيا تماما ماضي فرنسا الاستعماري وما انجرّ عنه من اغتصاب، تعذيب وتقتيل للجزائريات والجزائريين.
كيف نفسر التناقضات التي يتخبطون فيها؟ أي جنون أصابهم؟ أهكذا تبنى الأمم؟
الأكيد أنهم في حاجة إلى دروس من آسيا وبالخصوص الحكمة الصينية التي جعلت من هذا البلد - القارة، عملاقا اقتصاديا يتعامل بعقلانية وذكاء مع الآخر، محترما مقومات وأصول شركائه عبر المعمورة.
للأسف، في زمن الانفجار التكنولوجي، ها هم يتدحرجون نحو الحضيض، باحثين عن الجنس والعِرْق «الآري»، تماما مثلما فعلت النازية بالأمس التي مافتئوا يطاردون عناصرها حتى في أبعد مناطق العالم.
أهي نوستالجيتهم الاستدمارية والحنين إلى ماضيهم الاستعماري الذي هزمته إرادة شعوبنا وبقي «عظْماً» عالقا في حناجرهم؟