طباعة هذه الصفحة

عـرض بقاعـة أحمــد باي في قسنطينة

”حتى ظلّـي يفتقـدك”..وثائقي يروي سيرة رشيد قريشي

قسنطينة: مفيدة طريفي

شهدت قاعة أحمد باي بمدينة قسنطينة في أمسية فنية استثنائية، عرض الفيلم الوثائقي “حتى ظلي يفتقدك”، الذي يُسلّط الضوء على مسار أحد أبرز رموز الفن التشكيلي الجزائري والعالمي، رشيد قريشي. الفيلم من إخراج الفرنسي لوران بولار ومن إنتاج خالد جيلال.

 يحمل الفيلم عنوانًا شاعريًا لا يخلو من البُعد الصوفي، تمامًا كأعمال قريشي التي طالما مزجت بين الروحانية والتجريد والخط العربي. يعيد الوثائقي قراءة التجربة الفنية العميقة لقريشي، منذ ولادته سنة 1947 بمدينة عين البيضاء شرق الجزائر، إلى أن أصبح اسمًا لامعًا في الساحة التشكيلية الدولية.
لا يكتفي الفيلم بسرد سيرة ذاتية، بل يغوص في عوالم قريشي البصرية، حيث الرموز والزخارف ليست مجرد عناصر جمالية، بل أدوات تعبير عن الذاكرة، التصوف، والانعتاق الروحي، تأثره العميق بالفن الإسلامي واشتغاله على الخط العربي، كوسيلة تشكيلية جعلا منه فنانًا يحمل رؤيته الخاصة، ويخاطب من خلالها الإنسانية جمعاء.

من الجزائــر إلى العـالم

 تتبع الكاميرا محطات قريشي من مدرسة الفنون الجميلة في الجزائر إلى نظيرتها في باريس، ثم إلى أكبر التظاهرات الفنية الدولية، من بينها “بينالي البندقية” سنتي 1997 و2001. وقد نال خلال مسيرته عدة جوائز مرموقة، أبرزها جائزة “الجميل” سنة 2011، التي كرّسته كواحد من أبرز الفنانين المسلمين المعاصرين.

الحدود بـين الفـن والإنسانيـــة

 لا يغفل الفيلم التطرق إلى الجانب الإنساني في مسيرة قريشي، من خلال مشروعه المؤثر “حدائق إفريقيا” بمدينة جرجيس التونسية، وهو نصب تذكاري وحديقة جنائزية لتكريم المهاجرين الذين ابتلعهم البحر الأبيض المتوسط، في هذا المشروع، يمتزج الفن بالحزن الجماعي، ويصبح التشكيل وسيلة للحداد الجماعي ولتخليد أرواح مجهولة.
استقطب هذا العمل جمهورًا متنوعًا من عشاق الفن والباحثين في الثقافة والمهتمين بالسينما الوثائقية، لما يحتويه من ثراء بصري وفكري، وما يحمله من رسائل إنسانية وجمالية تجعل من تجربة قريشي أكثر من مجرد رحلة فنية، بل سفرًا في ذاكرة شعب وروح أمة.