طباعة هذه الصفحة

مبدعون وأدباء شباب لـ«الشعب»:

العالم الافتراضي منحنا مساحات للتعبير الحر

البليدة: لينة ياسمين

يرى مبدعون شباب ومخضرمون، أدمنوا القراءة والكتابة بألوانها وأنواعها، في الخاطرة والقصة والشعر ونظم القصيد، أن واقع المتعطش اللّهفان، لأن تكون له مساحة وركن وزاوية وفضاء، يعبّر فيه عن مكنوناته، وينثر قصصا وروايات، أو يقرض شعرا عموديا، حرا أو كلاسيكيا يبنى على البحور، ويرتّل فوق منابر يحضرها جمهور ولهان يعشق كل ما هو أدبي ومكتوب، بات كمن يصارع طواحين في خيال «الدونكيشوت ديلامانشا»، لا هو أصابها ونال منها، ولا حقق ما يجول ويدور في خياله وعواطفه، بل ظل مثل الحالم يسرح في الخيال.

السبب وراء هذا الواقع الدونكيشوتي، بحسب من اقتربنا منهم، هو كون فرصة إصدار منشور لهم في حجم كتاب أو ديوان، ليس من اليسير، والمحظوظ فقط من له ذلك، خصوصا بين فئة الشباب المبدع الهاوي، وأمام مثل هذه الممنوعات والمعوّقات، وجدوا متنفسا في فضاء افتراضي إلكتروني، سبحوا فيه وعلّقوا قصائدهم وخواطرهم، على منصّات افتراضية، وهم بذلك أرادوا أن يثبتوا وجودهم، ولكن ليس كل طموح ينال صاحبه جائزة، فهم في هذا الشق انقسموا، وأصبح بعضهم نادما يتحسّر، بينما القليل يرى أن لا مانع في ذلك، ما دام كسب جمهورا من المتصّفحين، وترك اسمه في ذاكرة عدد من المتابعين .
 استغورت «الشعب» بمواطن بعض من المبدعين من طلبة وممّن كسبوا تجارب في الحياة في هذا الشق، وعادت بلمحة عن جانب من حقائق النشر على الواقع الافتراضي.

الكاتب محمد أيوب يلوز: الفضاءات الإلكترونية فسيحة لا حدود لها

 يقول صاحب «درع « أصغر باحث بملتقى «تاسكا» الدولي بتركيا، محمد أيوب يلوز، وصاحب المشاركات الدولية في مصر والأردن، والمتخرج في اللّسانيات، أن» الفضاء الأزرق الافتراضي، جلب إليه مبدعين ناشئين بالأخص»، بات مقصدهم وقبلتهم، لما توّفر عليه من ميزات وخصائص عديدة.
يقول يلوز في تصريح لـ «الشعب» إن من أبرز هذه الخصائص «إبقاء المبدع على اتصال مباشر مع المتصّفحين الافتراضيين، أو ما يعرف في اللّغة الكلاسيكية القراء أو الجمهور، ثم أن حدود هذه المنصات الالكترونية، إن صحّ التعبير، فسيحة ومفتوحة ولا حدود لها، هي مثل الثقوب السوداء في الفضاء الخارجي، تلتهم كل شيء يقترب منها، شرهة ولا تشبع.»
يضيف المتحدث أن في الفضاء الافتراضي امتيازا أو ميزة أخرى، وهي أن «المبدع أو الكاتب أو الشاعر، يحتك مع تجارب مبدعين آخرين ويكون ذلك سريعا وآنيا».
لا يقتصر الأمر، بحسبه على نطاق جغرافي ضيّق، بل يمتد إلى كل زوايا الأرض وحدودها البعيدة عبر قارات العالم، وهذا مكسب ليس له ثمن، إلا أنه في الوقت نفسه يعيب على مثل هذا النوع من النشر الافتراضي بعض الشوائب، خاصة حينما يتعلق الأمر بـ «التدقيق اللّغوي والتصفيف الداخلي»، ناهيك عن زاوية «الدراسة العميقة للتراكيب» من حيث المقاربة اللّسانية والدلالية وأيضا السيميائية، واختصر ذلك بأن تلك الإبداعات قد لا تكون «ناضجة «، مشيرا إلى المقارنة التي باتت تثار على مستويات، بين النشر الإلكتروني والورقي.
 يرى الكاتب أن الأمر أبعد من الطرح الواقع كون القارئ يحّن وتربطه عاطفة مع كل ما هو «ورقي»، لكن الإشكال والعائق، يكمن في أن هذا الأخير ينفر بعضا منهم بالنظر لتكاليف ومصاريف الطباعة، وهنا الطامة والمصيبة، خصوصا إن كان صاحب الإبداع غير ميسور، فلا حل له سوى جمع المال، أو المجازفة والمقامرة عبر النشر الإلكتروني.

الإعلامي والكاتب رفيق موهوب: كل لديه خصوصيته ..

يتصوّر الإعلامي والكاتب موهوب رفيق، أن الفضاء الافتراضي سمح لعدد من أصحاب الأقلام غير الحبرية، أن يكسروا قاعدة الأسماء اللامعة والبراقة، وتظهر أسماء عبر مثل هذه المنصّات الافتراضية. وهو يرى بأن الأمر سهل وفي المتناول بالنسبة لهذه الفئة، كما أن صرف النظر عن الطابع الكلاسيكي في الكتابة الورقية، بين هؤلاء الرّواد الافتراضيين، هي تأتي أيضا للإجراءات المعقدة أحيانا في الطبع والنشر، وللتكاليف المتعارف عليها بين الجميع، وهو ما يترك هؤلاء المبدعين يلجأون إلى أسلوب الإلكترونيات، ويصبح لديهم جمهورا واحتكاكا مباشرا مع المتصّفحين .
 أما عن المنافسة فهو لا يوافق هذا الطرح، ويقول في هذا الصدد أن لكل خاصيته، وقال في مثال كلامه، أن التلفزيون لما ظهر في مطلع القرن العشرين «20 «، قال الكثير بأن الإذاعة قد انتهى زمانها وستنقرض، لكن الحقيقة هي شاهدة، اليوم، على عكس ما كان يُتصوّر ويُحلّل، ولم ينقرض «الراديو» وظل هو والتلفاز، يواجهان كل سنة وكل حقبة، وسائط ووسائل جديدة تظهر، ولكن كل في حدوده واختصاصه، مثل الزيت والماء، سائلان ولكن لا يختلطان، كل بمواصفاته، والنشر الورقي أو الكتاب يظل يحافظ على رمزيته ومثاليته وصفته، والنشر الالكتروني بدوره لديه خصوصيته التي تعنيه فقط.