طباعة هذه الصفحة

الأصــل ثــابــت والــفــرع في الــســمـــــــاء..

مسجد”النخلة”.. منارة العلم المشرق من بوسـعادة

 

يعد المسجد “العتيق” الواقع وسط مدينة بوسعادة في ولاية المسيلة أو مسجد “النخلة” كما يحلو لأهل المنطقة تسميته، منارة علمية ضاربة في عمق التاريخ، تمد الناس بما يمكن أن يبصرهم بتعاليم الدين الحنيف، فهو معلم يحكي قصة صرح ديني ظل على مدار عقود موضعا للتلاحم والتراحم.
يتواجد مسجد “النخلة”، الذي أطلقت عليه هذه التسمية نسبة إلى نخلة كانت تتوسط باحته والذي تم تشييده منتصف القرن الرابع عشر، بمنطقة “القصر القديم” التي تعتبر أول نواة حضرية لمدينة بوسعادة، وشكلت محورا هاما للتبادلات التجارية في ذلك الوقت، بحسب ما صرح به، لـ(وأج)، عبد الكريم قذيفة، باحث في تاريخ المنطقة.
وأضاف الباحث بأن فكرة بناء المسجد تعود للولي الصالح سيدي سليمان بن ربيعة، الذي نزل بإحدى المناطق المجاورة، ثم انتقل بمعية الفقيهين سيدي ثامر وسيدي دهيم وبعض مرافقيهم إلى موقع بلدة بوسعادة، حيث تقرر بناء مسجد النخلة، الذي هو نواة تأسيس ذات البلدة، على اعتبار أنه في أعقاب تشييده بدأت تنتشر حوله البنايات وتتسع لتتشكل المدينة.
ويمتاز هذا الصرح الديني بهندسة معمارية ضاربة في عمق التاريخ وشيد وفق خصائص تضمن ديمومة ومقاومة عالية لمختلف أخطار وعوامل الزمن والطبيعة، حيث تم بناؤه بأدوات بسيطة من جذوع شجر الزيتون والنخيل، فيما بنيت جدرانه من الطوب والطين وأنجزت به مداخل وممرات حجرية ساهمت في إضفاء لمسة مميزة لهذا الصرح.
وقد تسببت العوامل الطبيعية عبر الزمن في اهتراء أساسات المسجد، مما استدعى إخضاعه لعدة عمليات تجديد وترميم، أبرزها تلك التي أنجزت نهاية القرن الماضي، حيث شهد بعض التعديلات لتدعيم الأساسات المهترئة وقاعة الصلاة.
ويحافظ هذا الجامع الأثري منذ القدم على دوره الريادي، سواء من حيث تحفيظ كتاب الله أو تقديم دروس الوعظ والإرشاد، فضلا عن أدائه أدوار اجتماعية تجسد المعنى الحقيقي لقيم المسجد في المجتمع، بحسب ما أفاد به معتمد أئمة دائرة بوسعادة، الشيخ لخضر مجيدي.
وأضاف الشيخ مجيدي بأنه خلال شهر رمضان الفضيل من كل سنة، يحتضن مسجد “النخلة” عديد الأنشطة الدينية منها دروس يومية حول فضائل الصوم ومسائل دينية أخرى، وتقديم قراءات لكتاب الله في شكل جماعي قبل صلاة العصر، علاوة على إقامة صلاة التراويح حيث تبرز بشكل جلي الأجواء الإيمانية المفعمة بالخشوع والسكينة.
كما تواصل المدرسة القرآنية لمسجد “النخلة” نشاطها في تحفيظ كتاب الله لفائدة أبناء الحي، حيث يجتمع مشايخ وأساتذة لتلقينهم القرآن الكريم وتعليمهم سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنظم به كل سنة مسابقات دينية وأخرى في حفظ كتاب الله وترتيله، وذلك بمشاركة الشباب الحافظين من مختلف مساجد المدينة.
وأكد عز الدين لوعيل، أحد رواد المسجد، بأن الأجواء الروحانية التي تمتاز بها هذه المنارة الدينية متفردة، فيما اعترف الشاب جمال محمودي، من مدينة بوسعادة، بأن المسجد العتيق يجمع بين الديكور المعماري الجميل والأجواء الروحانية، ليصنع مزيجا فريدا من الأصالة والعراقة تجعل الوافدين إليه يتعلقون به.