طباعة هذه الصفحة

كانت طموحة جدا والكل يشهد بأخلاقها العالية

الساحة الثقافية تودع الدكتورة عائشة عويسات

ورقلة: إيمان كافي

هزّ رحيل  الدكتورة عائشة عويسات وهي في ريعان شبابها الساحة الثقافية، ومواقع التواصل الاجتماعي، فعبر الكثير ممن عرفوها وعايشوها عن حزنهم الشديد وقرحتهم أمام هذا المصاب الجلل. “الشعب” رصدت بعضا من مواقف التضامن مع عائلة الفقيدة، وكلمات رثائها نابعة من قلوب مبدعين وأصدقاء عرفوا طيبتها وإنسانيتها وحبها للحياة.
 
ولدت الدكتورة عائشة عويسات سنة 1981، نشأت في أحضان عائلة محافظة ومتوسطة الحال، لطالما كان والدها سندها وداعما لها من أجل مواصلة مسارها التعليمي والمضي قدما في دراساتها العليا، تعتبر المرحومة قدوة للكثيرات لأنها تحدث كل الظروف المحيطة بها من أجل تحقيق طموحها العلمي حتى تحصلت على شهادة الليسانس في الأدب العربي سنة 2004 وعلى شهادة الماجيستير سنة 2007.
عملت أستاذة في الطور المتوسط بمتوسطة بوعامر بورقلة وعينت بعد ذلك أستاذة في قسم اللغة والأدب العربي بجامعة حمة الأخضر بالوادي، نالت شهادة الدكتوراه بجامعة قاصدي مرباح ورقلة بتقدير جيد سنة 2017،وعرفها طلبتها وزملاؤها بتفانيها في العمل وبسخائها في العلم، كما يشهد لها كل من عرفوها من قريب ومن بعيد بأخلاقها العالية.
وترى الدكتورة هاجر مدقن الأستاذة بجامعة ورقلة وهي صديقة مقربة منها أن عائشة عويسات من “الشخصيات الظواهر”، المميزة في عنفوانها ونشاطها وتلقائيتها وصراحتها وجديتها وحبها الكبير للناس وحب الآخرين لها، عرفتها من سنوات بعيدة جدا طالبة مجتهدة محترمة ثم أستاذة جامعية طموحة وقبل كل هذا باحثة مجتهدة تعي جيدا قيمة البحث العلمي وعلى تمكن من أدواته وأخلاقياته يظهر هذا في بحوثها ودروسها وأثرها في طلبتها الذين تتسع علاقتها بهم من القسم أو المدرج إلى خارجه في احتواء عاطفي إنساني قبل أن يكون علميا تكوينيا، تقول محدثتنا “لمست عن قرب حب زملائها وطلبتها لها وكل من عرفها، كما شهدت مكانتها الرفيعة والمحترمة بين زملائها من أساتذة قسم اللغة والأدب العربي في جامعة الوادي تماما كالحب والاحترام الذي حظيت به ومازالت بين زملائها وأساتذتها وأصدقائها في جامعة ورقلة، - مضيفة - “لا كلمات تفي عائشة حقها”، “رحمها الله وأكرم نزلها”.
مسيرتها العلمية كانت حافلة بالعديد من المشاركات ذات الإضافة النوعية في ملتقيات وطنية ودولية كما أشار أساتذتها ومن بينهم الدكتور أحمد بلخضر، فقد اهتمت بتقديم بأوراق بحثية ودراسات تميزت فيها بتقيدها بمعايير الأمانة العلمية، اهتمت بدراسة خصائص البنى الأسلوبية، البلاغة والحجاج وأيضا تحليل الخطاب، كانت شغوفة بالبحث في الرواية العربية وخاصة الجزائرية منها الفقيدة كانت قامة علمية ومرجعا للكثير ممن عرفوها وللعديد من أصدقائها الكتاب والأدباء خاصة في مجال اختصاصها في التدقيق اللغوي وإعجاز اللغة في القرآن، ويقول الكاتب والروائي رفيق طيبي الذي كان لقاؤه الأول بها في الصالون الدولي للكتاب طبعة 2017، أنها كانت صورة مشرفة عن الجامعة الجزائرية، كانت طموحة معرفيا إلى أبعد الحدود، حالمة جدا ومؤمنة بالغد الأفضل.
قد كتبت الكاتبة الروائية عزة بوقاعدة التي كانت من المقربات منها “ساكنة في القلب.. ماذا أفعل بكل هذا الليل يا عائشة!؟ عيني اليمنى توقفت عن البكاء عندما أبصرت جنازتك، واليسرى مصرة على ذرف الدمع السخي، هكذا الطيبون يموتون (في ظروف غامضة) والأشرار يعمرون... كبد الليل يتنفس من حروف اسمك الذي أصبح نطقه صعبا علي، لا استطيع أن أنام ولا أريد التوقف عن قراءة محادثاتك السابقة، لقد بعثت ملصقي الشهير الذي كان يصيبك بالقرف، (عزة بطلي التمهبيل والسماطة) هذا ما كنت تردين، فأبعث آخر وآخر... حتى تضحكين، كيف ستكون ضحكتي غدا يا عائشة!؟ صورتك وسط قلبي لو تعلمين وصوتك يسكن صماخ أذني، اعتصرت دموعي كلها وبقيت في أعماقي تنهيدة ملؤها الألم.. كيف وجدتي القبر يا عائشة!؟ إنني أبتسم من تجاعيد الكرب والخور أتصدقين!؟”.
ولازالت العديد من الأقلام تكتب حتى الساعة في فاجعة فقدان الساحة الثقافية والعلمية للدكتورة عائشة عويسات التي فارقت الحياة يوم الاثنين عقب تعرضها للسعة عقرب أدت إلى دخولها في غيبوبة مدة 10 أيام كانت ترقد فيها بمستشفى محمد بوضياف بورقلة.
المرحومة ووريت الثرى بمقبرة الطيبين بمدينة الحجيرة في أجواء مهيبة وروح تضامنية عالية، وكان خبر وفاتها الذي نزل كالصاعقة على أصدقائها والمقربين منها وعلى زملائها بجامعة ورقلة وجامعة الوادي دفع العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى التساؤل عن أي مستوى من ظروف التكفل الصحي وصلت إليه الولاية ورقلة.
للإشارة، فقد أعادت وفاة الدكتورة عائشة عويسات إلى الواجهة مشكل نقص الأطباء الأخصائيين بالولاية إلى الواجهة مجدّدا وقد خلفت وفاة المرحومة حالة من الاستياء الكبير في أوساط المواطنين الذين طالبوا الجهات المسؤولة على المستوى المركزي بضرورة التدخل لكشف ملابسات الحادثة وإيجاد الحلول الكفيلة بضمان تكفل أحسن بصحة المواطن في هذه الولاية.
وأجمع العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عقب هذا المصاب على ضرورة تحرك الجهات المسؤولة لتدارك النقائص المسجلة في قطاع الصحة بالولاية.