طباعة هذه الصفحة

أرجع ذلك إلى نقص الترجمة وغياب الوكيل الأدبي

واسيني: «حنا مينة لم ينل حظه من العالمية»

أسامة إفراح

اعتبر الأديب والأكاديمي الجزائري واسيني الأعرج أن الكاتب الراحل حنا مينة لم ينل حقه من التقدير والانتشار عالميا، رغم أنه في نظره يأتي مباشرة بعد نجيب محفوظ على المستوى العربي، وأرجع ذلك إلى أسباب منها نقص ترجمة أعماله، وغياب وكيل أدبي يعرّف بها. وأضاف واسيني، في تصريح للإعلام، أن حنا مينة كان يمتاز حقا بما يميّز «ريّاس البحر»، من استعداد بالتضحية بالنفس مقابل إنقاذ الآخرين.
تحدث واسيني الأعرج في عجالة عن حياة فقيد الرواية العربية حنا مينة، التي كانت قاسية من لواء الإسكندرون إلى اللاذقية إلى مختلف المدن السورية، وعن الوضع الذي عاشه حينما عمل في الحلاقة وحمالا وعاملا مع البحّارة، «ولكن هذه المصاعب كلها أعطته قوة داخلية لكي يفهم جوهر هذا الشعب الذي يكتب عنه، لأن حنا كتب عن مجتمع هوخلقه في رواياته»، يقول واسيني، مضيفا: «صحيح أنه مجتمع متعب وحزين ويعاني الأمرّين، لكنه مجتمع عنده شجاعة كبيرة وقيم، وظل هذا المجتمع الروائي الذي خلقه حنا مينة يحافظ على هذه القيم ويدافع عنها كثيرا».
واعتبر واسيني، خلال نزوله ضيفا على قناة «فرانس 24»، أن للراحل حنا مينة وجهة نظر في شخصيته والناس الذين تأثر بهم كشخصية إرنست همنغواي، الذي اتصف أيضا في بعض نصوصه بالجانب البحري، والحياة التي عاشها أثرت فيه وأعطت لكتاباته نمطا معينا حتى سمي بكاتب البحر أوروائي البحر، تسمية يرى فيها واسيني اختزالا لتجربة حنا مينة، لأنه حسبه «كان أوسع من البحر»، ففي رواية مثل «الشمس في يوم غائم» يشير واسيني إلى وجود حياة وجهاد ونضال ومتعة واستمتاع بالحياة تتجاوز الحالة البحرية، وإن كانت التيمة الأساسية التي هيمنت على أكثر نصوصه هي تيمة البحر.
وإذا كان حنا مينة يحدد نفسه ككاتب واقعي اشتراكي، إلا أن واسيني يعتقد أنه يتخطى ذلك: «هوأقرب إلى الواقعية بالمفهوم الأوروبي أي ليست الواقعية المغلقة على دوغما ومفاهيم إيديولوجية ولكن مفتوحة على الحياة بكل اتساعها».
وأقرّ واسيني بأن أقرب روايات حنا مينة إليه رواية «الشمس في يوم غائم»، التي هي رواية راقصة فيها حب: «حتى حنا مينة لما كنا نسهر معه كان يقوم ويرقص رقصة الخنجر التي هي جزئية أساسية داخل هذه الرواية».. وإضافة إلى هذه الرواية، يمل واسيني الأعرج أيضا إلى «الياطر» وهي رواية بحرية تبين كيف أن الإنسان قادر على التضحية بنفسه، وهي حسبه عقلية البحار و»رئيس البحر» الذي، حينما تتأزم الأمور، يكون مستعدا أن يمنح حياته مقابل إنقاذ الآخرين، «وهي في الحقيقة جزء من عقلية حنا مينة حقيقة وبدون مبالغة»، يؤكد واسيني.
وتأسف الأديب واسيني الأعرج لكون حنا مينة لم يأخذ حقه على المستوى العالمي: «على المستوى العربي دعوني أقول إن حنا مينة هوالشخصية الثانية بعد نجيب محفوظ، بدون منازع، لكنه لم يأخذ حقه لأنه يستحق جائزة كبيرة مثل نوبل أوغيرها»، وعزا واسيني عدم حصول حنا مينة على تقدير عالمي وجائزة رفيعة عالميا إلى الترجمة، حينما اعتبر أن ترجمات رواياته كانت محدودة جدا، مضيفا أن: «الترجمات تخضع أحيانا لدور النشر وليس لإرادة خاصة، وتخضع أيضا لقوة عاقلة من وراء النص هي التي تدفع النص إلى الأمام.. أنا أعتقد أن حنا مينة لم يكن لديه وكيل أدبي مثلما هوموجود في الغرب، لأن الوكيل الأدبي هوالذي يقدم الكاتب إلى العالمية»، وينبه الناس إلى أهمية الكاتب وقيمة أعماله، يقول واسيني، الذي اعتبر أنه «لوكان وراء حنا مينة وكيل أدبي مثل نجيب محفوظ الذي كان له وكيل أمريكي، لاستطاع أن يذهب بعيدا في نصوصه ويكون معروفا أكثر».
وأصرّ واسيني على كون ترجمة حنا مينة قليلة جدا، وقال: «بالنسبة لطلبتي في السوربون، فإننا لا نجد المقابل الفرنسي في الترجمة، ونضطر إلى أن نأخذ فقرات وصفحات ونترجمها، وهي ترجمة بالمناسبة بالنسبة للطلبة»، وليست معدّة لأن تكون في كتاب، يقول واسيني.