طباعة هذه الصفحة

الكاتب والإعلامي محمد زتيلي :

النشر يحتاج إلى نظرة ثقافية تجارية جديدة

قسنطينة: مفيدة طريفي

يرى الكاتب الإعلامي «محمد زتيلي» لدى إجابته على مسألة عائق التوزيع والإشهار للإصدارات والذي يؤرق المبدع والناشر على حد سواء، أن مجال  النشر وتوزيع الكتاب في الجزائر يعرف مأساة كبيرة، تعود انعكاساتها سلبا على الكاتب والمبدع وعلى القارئ أيضا.
 أكد الكاتب الإعلامي «محمد الزتيلي» في تصريح لـ»الشعب» أن الإشكالية المطروحة لنقاش في هذا الملف جوهر الموضوع الذي عان ويعاني منه عالم النشر بصفة عامة وعالم الكتاب على وجه الخصوص. هذه المأساة التي بدأت ملامحها الصعبة تفرض نفسها منذ حل شركة النشر والتوزيع «سنيد» عام 1990، وتحويلها إلى المؤسسة الوطنية للكتاب ENAL  وجاءت بعد ذلك ENAG المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، فقد تمت تصفية الشركة الوطنية للنشر والتوزيع في خضم ما عرف بإعادة الهيكلة والإصلاحات التي طالت المؤسسات الاقتصادية، وهذه السياسة تماهت مستجيبة للتحولات الاقتصادية التي بشرت بها بريسترويكا غورباتشوف في الإتحاد السوفياتي خلال الثمانينيات من القرن الماضي.
 وفي الجزائر كان عراب هذه الإصلاحات الأخضر الإبراهيمي وواصلها مولود حمروش مع بعض الرتوشات المعدلة، حيث جاءت في عهده، غير منفصلة عن سياسة عامة، سياسية واقتصادية انسجاما مع دستور 1989م.  والمؤسف في الأمر أن الإصلاحات المذكورة تعاملت مع كل المؤسسات بمنطق واحد «منطق سرير بروكوست، بمعنى أن المعيار التجاري طبق على كل المؤسسات بغض النظر عن أي مقام أو تقييم خاص، بمعنى أن المعيار التجاري الربح والخسارة طبق على مؤسسة تنتج الكتاب وتوزعه بنفس معيار المؤسسة التي تنتج الأثاث أو الوسائل الأحرى، هذا بالرغم من أن الكتاب الذي يفترض معاملة استثنائية حصل معه نفس الشيء وربما بإرادة خاصة لتصفيته.
 ولعلّ، يضيف زتيلي «سائلا يسأل ما جدوى هذا الكلام اليوم وقد تغيرت الظروف بعد أن مرت عليه ثلاثون سنة؟ والجواب هو، إنه ومنذ ذلك الحين لم تنشأ مؤسسة بحجم الشركة الوطنية للنشر والتوزيع التي كانت وقتذاك بعشرات المكتبات التي تمتلكها عبر كل التراب الوطني لتوزيع الكتب الصادرة عنها وكذا تلك التي تستوردها من أمهات الكتب والدوريات الأجنبية، وتشغل مئات العمال فضلا عن أسطول وسائل النقل المختلفة، هذه الشركة الثقافية العظيمة تمت تصفيتها واقتسام مقراتها أو الاستحواذ عليها. ومنذ ذلك لم تتأسس شركة توزيع للكتاب بعشر حجمها وبأسعارها، رغم ما يقدم من تقارير تغليطية من طرف بعض مستوردي وموزعي الكتاب ممن استحوذوا على أهم المكتبات التي امتلكتها «لاسنيذ».
 ومنذ ذلك، أردف قائلا «برزت أزمة النشر والتوزيع في الجزائر، ولعل المشهد البائس في هذا المجال هو أن القطاع الخاص الذي رافق تلك المؤسسة قليل العدد، بل ويمكن عدها على أصابع اليد الواحدة، وكان لها دور مقبول في إطار هيمنة القطاع العام، حيث أنها كثيرا ما كانت سندا في مجال الإنتاج والتوزيع، غير أن هذا القطاع الخاص تمت محاصرته تجاريا واقتصاديا، فلم يتمكن من التوسع للعب دوره في ظل ما سمي بالإصلاحات.  «واستمر يضيف في نفس السياق».  الوضع البائس إلى أن ظهرت دور نشر خاصة في الشنطة بفضل اللهاث خلف الحصول على الريع ابتداء من عام 2003 و2007 و2011 و2015 حينما فتحت مناسبات أمام أكثر من ثلاثمائة دار نشر للإثراء والبزنسة، فحصلت كثير من الإيجابيات وأكثر منها السلبيات في غياب عقلانية ورشادة وتفكير مستقبلي. ويطول الكلام في هذا الأمر، والمحصلة أن النشر اليوم في الجزائر يحتاج إلى نظرة تجارية ثقافية جديدة متفتحة ولكن وفق قوانين ودفاتر شروط وآليات معيارية مثلما يحصل في العالم المحيط بنا».