طباعة هذه الصفحة

الفكاهـي جعفـر بـاك

أعمال خالدة لسفير «الإبتسامة الفنية»

إعداد: فؤاد بن طالب

ساهم في تربية أجيال عديدة برسائله الهادفة

لا يختلف أثنان على أن الروائع الدرامية مهما كانت اللغات التي توظف بها تبقى خالدة في الوجدان ولا تموت أبدا.. أتحدث اليوم عبر صفحة الذكريات عن الفنان الملقب بسفير الإبتسامة الفنية أنه شروق عبد القادر، المعروف فنيا بـ جعفر باك، يقال عنه بأن الابتسامة سلاحه والضحك دواؤه والغناء والتمثيل جزء كبير من حياته، لأن جعفر باك له طريقته الخاصة في الأداء الدرامي البسيط ، وله أسلوب متميز في الالقاء الفكاهي الجذاب، حيث أبدع لأكثر من ٦٠ سنة في التنشيط الإذاعي والتلفزي الذي كان مشفوعا بخرجات فنية يقدمها هذا الفنان المتميز في الابتسامة، والأداء، وحتى حركاته الفنية على الركح أو أمام الشاشة تختلف عن جيل زمانه من المبدعين على غرار قاسي تيزي وزو، أحمد قادري (قريقش)، حيث يعرف كيف يوظف الجمل الدرامية البسيطة بطريقة جذابة تسعد المشاهد، نظرا لما فيها من رسائل اجتماعية وثقافية وسياسية هادفة.


سفير الابتسامة الفنية
إنه المنشط والممثل العبقري في زمانه «جعفر باك» هذا الفنان المعروف عنه بنضاله السياسي، لما كان في تونس مع الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني برئاسة مصطفى كاتب ونخبة كبيرة من جيل الثورة، على غرار الموسيقار مصطفى سحنون، أحمد وهبي، يحي بن مبروك، «لابرانتي» والقائمة طويلة في المجال الفني، وكان جعفر باك يمتاز في أغانيه الفكاهية بالشجاعة المباشرة اتجاه الاستعمار آنذاك، لأن بين السطور رسائل ثورية مشفرة لا تقبل النقاش ولا المساومة نظرا لتوظيف جملها من طرف هذا العبقري أمام الجماهير.
إذا تكلمنا عن جعفر باك، الفنان المتميز في الآداء والتنشيط، فإن الأقلام تجف والأفكار قد تتعب نظرا لمقامه وقيمته كعملة فنية وسياسية وثقافية واجتماعية، يكفي أنه كان من الأوائل الذين ادخلوا البهجة والفرحة في الفرقة الصبيانية، بقيادة الفنان الكبير «رضا فلكي» وكانت انطلاقة جعفر باك من هذه الفرقة، التي أبدع فيها وهو صغير نظرا لموهبته في الإلقاء والتوظيف الفكاهي الجذاب.
جعله يبقى رقما متميزا في قلوب الكبار والصغار إلى أن وافتة المنية في ٢٠١٧ بمستشفى زرالدة ودفن في مقبرة العاشور.
ولد صاحب الأغاني الفكاهية الهادفة يوم ٢١ / ١٠ / ١٩٢٨ بالقصبة، وكان يطلق عليه بسفير الابتسامة التي أهلته بأن يجعلها سلاحا خاصا به، أما الضحك فيعتبر دواءا مهما للجماهير، أما الغناء والتمثيل بالنسبة لجعفر فهو جزء كبير من حياته الفنية.
ونظرا لعبقريته وذكائه، احتضنته الفنانة، مريم فكاي، وهو شاب وتعلم على يدها الكثير من الأمور الفنية البسيطة التي أهلته ليصبح بعد مدة قصيرة نجما في الدراما الشعبية بالقصبة، إلى أن دخل الفرقة الصبيانية بقيادة الفنان العبقري، رضا فلكي، الذي شجعه وقدم له الخطوط العريضة لمواصلة مشواره الفني وهو صغير.
بعد هذه البداية المتميزة كان متأثرا بالفكاهي الكبير «رشيد قسنطيني» الذي تعلم من مدرسته الكثير من التقنيات الدرامية البسيطة، لكنها مؤثرة في المجتمع الجزائري في الأربيعينيات.
محطة في حياة «باك»
قبل ولوجه وتعمقه في الفن وهو طفل صغير، جرب حظه في الحياة العملية بالميناء، إلا أنه لم يعمر طويلا هناك، بل انخرط في الكشافة الإسلامية الجزائرية، التي تعلم فيها الكثير والكثير من الثقافة العامة وتعمق شيئا فشيئا في الإبداع الفني، ونظرا لموهبته وذكائه في التنشيط أهلته بأن يكون رقما متميزا في بيت الكشافة الاسلامية آنذاك، وهذا في الأربعينيات أين أصبح واحدا من كبار جيله في التنشيط والتمثيل الفكاهي المتميز، إلى أن لقب بسفير التنشيط الإذاعي والتلفزي.
شروق عبد القادر المعروف فنيا «بـ جعفر باك» هو كوميدي متميز، منشط ذكي، فكاهي مبتسم، بدأ حياته الفنية بفرقته الصبيانية بالإذاعة والتلفزة، تحت إشراف رضا فلكي، وهذا قبل الاستقلال، حيث شارك في مظاهرات  ٨ ماي ١٩٤٥ بالعاصمة إلى جانب زملائه من الفنانين في ذلك الزمان، توفي في ٢٠١٧ وعمره ٩٠ سنة بعد صراع مع المرض بمستشفى زرالدة، ودفن في مقبرة العاشور، بحضور عائلته الأصلية وعائلته الفنية وحشد كبير من محبيه وأصدقائه.
أعماله الفنية
تتمثل أعماله الفنية في عدة مسرحيات شهدتها عدة مسارح وطنية شعبية على غرار أبناء نوفمبر، الخالدون، وهذا قبل الاستقلال، أين كان يوظفها من أجل بعث رسالة وطنية للجماهير حتى تلتف مع الثورة ونجحت نجاحا باهرا.
بعد استقلال الجزائر كان جعفر باك من الأوائل الذين اقتحموا مبنى الإذاعة والتلفزة، وكان هذا يوم ٢٨ / ١٠ / ١٩٦٢ كممثل إذاعي وتلفزي، ومن هنا بدأ الإبداع المباشر مع الجماهير.
أهـمها
يملك في رصيده من الوصلات الفكاهية العديد من الانتاجات، أهمها «البيروقراطية» والأغاني الفكاهية، من بينها «أديناها يا جلول» «أنا مليت أنا مليت».
كما أنتج أيضا حصصا إذاعية وتلفزية، من بينها البشاشة، منكم وإليكم وكان في ذلك الزمان يشاركه في الإبداء، قريقش، قاسي تيزي وزو، سيد علي فرندال، و...
كما كرم جعفر باك في أكثر من مناسبة وطنية من بينها تكريمه التاريخي يوم ٩ / ٠٢ / ٢٠١٧ من طرف الجمعية الفنية للألفية الثالثة برئاسة سيد علي بن سالم، ومؤسسة «أوندا» الفنية التي دائما حاضرة إلى جانب الفنانين المبدعين.
عطاء خالد
بعد رحلة طويلة من العطاء الفني الراقي والتنشيط المتميز، شاء القدر أن يخطف الفنان المناضل شروق عبد القادر، إنها رحلة فنية مليئة بالإنجازات الدرامية المتميزة التي بصم بها في قلوب الملايين عبر التراب الوطني وخارجه، إنه سفير الابتسامة الفنية جعفر بن باك، الذي توفي في ٢٠١٧ عن عمر ٩٠ سنة فأعماله تبقى خالدة في الوجدان تتحدث عنه.