طباعة هذه الصفحة

الإصدار الـ 145 للأستاذ والمؤرّخ محمد الصالح الصديق

«لقاء الأحباء في يوم الثلاثاء»..مخاض فكري لصنّاع القلم الهادف

أمينة جابالله

 

 

 

 صدر عن دار النعمان للطباعة والنشر العمل الـ 145 للأستاذ والمؤرخ الشيخ محمد الصالح الصديق، كتاب برتبة مجلد تحت عنوان «لقاء الأحباء في يوم الثلاثاء»، ثمّن فيه ما تمخّض عن سلسلة لقاءات فكرية جمعته بثلة من شخصيات أغلبهم ممّن جاد نبض قلمهم في وسائل الإعلام، فمنهم من أثرى المكتبة الجزائرية بأرقى وأجود الأعمال برؤى وأفكار نيّرة من شأنها أن تخدم الإنسانية لعدة أجيال، ومنهم من وظّف فكره وصقله لتبيان طريق المحبة والسلام الذي جاء به ديننا الحنيف، ومنهم من أخذ جرعة من المعارف والأدبيات، وحمل على عاتقه نقلها بكل أمانة إلى جلسات الكتب ورواد صناع القلم الهادف.

قال الكاتب عن الاصدار الـ 145 الذي جاء بعنوان « لقاء الأحباء في يوم الثلاثاء»، بأنه كتاب جمع الأحبة بعد أن جمعهم المجلس العلمي على تصيد الحكمة وترويض الذهن، وشرح الغامض وتوضيح المهم، وتقويم المعوج وتبديد الظلام، وأضاف في نفس السياق، فمن أراد أن ينطلق من إسار الحياة المادية ساعة، ويكون مع الأحبة في الرياضة الذهنية والمتعة الروحية فالطريق إلى ذلك هذا الكتاب.
تناول الكاتب محمد الصالح الصديق في المجلد المصغر «لقاء الأحباء في يوم الثلاثاء» الذي جاء في 696 صفحة، تقديم 18 شخصية سبق لها وأن ساهمت في تسخير قلمها لخدمة المعرفة، وما خلفته أناملهم في الساحة الأدبية والثقافية التي رأى فيها الكاتب ما يقدم التميز والتفرد لخير دليل على اجتماع أصحابها به في يوم محدد من أيام الأسبوع، حيث تمّ اختيار يوم الثلاثاء كيوم موسوم بلقاء أسبوعي، تيمّنا باللقاء الأسبوعي الذي كان يتلقى فيه الأستاذ محمد الصالح الصديق محاضرات في جامع الزيتونة، كان يلقيها آنذاك العلامة الشيخ الفاضل ابن عاشور في الخلدونية، والتي لم يتخلف عنها صاحب المجلد المصغر عنها لمدة خمسة أعوام.
استهل الكاتب في القسم الأول من إصداره الذي ارتآه أن يكون جاهزا للتوزيع والاقتناء، في شهر واكب احياء الذكرى الـ 59 لعيدي الاستقلال والشباب، بالحديث عن سيرته الذاتية، وفي محاورها عرَّج عن انتمائه إلى قرية  أبسكرين التي تقع بالقرب من عزازڤة على ثمانية أميال، مضيفا في ذات المحور التعريف بعلماء القرية ودورهم في خدمة الإسلام ونشر القرآن، وجهادهم في محاربة البدع والضلالات، لينتقل الكاتب بعد ذلك إلى الولادة والنشأة، إلى جانب ما استمده من حياة روحية.
وفي ذات القسم، تحدّث عن لقائه بالإمام الشيخ الهُمام عبد الحميد ابن باديس رائد النهضة والإصلاح في الجزائر، وعن مرحلة الدراسة في جامع الزيتونة وما تميز به هذا الصرح العلمي والديني والفكري من روافد جمة وفي عدة ميادين، إلى جانب مساره في ثورة التحرير المجيدة وما بعدها، لينهي القسم بوقفات حول مسيرة الفكر والقلم. أما القسم الثاني فخصصه لتسجيل خواطر وذكريات تمحورت حول مواقف وأقوال لبعض الشخصيات والمشاهير، إلى جانب ما طوته صفحات المجالس الفكرية من دروسٍ وعِبر، متبوعة بخاتمة لخصت بعض الحيثيات بأسلوب تنحني له الضمائر والقلوب.
وفي ذات الصدد، وضع الكاتب بين أيدي القارئ محورا للصور تمثلت في 57 صورة فوتوغرافية ظهر فيها رفقة شخصيات وطنية وعربية وأخرى دولية خدمت العلم والأدب، منهم من توفي ومنهم من مازالت أنفاسه بيننا، وأول صورة يظهر فيها كانت رفقة رفيقة دربه حرمه المصون زوجته التي تسهر بكل تفان على تهيئة الجو الملائم للكتابة.
تباعا لبقية المحاور، وفحوى العمل القيّم الذي أول من تحصلت على نسخة منه ألا وهي جريدة الشعب، طرز صاحب المجلد الثمين «لقاء الأحباء في يوم الثلاثاء» نوافذ أطل من خلالها الأحباء 15 الظاهرة صورهم في غلاف الكتاب على شكل تتوسطهم صورة للشيخ محمد الصالح الصديق رسمها الخطاط القدير محمد حموش، وذلك من خلال إسهامات أقلامهم في ذات العمل، عدا الست شخصيات الآتية ذكرها: فقيد الوطن المناضل والفنان الموهوب الأستاذ الأمين بشيشي رحمه الله، عبد القادر زريق، عبد الرحمان الشابي، عبلة بوتمجت، يوسف تشهوبنت، عبد العزيز أمقران، لم تسمح لها الظروف بتسجيل بصمة قلمها بين هذه الكوكبة الطيبة التي جاءت آسماؤها كالآتي: «حياة شهد» التي بذلت جهدا مميز في هذا العمل الفكري، فلقد قامت بكتابة كل العناوين الأصلية والفرعية وترتيبها، «مراد عمرون»، «محمد حموش» الذي ترك لمسته الفنية وذلك بالنظر في محاسن الكتاب لاسيما في كتابة أسماء الأحبة الواردة أسماؤهم بخط يده بكل دقة وجمال، «إسماعيل ميرة»، «محمد بوعزارة»، «محفوظ بوقروة»، «إسلام ميراط»، «عبد الحميد زروال»، «بشير صحراوي».
ختم المؤلف محمد الصالح الصديق، في نافلة الكتاب أو المجلد المصغر «لقاء الأحباء في يوم الثلاثاء» بقصيدة من رباعيات في تسع مقاطع قال في مطلعها:
يا حامل القرآن والحديث والأدب
حملك أثقلته الآيات والأذكار والخطب
طلقت الدنيا وزينتها والكسب
فجاءتك تسعى بظواهرها والحجب
يا فاعلات الخيرات للأعجام والعرب
برك عم العباد والدواب والعشب
آزرت ضعاف الخلق في السلم والنوب
فآزرتك جنود النور والنار والشهب
يا متصدقا بالأقوال والأفعال والكتب
ومراجع للطلاب والأساتذة والنخب
رممت مساكن الناس والطرق والعطب
وتقرّبت من الأجناس، جعلتهم كالصحب