طباعة هذه الصفحة

رواية «رمال متحركة»، لعائشة بويبة

المجازات المتعامدة في تشكيل الرؤية السردية

الدكتور محمد الأمين بحري

رواية «رمال متحركة» للجزائرية (من ولاية أدرار) عائشة بويبة، نص يدخل بالنوفيلا عالم السرد الصحراوي، ليشتغل على تيماته الكبرى [الفضاء السحري، النسق الثقافي الأسطوري والمجتمعي / المقدس والمدنس

أولاً: النمط السردي وتيماته
بأسلوب واقعي سحري تتضح في ملامح وإحالات ماركيز، لكن بإسقاطات تُسائل المجتمع ولا تجيب على شيء، مما يجعل الرواية بأسرها إشكالية سردية تتصادم فيها قوى عظمى يعيشها الجزائري، بين الاجتماعي والعاطفي والنفسي والوجودي. وليست الحياة السياسية والعسكرية والثقافية في النص سوى ديكور خفيف لتلك التيمات، إما لغاية اختيارية من الكاتبة أو عدم إلمامها بهذه الموضوعات الأخيرة التي انزاحت على أطراف البساط السردي.
ثانياً: شعرية العنوان
يصنع العنوان لوحده إشكالية خاصة تتجاوز الكلمتين المكونتين له [رمال متحركة]، تشير الأولى إلى فضاء صحراوي ممتد تؤثثه الرمال، وتشير الثانية إلى صفة الحركة والاضطراب وعدم الثبات، لكن حالما ندخل النص حتى ندرك منذ صفحته الأولى أن ما جاء في العنوان ليس سوى خدعة مجازية، وغلاف رمزي لإشكالية اجتماعية وعاطفية ووجودية لشخصيتين مركزيتين في النص هما [الصحفية بشرى تيماوي والضابط العسكري خالد بن مالك].
يكتشف قارئ الرواية بأن الرمال المتحركة الواردة في العنوان ليست رمالا صحراوية تبتلع كل من دخلها، وإنما هي مجاز لمتاهات متعددة، لها قدرة رهيبة على ابتلاع كل من دخل غمارها: فالحب، واليتم، والإعجاب والخداع، والتعلق والهجران، كلها بالوعات عاطفية ونفسية ووجودية يمكن أن تفتك بأي منا إن دخل مداراتها الدوامة.
وعلى عكس المظهر الأفقي لكلمة رمال في امتدادها ورحابتها وهدوئها..تأتي كلمة متحركة لتبعثر هدوء ذلك الفضاء الأفقي الرملي الذي يغطي مظاهر حياتنا، لأن كلمة [متحركة] إن ارتبطت بسطح الرمل تصبح حركة عمودية تجذب كل من مشى على سطحه إلى عمق البالوعة والجوف المميت..وهكذا تزحف كلمة [متحركة] على جميع الدلالات الثابتة أو بالأحرى على ما اعتقدنا أنه ثوابت في المجتمع الذكوري، فتخلخله وتزرع فيه الاضطراب والبلبلة فتتهاوى القيم، ويتزعزع الإيمان، وتهتز الثقة عند أول غوص للقدم في رمال مجتمع هادئ وثابت المظهر، متحرك ومتناقض الباطن، فتبدأ الحركة العمودية بجذب السطح الرملي نحو العمق، وتبدأ القيم في التلاشي، والشخصيات في الغوص في المأساة والتيه والانغماس نحو القعر المظلم الذي لا نجاة منه، وفق قانون داخلي سردي يوحي للقارئ بأنه: إن مست الحركة والاضطراب أحد ثوابت الرواية، فإنها لن تتوقف حتى تبتلعه، وهكذا تبدأ الرواية بتشييد بنياتها وشخصياتها، بشكل أفقي على رمال السرد، ثم تزرع فيها تلك الحركة العمودية التي تجذبها نحو قاع المأساة فتبتلعها واحدة بعد أخرى شخصيات وقيم ومواقف، وأول شخصية تتهاوى هي بشرى ثم خالد ثم بقية العوالم المتهالكة..
ثالثاً: تحرك رمال السرد، من إشارة العنوان إلى الفعل الدرامي
حين تمس الرمال المتحركة إحدى الشخصيات، وخاصة البطلة، فإنها تنقل إلها العدوى وتحولها إلى شخصية سرابية، أو شخصية رملية تتقمص دور البالوعة بدورها وتصبح امتداداً للخطر ابتلاع الرمل لتنتقل من إحدى ضحاياه، إلى إحدى مجرميه، وهكذا، كانت بشرى تيماوي ضحية رمال اليتم، ورمال الحب الوهمي الذي بتلع شبابها في زواج فاشل، خرجت منه كائناً زومبياً يهوى الغرق في رمال الغير ويمارس بسادية هواية إغراقهم في تيه رماله التي لا نجاة منها، فالكل ضحية الرمال المتحركة والكل مجرم بتحريكها وتوسيع رقعة بالوعتها [عرفت أ خالداً في حاجة إلى أن يغمس رأسه في رمال عشقها المبجل، شعرت فعلاً بالرمال تتحرك من تحتها، لكنها لم تعد تبالي..] ص39. فيكلمنا خالد في غمرة ابتلاعه نحو أعماق بشرى التي تحولت فجأة تحولا سيرينياً (كما سيرينات البطل الملحمي أوديسيوس اللاتي أغرقن رفاقه بالجمال وصوت الغناء، ولما انجذب إليهن البحارة تحولت عرائس البحر السيرينات إلى وحوش وافترسنهم)، فيصف خالد بن مالك كيانها السرابي الذي ابتلعه في تحولها المرعب: [كل شيء أمامها يذوب ويندثر، وكأني عاشق للوهم والسراب، كلما حاولت الاقتراب منها، لا أجر لها أثر..] ص58، ولا يجد بعدها سوى الانجذاب نحو قعر التيه والضياع. [لم يكن يتوقع ـن هذا الجمال الصحراوي عبارة عن رمال متحركة تجذبك نحو الأعماق، أكثر كلما حاولت أن تتقدم نحو الأمام] ص99. ورويداً رويداً لا تستفيق الضحية (خالد) إلا بعد أن تغوص أقدامها وتفقد طرق النجاة من الشرك الرملي: [سفري إليك يا بشرى يشبه عابر سبيل فقد طريقه إلى النجاة، كلما تقدم خطوة ازداد عطشه، وكأن الرمال تسحبه نحو الأسفل..عبثاً أحاول..] ص 103. وحين يكتمل غرق خالد في متاهة الرمال، يحدث تحوله إلى متاهة جيدة تغمر بشرى في غرق متجدد لا نهاية له فاعترف أمامه في الأنفاس الأخيرة: [ما أقوى رمالك المتحركة نحوي، أنت تبتعد لتسحبني ككل مرة نحو العمق ولا تبالي..] ص 121.
ومع استمرار توسع رقعة الرمال المتحركة، تستمر الكاتبة في استدراج قارئها إلى هذه المتاهة السردية التي تستهدفه بدوره، فيندمج الكل في منطق التقدم والغرق حتى نهاية المغامرة.
فتغدو الحركة والبلبلة سمة لفعل الكتابة السردية نفسها، حتى يألفها القارئ، ويبقى في حال شد وانتظار للحركة القادمة التي ستهوي حتما بمعلم سردي ما سبق للروائية تشييده بجهد ملموس، أو بشخصية أخرى يتم ابتلاعها وتحولها التراجيدي، فترى القارئ بدوره يشرع في توقع الخراب والعطب كلما تطورت الحركة السردية التي تصبح هي الثابت في الرواية، بينما الثوابت في بنياتها هي المتحولة التي يسكنها التفكك وينتظرها الانهيار.
ولعل ثبات الحركة الهدامة، وانهيار الثوابت التقليدية الجزافية، وزعزعتها هي سمة عصر وحقبة وذهنية وحركة في التاريخ أرادت الكاتبة مواكبتها في الحركتين الأفقية والعمودية التي خضعت لهما كل بنيات الرواية كقانون خاص بهذا العمل يبني عليه شعريته ويهدم به ثوابت عدة ترصدها الرؤية السردية وترهص بحدوثها. فعلاً تاريخيا وضرورة حضارية.
رابعاً: الوعي السردي ثلاثي الثيمة
ينسج الوعي السردي ظفيرة منطقه الخاص من ثلاث تيمات أساسية لحياة كائناتها:
1 - ثيمة حياة المجتمع التقاليدي (أسرة بشرى تيماوي في المجتمع الأدراري، وأسرتها في المجتمع الإعلامي المثقف).
2 - وثيمة حياة المثقف (الإعلامية والكاتبة بشرى تيماوي).
3- وثيمة حياة العسكر (خالد بن مالك).
ورغم تناقض واختلاف الحيواة الثلاثة، وبروز المظهر الصراعي المتناغل بينها، إلا أن الكاتبة قد وجدت حبلاً سرياً يخترق الثالوث التيماتي معاً من جهة، ويوحد أزمته ونقطة ضعفه من جهة ثانية..في نقطة تقاطع مركزية، وقاسم مشترك جوهري، يمكن أن نعتبره المحور الدرامي للعمل الروائي بأسره ألا وهو الحرمان العاطفي للأقطاب الثلاثة..الذي يشتغل مكحرك جوهري لفعلها، وأحداثها الرئيسة، ومنتهى مصيرها المأساوي، فالمجتمع التقاليدي يبني العقد الاجتماعي الذكوري على حقدة الشرف والعار لتصيغ نوع العلاقات بين رجاله ونسائه، وتحدد مسارهم ومصائرهم من لحظة الولادة إلى لحظة المنتهى، والمثقف المهمش الذي يقف في مفترق طرق الانصياع لقوانين مجتمعه وتطلعاته يعاني من حرمان عاطفي يجعله يتحدى المجتمع ويقبل عقابه، ويرمي بحياته العاطفية إلى مجاهيل المغامرة التي تنتهي كمصير روائي إلى الفشل..
والعسكري بحكم وظيفته التي لا عاطفة فيها سوى الخشونة والالتزام محروم عاطفي بالقوة، إن لم نقل بأنه محروم المحرومين في الحياة وفي الروايات، مما يجعله عقدة الحرمان العاطفي لديه تحدد وتبرر في الوقت ذاته كل أفعاله الشاذة من خيانة، وكذب، ونفاق، وفساد، فقط من أجل اصطياد عصفورة أخرى لضمها إلى مستعمرته، وكانت هذه المرة هي بشرى تيماوي المحرومة العاطفية المثقفة في مجتمع يجعل المحرمان العاطفي قاعدته الأوسع في صناع مأساة أفراده وعذاباتهم..لينتهي الثلاثة إلى جحيم بلون واحد..مجتمعه محروم عاطفياً منبوذ من طرف عساكره ومثقفيه، عسكري محروم عاطفياً زج به حرمانه في كل ألوان الخداع والكذب والخيانة من أجل اصطياد بشرى تيماوي المثقفة المحرومة عاطفياً والفاشلة اجتماعياُ التي اكتشفت عائلة وأولاد روميو الذي جاءها في ثوب عسكري ليظفر بقلبها (خالد بن مالك)، تقول بشرى: [لا يمكنني أن أسى ذلك اليوم ما حييت، اتصل بي أحدهم يسألني ما علاقتي بك؟ فقلت: من أنت؟ قال إنه ابنك وأن أمه تعاني من نزواتك الكثيرة، وإنني أسبب لهم قلقاً كبيراً، في العائلة، وكأنه يترجاني، أن أبتعد عنك..فقلت له: كان الأجدر بك أن تكلم أباك بدل أن تكلمني، فأنا لا شيء بيني وبينه وأعدك أنه لا خوف بعد اليوم] ص 122.
لتصل البطلة بعد حادثة الاكتشاف العشيق والزوج المخادع، إلى قناعة استحالة حياة عاطفية سوية في مجتمع ذكوري بلغ درجة متقدمة من استفحال مرضه العاطفي العضال القائم على العورة العار والشرف المستعار، والكل معلق على امرأة يراها محشورة في زاوية منزلية وحيدة مهما بلغت من ثقافة وعلم وتحضر، يتساوى في هذه النظرة: الجاهل والمثقف والعسكري والإرهابي والزميل في العمل الثقافي..لتتأكد اللاجدوى من كل هذا الركام المفلس الذي يشكل كيان المجتمع الروائي ومنطقه..
وهذا الاختلاف والتناقض ثم التوحد المأساوي، عقدة، وأحداثاُ وتيمات روائية، هو ما صنع شعرية هذا السرد، واختزل مئات الصفحات التي كان يمكن أن تكتب في هذه الموضوعات الإشكالية الثلاثة التي لم تكلف الروائية أكثر من مائة صفحة، لتمكنها من تقنية الاختزال، والاقتصاد اللغوي والفني الذي تقتضيه كتابة نوفيلا كاملة الأركان من العنوان إلى الموضوع إلى نسج العلاقات السردية بين بنيات النص. دون أن يشعر القارئ بجهد أو إجهاد الكاتبة..التي يبدو أن قراءاتها في الجنس الذي تكتب فيه تتجاوز بكثير ما كتبته لقارئ هذه الرواية التي يمكن أن نعتبرها نموذجية في الرواية الوامضة أو النوفيلا.
خامساً: إشكالات الكتابة وإكراهات التأليف
- المبالغة في الاقتصاد السردي، جعل الكاتبة تعبر إلى السرد الفقير، فإما أنها أساءت فهم فعل الاقتصاد الذي هو اختزال وتكثيف للمعنى، ولا يكون الإنقاص هنا من التأثيث لأن نقص التأثيث يسمى افتقار، وهذا الافتقار نتجت عنه عدة ظواهر المضادة للسرد النوفلي بحد ذاته. منها بهوت جميع الشخصيات ما عدا البطل، انعدام العوالم السردية المحيطة بالشخصيات، حيث لا توجد أية شخصية مؤثثة ماعدا البطلة بشرى تيمتاوي، بينما لا نعرف على أقرب شخصية ثانوية منها وهو العسكري (خالد بن مالك) شيئاً عدا مكتبه. ولا أثر لعالمه العسكري الذي ظل كلمة بلا مرجع ولا وظيفة ولا وصف ولا سرد، وإن كانت بقية الشخصيات أبعد أثراً من خالد في التأثيث فهذا هو الفقر السردي عنه.. واستحضار شخصيات صفرية التأثيث، والسرد والتي تفتقر حتى للعدد إذ لا تتعدى الشخصيات خارج بشرى وخالد الخمسة شخصيات، والسؤال يطرح: هل تصنع شخصيات غير موضوفة ولا مؤثثة (صفرية التأثيث) - ما عدا البطل - نصاً روائيا؟
- وإن كانت بقية الشخصيات الروائية - ماعدا البطلة - لا تهم الكاتبة، فإنها على العكس من ذلك؛ تهم القارئ والدارس لأن الشخصيات الثانوية والهامشية هي عالم يتفاعل معه البطل ويستمد معنى وأدوات ووظائف وجوده وفعله وحركته، فإن تم تغييب هذا العالم (الشخصيات الثانوية والهامشية) فقط البطل معنى وجوده وحركته وفعله ووظيفته، في النسق الروائي لأن الرواية مجتمع سردي حي، وليس بحاراً مفقوداً في جزيرة مهجورة.
- هذا إن كان إهمال التأثيث الشخوصي إرادياً، أما إن كان لا إرادياً، فإن الأزمة تكون أعمق، في روائي لا يعرف تأثيث عالمه الروائي ومتطلبات نصه وقرائه وأدوات صنع مجتمعه الروائي.
- لعل أكبر انحراف شهده هذا النص هو بتر حبله السردي، ودخول الكاتبة بشخصها بين ثنايا النص لتعبر للقارئ والجمهور عن موقفها من الكتابة، كأنما تتحدث في تصريح صحفي عن سؤال يتعلق بمفهوم الكتابة لديها، وقد حدث ذلك مرتين تعرضت فيها الرواية إلى انتهاك صريح للنسيج التخييلي والخط السردي. حيث - ودون استئذان أو تمهيد للخروج من النص (وهذا أمر غير ممكن في أي نوع تأليفي أدبي) تقول الروائية في الصفحة 58: [وأنا أكتب عن بطلة روايتي أحاول أن أتقمص الدور من أجل تسهيل سرد الحكاية، لأقارن نفسي بها، وإبراز وجه الشبه بيننا...أحسست بالمتعة وأنا أكتب هذه الرواية، فالكتابة تجردنا من بعض القيود، وتجعلنا أكثر حرية]، وتضيف في الصفحة 64 [أكاد أتقمص دور البطلة، وأنا أسبح في طبيعة وأحاسيس البشر...فالكتابة بالتسبة لي؛ ثورة حب تفجرت على أوراقي..].
وهذه أول مرة أرى فواصل إعلانية يتدخل فيها الكاتب شخصيا بين الشخصيات التخييلية، ويعلن مواقفه من الكتابة وطريقة تعامله مع الشخصيات..وبعد انتهاء تدخل الكاتبة تعيد للشخصيات دورها كما السابق، لكن هذا الخرق يحدث تمزيقاً مهولاً في العالم التخييلي، الذي تخرجنا منه الكاتبة في كل مرة وتدخلنا إلى حياتها مع الكتابة بطريقة تقرير صحفي لا علاقة له بأجواء العالم الروائي الذي بنته من قبل ثم مزقت نسيجه بهذه الخرجات الإعلانية الفجة.
- بخصوص صناعة العقدة، فقد كان هناك اصطناع أكثر منه صناعة لها، ففي الصفحة 104، يستغرب القارئ انفصال بشرى عن خالد، دون أي سبب يذكر، ودون أي مبرر حدثي، وهو شعور كأنما قفز علي فصل ووجد نفسه أمام عاشقين في حالة انفصال مجهول السبب. وكأن الروائي أرادت فصلهما وفقط، دون أن تبحث عن أسباب أو مبررات في منطق أحداث روايتها، وذل من أجل إحداث منعرج في السرد الذي صار نمطياً، فأرادت تغيير إيقاعه مجانياً ودون تكلفة.. وفي هذه القطيعة يدخل على الخط زيلها في العمل بالتلفزيون (فارس أمقران) ويطلب يدها (ص 107)، ليجتمع الثلاثة في مشروع قناة تلفزيونية تم إنشاؤها بين خالد وفارس لتعمل بها بشرى فقط؟؟ وهو مشهد في غاية الاصطناع والتلفيق، والتسرع، حيث لا تظهر القناة التلفزيونية وإنشائها لتعمل بها بشرى إلا من أجل هذا اللقاء الثلاثي تندثر هذه القناة نهائياً، ولا تذكر بعد هذين السطرين أبداً. وبعد افتراق الثلاثة واكتشاف العلاقات بينهم تفسخ بشرى خطوبتها من فارس، وتتزوج بربان الطائرة الشاعر الذي أهداها نسخة من ديوانه، مبدياً إعجابه بها في إحدى الرحلات الجوية بين أدرار والعاصمة.
ويعد اختلاق فكرة قناة تلفزيونية بين عشيقي البطلة، والتي لا تعمل فيها سوى البطلة، وكل ذلك فقط من أجل أن تجمع الكاتبة بين الثلاثة...أقول يعد هذا المشهد مزرياً جداً بالنص وسقطة في غاية التكلف والابتذال أساء لكل ما سبقه في هذا النص، ولو حذفته الكاتبة فقط، وعوضته بأي حركة من المصادفات السردية لكان أخف على القارئ والنص مما سببه هذا المشهد من نشاز، كشف عثرات وإكراهات في تدبر وتبرير أحوال ومصائر شخصياتها..
وعلى كلِ، فما عدا هذه السقطات المذكورة في هذا النص الذي كان شيقاً وخفيفاً شخصيات وقصة وتأثيثاً، فإن الكاتبة تمتلك لغة روائية قوية باطنياً وليس شكلياً فقط، من حيث خطاب وحوار شخصياتها، وفي حبكة وتطور أحداثها، وإن خانتها الحيلة في بناء العقدة وربط مصائر الشخصيات. وتبريرها وفق، منطق معين. يفي بالميثاق السردي الذي بنته الكاتبة مع قارئها منذ بداية النص.
رواية: رمال متحركة، للكاتبة: عائشة بويبة، من أدرار، منشورات الوطن اليوم / فنك للكتب، الجزائر ـ الطبعة الأولى 2019.