طباعة هذه الصفحة

الأفواه المزعزعة

بقلم: السيدة أمينة دباش
07 أكتوير 2016

يتفق الكل على أن استتباب الأمن والاستقرار في الجزائر مهمة لا يتولاها الجيش وحده وأن الظرف يتطلب تكاتف جل شرائح المجتمع. لكن ما تشهده الساحة السياسة يثبت العكس تماما، بالنظر إلى تصرفات بعض المسئولين الكبار وعلى رأسهم قادة أحزاب، نلومهم، ولنا الحق في معاتبتهم، لأن الجزائر ملك لنا جميعا. لصالح من يا ترى هذه الخرجات الغريبة المحيّرة؟
لِمَ اللجوء إلى اللغو جهرا وعلى المباشر أمام الرأي العام الوطني والدولي؟ أليست لهم أطر للتعبير؟ البعض يتحدث باسم الجزائر والآخر باسم رئيس الجمهورية ويفعل عكس ما يوصي به تماما؟!
هناك مسائل يجب أن تطرح للنقاش داخل الأطر النظامية وتصريحات لا ندلي بها إلا على مستوى الهياكل التنظيمية.
الإعلام سلاح ذو حدين، تستطيع أضراره أن تكون أخطر وأفتك من مختلف الأسلحة، فهو يستهدف العقول والضمائر. والإعلام بارود إن خرجت كلماته لن تعود.
لا شك أن المنهج البومديني، والممارسة الإعلامية لأسلافنا في المهنة وتربية الوالدين، هي التي رسّخت فينا الثقافة السياسية المرتكزة على الحياء والاحترام ووضع المصلحة العليا للوطن فوق كل الحسابات.
ما هكذا يلمّ الشمل ويبنى الأمن والاستقرار، وما الأوضاع في المنطقة العربية الإسلامية إلا عبرة لمن لا يعتبر.
ألا ترون أن ما يجري حولنا من تهديدات مؤشرات كافية لإشعال النيران بين الفينة والأخرى؟ خاصة وأن «داعش» أنشئت لتكون «حارسا أمينا» للنّعمة التي منّها علينا الله سبحانه وتعالى، إذ يتوازى انتشار عناصره الإرهابية مع تواجد الآبار النفطية.
إنها حرب الشركات الكبرى التي تحاول زعزعة منطقة الساحل الصحراوي: لم يكفهم لا شمال مالي، لا نيجيريا، لا ليبيا ولا تونس، هاهي قواعد عسكرية جوية تنشأ اليوم على حدودنا مع النيجر وبالضبط في أغاديز Agadez رغم تموقعهم في نيامي العاصمة، والحجة دوما محاربة الإرهاب.
بعيدا عن الحراك السياسي المذكور سلفا، لا ينتابنا شك في إقدام بعض زعماء التشكيلات الحزبية على التواطؤ... من خلال «تخلاطهم» الحلزوني.
حقا نحن على أبواب استحقاقات مصيرية، فلا نجعل منها حلبة تصفى فيها حسابات قد تتحول إلى صراعات دموية وهذا ما نخشاه!
لتكن لنا مواقف مشرفة ولنعمل بمثلنا الشعبي القائل: «الفم المغلوق ما تدخله ذبانة».
قد تكون هذه التصرفات لعبة سياسية مقصودة لاعتبارات انتخابية، نرى أن لا حق لأصحابها التلاعب بمصير وطن بأكمله يعمل على ترميم جسده بعد استهدافه مسبقا بـ «ربيع إرهابي» خرج منه واقفا منتصرا.
كفّوا عن التصعيد الكلامي الذي يشتت المجتمع ويمزق تلاحمه ويعمق الشروخ عوض أن يضمد الجروح، لأن زعزعة أمن واستقرار البلاد يأتي كذلك من أفواهكم.