اعتبر الدكتور وليد خضور، أستاذ النقد الأدبي في جامعة العلامة محمد البشير الابراهيمي ببرج بوعريريج مسألة التراث في الأدب الجزائري في الوقت الراهن، تكتسي زخما توظيفيا بالغا لدى الكتاب الشباب والكتاب الكبار في الجزائر، إذ نجد العديد من النصوص الروائية الجزائرية قد احتفت بالتراث بمفهومه الواسع، المنطوي ـ حسبه ـ على ذلك المنجز الإنساني المقدم للحضارة الإنسانية.
يقول الدكتور وليد خضور في حديث لـ«الشعب” إن الرواية الجزائرية دائما ما تحتفي بالتراث في أشكاله المختلفة والمتعددة، على غرار التراث المادي واللامادي، فنجد من الجيل الأول مثلا، أن نصوص وكتابات الروائي عبد الحميد بن هدوقة قد لامست بشكل واضح مسألة التراث الشعبي الجزائري، واستطاع توظيف التراث توظيفا ناجحا من خلال رواية “الجازية والدراويش”، إلى جانب الروائي الكبير “الطاهر وطار” الذي وظف أيضا التراث في العديد من الروايات، مبرزا في ذات السياق حضور واسهامات الكتاب الجزائريين الذين يكتبون باللغة الفرنسية، وتوظيفهم للتراث الشعبي الجزائري وما أسماه بالمحكي الشعبي في نصوصهم الأدبية والسردية، كما نوه بإسهامات الكتاب الشباب الذين استطاعوا أيضا الاحتفاء بالتراث الشعبي الجزائري في أعمالهم، فكانت نصوصهم السردية مليئة بالحديث عن التراث، بشكل متميز، فكل جيل يقول “ساهم ووظف التراث بمنظور معين، فعملية توظيف التراث في النصوص السردية في الجزائر عرفت تطورا ملحوظا عبر مختلف الأجيال..
ويرى المتحدث بأن الأدب يعد أحد أبرز وأهم المجالات الأساسية التي تلعب دورا كبيرا في الحفاظ على التراث وتوثيقه، حيث يمتلك قدرة على توظيفه وفي نفس الوقت المحافظة على الروح والحياة الموجودة فيه، وهي ميزة خصوصية، قد لا نجدها حسب المتحدث “في باقي الفنون الأخرى، فبفضل هذه النصوص السردية والإبداعية، نستطيع أن نلامس تراثنا ونتعرف عليه، وبفضلها يبقى التراث حاضرا للأجيال القادمة”.
أستاذ النقد الأدبي أشار إلى ضرورة وأهمية استثمار الكاتب في التراث وتوظيفه في أعماله الأدبية، معتبرا أن تمكن أي كاتب من آليات توظيف التراث في الكتابة السردية يمنح قوة إضافية للكتاب، على اعتبار أن التراث في حد ذاته صوت آخر يسكن داخل النصوص الإبداعية التي تحمل عمقا تاريخيا وعبقا من الماضي، يجعل القارئ يستشعر لحظات مختلفة، حتى على المستوى التقني للكتابة أو على مستوى الأزمنة.
ويرى وليد خضور أن توظيف التراث واستثماره في النصوص والأعمال الأدبية يضفي عليها قوة وحضورا وعمقا مختلفا، مشيرا إلى أن عملية التوظيف تختلف باختلاف استراتيجيات الكتاب والروائيين، وعلى الكاتب أن يحسن الصنعة الإبداعية التي تعطي للنص السردي طابعا حيويا يستطيع من خلالها القراء والكتاب على حد سواء محاورة ما أسماه “خضور وليد” بـ«محاورة الأزمنة ككل”.