اختتمت، أول أمس، بقصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة، فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية جانت، حيث شكل الحدث الثقافي المنظم على مدار أربعة أيام، نافذة حية للتعرف على الموروث العريق لهذه الولاية الصحراوية، التي تزخر بتاريخ عريق وثراء حضاري أصيل.
عاشت العاصمة خلال الفترة الممتدة من 11 إلى 14 أوت الجاري، على وقع رقصة «السبيبا» والشاي الصحراوي وعلى تفاصيل حياة ساكنة ولاية جانت، أجواء هاربة من الزمن، وذلك في إطار فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية جانت بالجزائر العاصمة، التي جاءت بتنظيم من مديرية الثقافة والفنون لولاية جانت ومحافظة المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافات الشعبية، مثلتها بوسدي بهية، التي أوضحت في تصريح لـ»الشعب» بأن الفعالية تدخل في إطار التبادل الثقافي بين الولايات، وتهدف إلى إقامة جسور ثقافية بين العاصمة وجانت، كما أنها تعتبر فرصة للتعرف عن قرب على تراث هذه الولاية الصحراوية الساحرة، ناهيك عن اكتشاف التنوع الثقافي الذي يميزها عن بقية ولايات القطر الجزائري.
بين التراث المادي واللامادي
كما أكدت المتحدثة على «حرص المنظمين على إعداد برنامج متنوع يعكس ملامح جانت الثقافية في شقيها المادي وغير المادي. حيث تزين الرواق المخصص للعروض بقصر الثقافة بمعارض للفنون التشكيلية، التي أبدع فيها الفنانون عبر لوحات استلهمت جمال الصحراء وسحر الكثبان الرملية، إلى جانب معارض الحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي عرضت قطعًا مميزة من منتجات النسيج، والفخار، والنقش على الجلود، ومن جانب آخر، فإن التظاهرة حملت عروضا موازية، عكست أصالة المنطقة وعكست رسالة الأجداد العريقة».
عـــروض فنية وشعريــــة
لم تقتصر الفعاليات على المعارض، بل شهدت القاعة الكبرى عروضًا في الفلكلور والموسيقى والغناء الشعبي التقليدي للمنطقة، أبدعت فيها الفرق المحلية من جانت في تقديم لوحات راقصة وأهازيج تمجد الصحراء والإنسان. كما استمتع الحضور بقراءات شعرية لشعراء مرموقين من المنطقة، عبر قصائد حملت عبق التراث وروح الانتماء.
حيث لم تقتصر تلك الوصلات في رحاب القصر، بل تم تنظيم سهرتين لرقصة «السبيبا»، على غرار بعض العروض ذات الطابع الفلكلوري، إلى جانب تقديم إلقاءات شعرية على مستوى «منتزه الصابلات»، وسط حضور قوي للزوار الذي تفاعل مع الأنغام والرقصات التعبيرية التي أضفت على هذا المنتزه العائلي الجميل، سحرا تشكل من لوحات فنية بشرية فريدة من نوعها.
منصات دورها تعميق المعرفة بالتراث
وفي الجانب الفكري، احتضنت قاعة العروض بقصر الثقافة منصات فكرية وتراثية، كمنصة «حظيرة طاسيلي» التي أشرف عليها محافظ التراث بجانت آحاد محمد، ومنصة «جمعية إزلمان» لإحياء التراث الثقافي والصناعة التقليدية التي يرأسها بكار الطاهر، حيث من خلالها تم تقديم شروحات للجمهور، تخللتها مناقشة جوانب متعددة حول تاريخ جانت وموروثها الثقافي، مع التركيز على سبل حماية هذا التراث من الاندثار وضمان نقله للأجيال القادمة.
وفي ذات الجانب، سمحت التظاهرة للزوار من اكتشاف الجانب الفني الرابض ببيئة وعادات وتقاليد المنطقة، وذلك عبر جناح الحرفية «بضياف خيرة»، التي شكلت من خلال لوحاتها وتحفها فسيفساء تاريخية، تروي «كل شيء عن جانت»، وفرصة فريدة لاكتشاف جانب من هوية الجزائر الثقافية الممتدة من الصحراء إلى العاصمة.