طباعة هذه الصفحة

قصائـد للجزائر في عيدي الاستقلال والشباب

بطولات للمقاومات الشعبية يدوّنها الشعر الملحون

معسكر /ام الخير.س

شهدت الثورة التحريرية المباركة و قبلها  خلال عقود من المقاومات الشعبية في الجزائر، حراكا ثقافيا كبيرا في شتى أشكال الثقافة و أجناس الشعر والأدب، وتدفقت على ألسن الجزائريين والجزائريات ألحان القصائد الثورية، بعد الاستقلال وإلى زمن غير بعيد، امتزجت فيه الفنون العصرية بعبق الثورة المجيدة.

من تاريخنا الثوري المجيد ملحمات  لازالت تتردد بيننا، عالقة في الذاكرة الشعبية من خلال القصائد الثورية التي كان لها أثرها في حشد الهمم ، على غرار أغاني ترثي استشهاد البطل المقاوم بوزيان القلعي ، مرعب التواجد الاستعماري في  سنوات 1840، منها أغنية شهيرة كانت ترددها النساء في الأعراس تحكي المقتل الشنيع للزعيم بوزيان قائد التمرد الشعبي بجبال بني شقران من القلعة بغليزان إلى المحمدية ونواحي بلعباس.
وتروي الأغنية الشعبية آلام الزوجة التي حضرت لزوجها ذات ليلة طاولة طعام العشاء قبل أن يلقى عليه القبض من طرف عساكر الجيش الفرنسي بعد الوشاية به وتقول:
راني على بوزيان ..بوزيان القلعى
مول المظل الغربي ...وكي ضرني في قلبي
خلا الفراش مفرش ....خلا الطير مريش
خلا الطعام مسقي ....خلا البيض منقي
راني على بوزيان..بوزيان القلعي ..راح مايولي
داوه  الواد..الواد ..عيط ..ماصاب ولاد..
داوه  الكاف ...الكاف . .عيط  ماصاب ..كتاف
لعبو ...به الكرة..ولاحوه في مطمورة
لحيتو ..الحمرة ..ممردة بالرملة...
راني على بوزيان ..بوزيان القلعى
مول المظل الغربي ...وكي ضرني في قلبي

أسد بني شقران ، بوزيان القلعي المستعادة جمجمته من متحف باريس، هو بوزيان سحنون ولد الحبيب الملقب”بوزيان القلعي” مولود في 1838 في القلعة التابعة لولاية غليزان حاليا في جبال بني شقران ومسجل في سجل الحالة المدنية لبلدية المحمدية ،بدأ برعي الغنم ثم حطابا يقطع الحطب ليبيعه في السوق وتزامنت ثورته مع ثورة أولاد سيد الشيخ في 1872 ،عرف بالأسطورة لأنه من بين القلائل في زمانه الذين حملوا مشعل المقاومة دون المبالاة بقوة المستعمر الفرنسي في الجزائر دامت ثورته 13 سنة دوخ خلالها المستعمر الفرنسي، التي سجلته ضمن قائمة المشاغبين بسبب اعتراضه في كل مرة على القوانين الظالمة للادارة الفرنسية كما اعتبرته السلطات الفرنسية قاطع الطريق المشهور بالمحمدية هو وصديقه جيلالي شقراني المعروف بجيلالي القاطع.
ولو أن المصادر التاريخية لم تذكر الكثير عن مقاومة الرجل، غير أن أسطورته بقيت عالقة في الذاكرة الشعبية، مثلها مثل مقاومة بني شقران التي اطنب شيوخ الصوفية وشيوخ الشعر الملحون في ذكرها في قصائدهم الشعبية، التي تمكن أحد المجاهدين المتوفين دحو مزيان من تدوين البعض منها في قصيدة شعر ملحون تقول:  
اصغا ليا يا شاب نحكي لك ماصار بين الاستعمار و الشڤرانيين
حلفو باللايمان كي تشعل النار ما يغدوش ولادنا عسكريين
ست اشهر حساب مع القوم الفجار كذا من الضباط صدو مقهورين
قادوها رجال صناديد كبار كي قادة شعالة ميزة و زين
مشاهده في لعراش ينشر في اخبار قومو للجهاد يا وطنيين
بني شقران قواو كانو من الثوار بمكاحل و كحيل لعدوهم مكانين
حضر الجنرال قال نخلف الثأر  صفعه بن عبو قبال المسؤولين
خلط الحبوب دمرها تدمار و حرقها بالغاز و حطب و بنزين
حطم الغابات و ردم الآبار هتك الحرمات خلاهم بكايين
في لونه ڨاشور يحمار ويصفار يحكم بالاعدام وينفذ فالحين
للكالادوني (كاليدونيا الجديدة) ساڨهم  شبان صغار  قال لهم ليوم راكم منفيين
رسلهم في بابور لأرض القيفار في الكيان لقاوهم الجلادين
بسناسل حديد مزير تزيار قارضهم الجوع يمشو حفيانين
الجزائر ولادها شجعان كبار ما يرضوش الذل من الفرنساويين
يا رب يا رب يا رب بجاه نبيك المختار نت تحفظ بلادنا نعيشو هانيين
و يختم الشاعر المجاهد دحو مزيان،قصيدة الملحون  بتوقيعه قائلا:
دحو مزيان . مين جاب الاشعار مسلّم للشيوخ المثقفين
معسكري صحيح من الشرفة الاحرار صليت على الرسول المصطفى الامين.
و تعد هذه القصيدة من الشعر الملحون، واحدة من الروايات الشفوية التي تؤرخ لمقاومة بني شقران الشهيرة، جرت وقائعها بالمحمدية و على امتداد سلسلة جبال بني شقران في معسكر عام 1914، هي أكثر المقاومات اللافتة للنظر في بداية القرن العشرين، وتشكل استمرارية سلسلة المقاومة والتمردات والثورات التي عرفت الجزائر بشكل عام ومنطقة غرب الجزائر بشكل خاص، قادها في البداية الأمير خالد سليل الأمير عبد القادر ضد التجنيد الإجباري، قبل أن يتحول تمرد سكان قرى ومداشر بني شقران في سنة 1914 إلى انتفاضة في شكل مقاومة شعبية كبدت المستعمر الغاشم خسائر فادحة اقتصاديا و عسكريا، قبل أن تفكر السلطات الفرنسية في اجتثاث جذور هذه المقاومة بنفي فحول المنطقة ورجالها إلى كاليدونيا الجديدة عملا منها على القضاء على نسل المقاومين الأشاوس.