طباعة هذه الصفحة

مناعتنا

بقلم: أمينة دباش
09 أفريل 2012

قوة الدول المتقدمة لا تكمن في إمكانياتها الاقتصادية الضخمة، أو في قدراتها العسكرية فحسب، بل تنبع من استثمارها لمواردها البشرية والتوظيف الأنجع لطاقاتها الفكرية، غالبا ما تمهد هذه الأخيرة الطريق لقياداتها السياسية والعسكرية لبلوغ أهداف مختلفة ومرافقتها في ترجمتها على أرض الواقع إلى حين تحقيق النتائج المرجوة.

وفي هذا الإطار نذكر بالعدد الهائل من البحوث الانثربولويجية والسوسيولوجية التي قام بها آنذاك المستعمر الفرنسي، للتعرف على كل منطقة من مناطق الجزائر ثم محاولة التحكم فيها.

ونذكر أيضا كيف تقوم المراكز الاستخباراتية لإسرائيل باستغلال أبسط المعلومات كالإعلانات المبوبة الخاصة بالتهاني والتعازي، للتحكم في معرفة النسيج الاجتماعي للدول العربية.

دراساتهم هذه وبحوثهم لا تبقى حبيسة الأدراج بل تنجر عنها في أغلب الأحيان نتائج وخيمة في إفريقيا، مما أدى إلى تفقير وتجويع قارة بأكملها، نجد النزاعات العرقية التي اشعلت فتيل نيرانها القوى العظمى، مستغلة في ذلك تآكل قبائل وشعوب القارة الإفريقية فيما بينها، كي تبني وتطور اقتصادها على حساب ثروات القارة السمراء.

ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأ شبحها يرعب الدول العظمى بالنظر إلى ما يجري في اليونان مثلا أو البرتغال، تضاعفت الأطماع وتجدد التكالب على المستعمرات القديمة خاصة منها الغنية بثرواتها الطبيعية أهمها النفط.

وما سر استعمال العامل الديني في زعزعة البلدان العربية والإسلامية إلا برهان على ذلك، وكأننا نكتشف الدين الإسلامي الحنيف الآن رغم مرور 14 قرنا على إسلامنا.

ذقنا، بل تجرعنا في الجزائر مرارة التطرف الديني خلال التسعينيات، كما عشنا اضطرابات "الربيع" الأمازيغي وحتى بلاد المزاب العريقة لم تنج من هذه المحاولات العدائية منذ فترة قريبة، لكن ومنذ اندلاع حرب التحرير لم يتستطيعوا لا بالدين ولا بالغة ولا بالعرق أن ينالوا من استقرار الجزائر، لن البصمة الإستعمارية لا زالت حية في ذاكرة كل جزائري، محولا إياها مع مر الزمن إلى درع وقائي يرفعه كلما اشتم رائحة التدخل الأجنبي.

فلنجعل من تاريخ 10 ماي المقبل الذي بدأت تدق له الطبول موعدا مع قدر جزائر آمنة وقوية.