طباعة هذه الصفحة

الحاج عبد الرحمان المدعو «المفتّش الطّاهر»

أعمال خالدة في السّينما الجزائرية

إعداد: فؤاد بن طالب

 مات المفتّش الطاهر لكن أفلامه ومسرحياته بصمت  في قلوب الملايين


تعود بنا الذّكريات ونفتح  دفاتر الأيّام لنتذكّر ونتحدّث عن صاحب اللّمسة المتميّزة في الالقاء الدرامي، إنّه «المفتّش الطاهر» صاحب النكتة والابتسامة السّحرية، التي «يدغدغ» بها قلوب عشّاقه ومحبّيه، ويبعث بها جرعة «أوكسجين» مليئة بالثقافة الدرامية الرّاقية، التي كسب بها رهان نجاحاته داخل الوطن وخارجه، حتى أصبح من ألمع نجوم الدراما الجزائرية عبر القاعات والمسرح الوطني، وهذا ما أكّده في أكثر من عرض مسرحي وتلفزي وسينمائي على غرار فيلمي «المفتش الطاهر» و«عطلة المفتّش الطاهر»، إضافة إلى الكثير من الأعمال الفنية التي اقتحم بها عالمه الفني والدرامي، كما استطاع الحاج عبد الرحمن المدعو «المفتش الطاهر» أن يضع لنفسه بصمة متميّزة في الأداء عن باقي زملائه، وهذا بفضل جميع أعماله التي وضعته في مقام كبار الممثلين.

اللّمسة الدرامية المتميّزة

المفتش الطاهر كاتب وممثل ومخرج وفكاهي متميز عن باقي الفكاهيين الجزائريين، وحتى على مستوى المغرب العربي، أحبّته الجماهير هنا وهناك من خلال أدائه الدرامي وما قدّمه من مسرحيات وأفلام أثلجت صدور الملايين وعشّاق فن هذا العملاق،  انطفأت شمعته يوم 5 / 10 / 19 في باريس وهو في سن الشباب، تاركا فراغا كبيرا في الوسط الفني الجزائري وحتى المغاربي نظرا لتميّزه في الأداء وحلاوة إلقائه للجمل الدرامية، وتوظيفها بتعابير ممزوجة ببسمة الفكاهة المتميّزة التي لا نجدها عند باقي الفنانين الآخرين.

ظاهرة فنيّة...

الحاج عبد الرحمن ظاهرة فنيّة متميّزة في سماء الدراما الجزائرية نظرا لتميّزه في الأداء، وهذا ما جعله يكسب الرّهانات أينما حل وارتحل في العروض الفنية التي قدّمها في بداية حياته الفنية أين اندمج بسرعة البرق مع كبار الممثّلين في الستينات والسبعينات والثمانينات، حيث انطلقت شهرته لكنها لازالت ساطعة في سماء الدراما الجزائرية إلى اليوم.
يعرف هذا العملاق في الوسطين الفني والعائلي باسم الحاج عبد الرحمن إلى أن سمي فيما بعد «المفتّش الطاهر»، ولد في 12 /  10 / 1940 بالجزائر العاصمة وتوفي بتاريخ 05 / 10 /  1981 في سن 40 سنة بباريس بعد مرض عضال، وهو من عائلة تنحدر من مدينة الطاهير بولاية جيجل، ومنها اتّخذ اسمه المفتش الطاهر حيث اشتهر بهذا الاسم في الأداء الدرامي، الذي كسب به رهان نجاحاته الدرامية فاقت كل توقّعات من عايشوا هذا الفنان.

حبّه للحياة الفنية
يقول كل من عرف «المفتش» إنّه كان مولعا بالفن الدرامي وهو لايزال صغيرا، حيث اقتحم الحياة الفنية كمصوّر تلفزي، ثم تدرّج شيئا فشيئا في التمثيل المسرحي البسيط، حيث تتلمذ على يد علال المحب وتقمّص معه عدّة شخصيات منها شخصية «المفتش الطاهر» التي أبدع في أدائها وتوظيفها إلى جانب رفيق دربه المرحوم يحيى بن مبروك وآخرين.
تقمّص العديد من الأدوار عبر مسيرته الفنية والسينمائية، حيث أدّى دور المفتش الطاهر، القط والفأر، (1968)، عطلة المفتّش الطاهر للمخرج موسى حداد 1972، المفتش الطاهر يسجل الهدف 1977، ساعة و45 دقيقة 1975، إنّه الحاج عبد الرحمن المعروف «بالمفتش»، حيث استطاع أن يصنع لنفسه مدرسة مكّنته من أن يصبح ممثلا من الدرجة الأولى، ومؤلّفا سينمائيا ومخرجا للعديد من الأفلام البوليسية مع الممثل الراحل يحيى بن مبروك في دور المساعد للمفتش.
المفتش الطاهر شخصية فنية نادرة في الأداء والتنويع والالقاء، من ممثل مسرحي إلى ممثل سينمائي من طينة الكبار، ثمرة فنية وثقافية نبعت من وسط المجتمع الجزائري البسيط، كما يعتبر ظاهرة فنية لا تتكرّر في الدراما الجزائرية، ترك الكثير من الأعمال الفنية الخالدة لأنّه يمتاز عن جيله في التأليف والأداء، وبصمته تتحدّث عنه في المجال الفني الرّاقي في التلفزة، الاذاعة، السينما والمسرح.
إذا كان رفيق دربه وصديقه الحميم يحيى بن مبروك عايشه وعاش معه في أكثر من عمل، إلا أن هذا الصديق الوفي بعد وفاة «المفتش» أراد أن يحيي دور المفتش ويتقمّصه، حيث أدى يحيى بن مبروك دور المفتش الطاهر ومصطفى برور دور «البرانتي»، وهذا إحياءً وتخليدا لذكرى هذا الفكاهي الكبير والمتميز، وتمّ هذا العمل إلا أنه لم يكن في مستوى المفتش، غير أنّ التجسيد الفني كان حبّا لهذا الفنان من طرف صديقه «لبرانتي».

نمط متميّز في الأداء
كل أعمال المسرحي الكبير المفتش الطاهر متميّزة وتختلف عن بعضها، نظرا لكفاءة الرجل في الأداء والتوظيف الدرامي التلقائي، أينما حل وعمل الا وكانت القاعات ممتلئة بعشّاق فنّه، أما اليوم وحسب المختصّين فالمواطن لا يجد نمط حياته في أي عرض لأنّ زمان المفتش كان يشرف على إخراج الأعمال فنانون مسرحيون على غرار المخرجين مهداوي وإفتيسان وآخرين.
وقد بقيت راسخة ومنقوشة في ذاكرة المشاهد الجزائري والمغاربي، والعربي وحتى عبر أوروبا أين قام هذا العملاق بعرض عدة أعمال فنية راقية أثلجت صدور الجالية الجزائرية وغيرها..
كما يمتاز المفتش الطاهر بالذّكاء في طريقة اختياره للأعمال الدرامية المعبّرة عن الهموم اليومية للمواطن
على غرار مسرحية «مونسيرا» و«بنادق أم كرار» لمؤلف ألماني، ومسرحيات أخرى هادفة جاب بها كل ولايات الوطن مع رفيق الدرب يحيى بن مبروك، إضافة إلى هذا قدّم العديد من «السكاتشات» الفكاهية، كما يقال عنه أنّ له فضل كبير في اكتشاف العديد من المواهب أيّام زمانه مثل الفنان «عريوات» والفنان «سيراط»، وغيرهما من الأسماء التي لمعت في سماء الفكاهة فيما بعد، وتركت هي الأخرى بصمات في سماء الدراما الجزائرية.

جيل المفتّش الطاهر

حسان الحسني، رويشد، سيد علي كويرات، مصطفى كاتب، يحيى بن مبروك، كلثوم وعثمان عريوات.

كما تعاملمع  مخرجين هم

عمار العسكري، محمد سليم، رياض، عمر بختي، أحمد راشدي وآخرين..
الحاج عبد الرحمن (المفتّش) عاش لفنّه ومات له، فبكته الملايين حيث وافته المنيّة يوم 5 / 10/ 1981 بباريس (40 سنة)، ويبقى المفتش الطاهر رمزا من رموز الدراما الجزائرية والمغاربية والعربية بلا منازع تتذكّره الأجيال، ولن يستغنى عن فنه أي جيل لأنّه ظاهرة فنيّة خالدة لا تتكرّر أبدا.


بطاقة فنية
الاسم: حاج عبد الرحمن.
الاسم الفني والشّهرة: المفتش الطاهر.
الميلاد: 12 / 10 / 1040 بالجزائر العاصمة.
الوفاة: 5 / 10 / 1981 (40 سنة) بباريس ـ فرنسا.
الحياة العملية والابداعية
عطلة المفتّش الطاهر، 1972
المفتش الطاهر يسجّل الهدف، 1975
القط والفأر، 1968.
المسهول.
المهنة: ممثل ومخرج أفلام
ظاهرة فنية لا تتكرّر دائما.