طباعة هذه الصفحة

الباحث والإعلامـي الدكتـور سلامي براهيم لـ “الشعـب”: 

الوسائط الإلكترونيــة لم تلـغ الخشبـة..بـل وسّعـت حدودهـا

سعيدي محمد أمين

أكّد الباحث والإعلامي الدكتور اسماعيل سلامي أن للوسائط الالكترونية دور مهم في مرافقة التطورات الرقمية التي تشهدها مختلف الفنون، خاصة في مجال المسرح الذي أصبح من الممكن تعلم فنونه ومهاراته (مثل التمثيل، الإخراج، كتابة السيناريو) عبر الدورات الرقمية ومنصات التعليم الإلكتروني، مشيرا إلى أن الوسائط الإلكترونية لم تلغ الخشبة، لكنها وسّعت حدودها، ورفعتها إلى مستوى عالمي عابر للمكان والزمان.  

 يرى الدكتور سلامي أن المسرح الرقمي ليس بديلاً عن المسرح الكلاسيكي، بل هو امتداد له، يُعزّز حضوره ويمنحه حياة أخرى في زمن تتسارع فيه التغيرات، مضيفا أن المسرح اليوم بفضل الوسائط الإلكترونية لم يعد فقط فناً يُرى، بل أصبح فنّاً يُعاش ويتفاعل معه في أي وقت، ومن أي مكان.
وقال اسماعيل سلامي في تصريح لـ “الشعب”، إن الوسائط الإلكترونية لم تقتصر على كونها أدوات دعم للمسرح، بل أصبحت فضاءً موازٍ له، يُعيد تعريف حدود العرض المسرحي ما من شأنها أن تفتح آفاقًا واسعة للتجريب والتعبير، ممّا يساهم في دمقرطة الوصول إلى الفن المسرحي..يقول “كما تُمكّن الوسائط الإلكترونية من توثيق العروض وحفظها، ما يُسهّل دراستها وتحليلها لاحقًا، ويساعد على حفظ ذاكرة المسرح للأجيال القادمة”.
وفي ما يتعلق بمدى استفادة المسرح الجزائري من الثورة المعلوماتية والوسائط الرقمية لخلق مسرح تفاعلي، أكّد سلامي أن المسرح الجزائري يقف اليوم على عتبة تحوّل حاسم، يفرض عليه تجاوز النماذج الكلاسيكية والانفتاح على الإمكانيات الواسعة التي توفرها الثورة المعلوماتية، مضيفا أن الرقمنة ليست خيارًا تقنيًا فحسب، بل هي بمثابة أفق جمالي جديد يُعيد تعريف العلاقة بين الفن وجمهوره، ويضع المسرح أمام تحدي البقاء في زمن تتغير فيه قواعد التلقي والاتصال، وقال “فرغم الطفرة التكنولوجية التي غيّرت ملامح الإنتاج الثقافي والفني عالميًا، لا يزال المسرح الجزائري يخطو خطوات خجولة نحو استثمار الثورة المعلوماتية ووسائطها الرقمية لخلق مسرح تفاعلي حديث، يواكب التحولات التقنية ويخاطب جمهورًا رقميًا جديدًا”.
وأوضح المتحدث أن المسرح التفاعلي ليس مجرّد عرض يُشاهد عبر الشاشة، بل تجربة تشاركية تجعل من المتلقي طرفًا فاعلًا في صناعة الحدث الدرامي”. ويقول: “هنا يبرز قصور المسرح الجزائري في خوض غمار التجريب التكنولوجي العميق، حيث ما تزال معظم العروض تقليدية في بنيتها، وتُستنسخ رقميًا دون تعديل يواكب خصوصيات الفضاء الرقمي، وهذا بسبب عدة عوائق نذكر منها ضعف التكوين الرقمي للمبدعين المسرحيين، ومحدودية التمويل الموجه نحو مشاريع الإبداع الرقمي، بالإضافة إلى غياب رؤية استراتيجية وطنية تُدمج الرقمنة ضمن السياسات الثقافية، أما أهم عائق يبقى مطروحا هو نقص البنى التحتية الرقمية في العديد من الفضاءات المسرحية .
سلامي أكّد أنّه يصعب تصور أن يُلغي المسرح الرقمي نظيره التقليدي بشكل تام “فهذا الأخير يظل قائمًا على حضور إنساني حي لا يمكن محاكاته رقميًا، ويمنح المتفرّج تجربة وجدانية وجسدية فريدة لا توفرها الشاشات”، وأضاف “رغم التحديات لا يمكن إنكار أن المسرح الرقمي فتح آفاقًا جديدة أمام الفن المسرحي، فقد أتاح الفرصة لتوسيع الجمهور، وتجاوز الحواجز الجغرافية، ومكّن الفنانين من التجريب بأساليب جديدة، مثل إدماج الواقع الافتراضي، وتقنيات التفاعل الذكي، والتصميم الرقمي للفضاء المسرحي”.
ومن منظور سلامي يبقى المسرح الرقمي في الأخير يُنظر إليه كبديل نهائي، وكمكمّل محتمل للمسرح التقليدي. فهو أداة جديدة بيد الفنان، يمكنه توظيفها بذكاء لتوسيع أدواته التعبيرية، وجذب جمهور جديد، خاصة من الأجيال الشابة المعتادة على الوسائط الرقمية”.