تعتزم المكتبة العمومية للمطالعة بولاية بومرداس بالتنسيق مع جامعة البويرة، تنظيم يوم دراسي حول اشكالية «ثقافة القراءة في المجتمع الجزائري مقاربات سيكولوجية» شهر مارس القادم، حيث دعت جميع الأكاديميين والباحثين المختصين إلى المشاركة في اثراء ومناقشة محاور اللقاء المتعدّدة والاشكالية الرئيسية المطروحة، بهدف تشريح الواقع الحقيقي لثقافة القراءة في المجتمع الجزائري، ومدى محافظة الأفراد والنخبة على هذا التقليد العريق وكيفية إعادة غرسها من جديد.
انطلقت اشكالية اللقاء من مفهوم وأهمية فعل القراءة لدى الفرد ومساعدته في كسب المعارف وصقل موهبته وبناء شخصيته السوية، وبالتالي الارتقاء بمستوى التفكير، ولا تقتصر أهمية المطالعة عند الشخص فقط بل تمثل غاية وضرورة في المجتمع ككل حتى يحقق مستوى التقدم المطلوب، والمساهمة في انتاج المعرفة لتحقيق رفاهية الأفراد وتطور الانسانية.
وبما أن مسألة القراءة لا تقتصر على الفرد لوحده، بل تمثل علاقة متعدية مع المجموعة، فإن المشكلة المطروحّة بحسب المشرفين على اليوم الدراسي تخص المجتمع الجزائري، وعليه فإنها تستدعي دراسة نفسية اجتماعية، من خلال استقراء البحوث العلمية الميدانية لمحاولة فهم واقع المقروئية في الجزائر، ومدى تجذر ثقافة القراءة لدى الأفراد وكيفية الحفاظ عليها وإعادة تفعيلها مجددا، خصوصا في الوقت الراهن الذي تهيمن فيه الوسيلة التكنولوجية والوسائط الرقمية على كل ما هو ورقي.
كما حدد المنظمون جملة من الأهداف ينتظر أن تتحقق انطلاقا من هذه الاشكالية والمحاور المطروحة للنقاش والاثراء، من قبل الاساتذة الباحثين والمختصين في هذا الحقل الأدبي بداية بتحديد مفهوم وأهمية ثقافة القراءة، الكشف عن مكانة ثقافة القراءة لدى الفرد الجزائري، التعرّف على مختلف المقاربات النفسية والاجتماعية التي تطرّقت إلى ثقافة القراءة، التطرّق إلى التجارب الرائدة في مختلف البلدان العربية والأجنبية المهتمة بثقافة القراءة والاستفادة منها، وغيرها من النقاط الأخرى التي يمكن أن تساهم في تقديم تحديد دقيق لواقع فعل القراءة لدى الفرد والمجتمع.
كما تمّ تحديد خمسة محاور أساسية لمناقشة وتحليل إشكالية اللقاء وتقديم الحلول والمقترحات الممكنة، بداية بالمدخل المفاهيمي لثقافة القراءة، العوامل السيكولوجية المؤثرة على ثقافة القراءة في المجتمع الجزائري، العوامل السوسيولوجية المؤثرة في ثقافة القراءة على المجتمع الجزائري، استراتيجيات وآليات مقترحة لتحفيز ثقافة القراءة لدى الفرد الجزائري، وأخيرا محاولة عرض تجارب ونماذج عربية وأجنبية ناجحة ورائدة، في مجال تنمية فعل القراءة لدى الفرد.
هذا ويمكن الإشارة في الأخير، أن ظاهرة القراءة كسلوك فردي وثقافة مجتمعية، قد عرفت في العقود الأخيرة تراجعا كبيرا، ولم تعد تمثل ذلك الحضور القوي والاهتمام الواسع في المجتمع، مثلما كان سابقا بسبب عدة عوامل ومتغيرات فرضتها التحولات التكنولوجية، وهو ما انعكس سلبا على واقع الكتاب وتراجع مكانة المكتبة ودور النشر، وبالتالي بدأت هذه الحالة تأخذ مزيدا من الاهتمام من قبل المهتمين، على رأسهم المؤسسات الفكرية والعلمية والهيئات الأكاديمية، المطالبة اليوم بالعمل والبحث لمعرفة أسباب التراجع والحلول الممكنة لإعادة غرس ثقافة القراءة مجددا.
