طباعة هذه الصفحة

العَربــي يَهــزمُ الجِــنرال

شعر: محمد جمال عمرو/ العراق

في “عينِ مْـليلةَ” مَولـودْ
أرهَبَ حُـكّامًا وجُنـودْ
ضُبّاطًا وعساكرَ يَقهَـرْ
جيشٌ جـرّارٌ يَتـقهقَـرْ
حينَ استَرسَـلَ بِالضّحكاتِ
قالَ الغاصِبُ: حانَ مَماتي

والقصّةُ يا صَحْبُ طويلةْ
أوّلُها في “عينِ مْـليلةْ”
فيها نشأ البَطلُ الثّائِـرْ
في وطني في شَرقِ جَزائِرْ
يَحتـلُّ الأوطانَ فرَنسي
يُصبِحُ في الإجْـرامِ ويُمسي
يَقتـلُ شعبًا حُـرًّا أعزَلْ
وبِضحكَةِ صاحبِنا يُقتَـلْ

صاحبُنا عشقَ الكشّافةْ
مَنَحـتْهُ صُمودًا وحَصافةْ
في “بَسكَرةَ” انضمَّ إليها
والقائِـدَ قـدْ صارَ علَيها
شبَّ فتىً يَحميهِ اللهُ
تمكينًا.. عِـزًّا أعطاهُ!
تابَعَ أفلامًا حَربيَّـةْ
شَغلَـتْهُ حياةُ الثَّـوريّةْ
لقّـبَهُ الأصحابُ “زاباتـا”
لا يعرِفُ جُبنًا.. هَـيْهاتَا

بَطلٌ في الفَنِّ وفي المَسرَحْ
و«فَضيلةُ” لو غنَّتْ يَفـرَحْ
هـدَّافٌ في كُرةِ القَـدمِ
لكِنْ في يَومٍ لَـمْ يَنَـمِ
حينَ اشتَعلَتْ نارُ الثَّـورةْ
بِسواعـدِ أبطالٍ حُـرَّةْ
فمضى في صَفِّ الثُّـوَّارِ
يَلحَـقُ بِالجُـندِ الأحْـرارِ
يا ابنَ مْهيدي يَومُـكَ جاءَ
فاطرُدْ منْ أرضي الأعداءَ
دُمتَ عزيزًا أنتَ مُحمّـدْ
نارُ الثَّـورةِ لا لَنْ تُخمَـدْ
قاتَلَ هذا البَطلُ اسْـتَبسَلْ
بِعقـيدةِ حُـرٍّ لا يَكسَـلْ

يومًا قالَ البَطـلُ البـارِعْ:
ألقوا بِالثَّـورةِ في الشَّارِعْ
ألقوها يَحضُـنْها الشَّعبُ
يَتهاوى بِيَـديهِ الصَّعبُ
ونُغنّي: أُمَّـاهُ جَزائِـرْ
يَفدي أرضَـكِ شَعبٌ ثائِـرْ
شَعبٌ أقسمَ أنْ يَفديـكِ
يُعلي الرَّاياتِ ويَحميـكِ
لِلأعداءِ المَوتُ المُـرُّ
وأنا مْهيدي ابنٌ حُـرُّ
سأُقاتِـلُ حتَّى أُستَشْهَـدْ
بِنَعيمِ الجنَّاتِ سأسعَـدْ

ابنُ مْهيدي قـادَ مَعارِكْ
يُبلي في الأعْـداءِ يُعارِكْ
أشبَعَهُـمْ في الحَربِ قِتالا
وأراهُـمْ مِنهُ الأهـوالا
قالـوا: لَيسَ لنا إلاهُ
لَنْ نَرميَ بِالنَّارِ سِـواهُ
جِنِّيٌّ هـذا عِـفريتُ
سنُلاحِـقُهُ حيثُ يَبيتُ؟
قدْ أوجَعَنا قَـتْلاً.. ضَرْبا
ما لَمْ يُقـتَلْ نَخسَرْ حَرْبا


واشتَعلَ “الجِنرالُ” جُـنُونا
أرسَلَ جاسُوسًا وعُـيُونا
العَربي كابوسًا صارْ
رَمزَ صُمُـودٍ لِلثُّـوَّارْ
العَربيْ في القَبضَةِ باتا
لنْ يَحني القامةَ لو









ماتـا
وابنُ مْهيدي أسدٌ يَـزأرْ
رُغمَ الأسرِ يَظلُّ مُحَرَّرْ
عَبثًا قدْ حاولَ “مارسيلُ”
أنْ تُفتَـحَ لِلغَـدرِ سَبيلُ:
لو تُرشِـدُنا لِلثُّـوَّارِ
تغدو اليَومَ معَ الأحْرارِ

ابنُ مْهيدي لَمْ يَتكلَّـمْ
و«الجِنرالُ” بَدا يَتألَّـمْ:
جِنِّيٌّ أمْ بَشَـرٌ أنتَ؟
لو أفصَحْتَ لَما عُـذِّبْتَ
العَربي ما قالَ كلاما
بَلْ أخفى في القَلبِ سِهاما
أطلقَها سُـمًّا في الحالِ
بَصْـقًا في وجْهِ “الجِنرالِ”
ضَحِكَ العَربي رغمَ الألَمِ
لَنْ أنطُقَ حتَّى في الحُـلُمِ

يَئِسَ “الجِنرالُ” المَهزومُ
وتَبَـدَّتْ في النَّفسِ هُمُومُ
أدّى لِلعَـربيِّ تَحيَّـةْ
لِصُمُـودٍ والنَّفسُ أبِيَّـةْ
واعتَرَفَ “الجِنرالُ” الظَّالِمْ:
أُقسِـمُ أنَّي أغزو العالَمْ
لو عِندي جُنْـدٌ أمثـالَكْ
ما أشجَعَ في الحَرْبِ قِتالَكْ!

«مارسيلُ” هُنا خاطَبَ “بُولْ”
أرِني العربيَّ المَقتُـولْ
اُشنُـقْهُ أمامي في الحالِ
بِيَـدٍ فَـورًا دونَ حِبالِ

أطلَقَ صاحِبُنا الضَّحِكاتِ
ورأى قَصْـرًا في الجَنَّاتِ
أجنِـحةً بَيضاءَ تَـرِفُّ
وهوَ إلى الفِـردَوسِ يُـزَفُّ
فاحَتْ بِالعِطرِ أزاهيْـرُ
وعلا في الأرضِ التَّكبيرُ
وانتَصَرَتْ بِدِمانا الثَّـورَةْ
وجَزائِرُنا صارَتْ حُـرَّةْ