مجابهة القرصنـة الرّقميـة..ضـرورة حيويـة
يعتبر الدكتور العيد جلولي من جامعة ورقلة، أن الملكية الفكرية نوع من الممتلكات التي تتضمّن الإبداعات غير الملموسة للعقل البشري، وتتضمّن أنواع كثيرة، لعل أشهرها وأبرزها حقوق النشر، براءات الاختراع، العلامات التجارية، والأسرار التجارية وغيرها.
وذكر الدكتور جلولي في حديث مع «الشعب»، أنّه يمكن تصنيف الملكية الفكرية على النحو التالي، ومنها حقوق العلامات المميزة للمنتوجات والخدمات والنشاط التجاري والصناعي، وهي تشمل كل من الاسم التجاري، العنوان التجاري، العلامة التجارية وأيضا حقوق براءة الاختراع وحقوق الملكية الفنية والأدبية، وتتضمن حقين: حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
وأشار محدثنا هنا إلى أنّ (WIPO) وهي المنظمة العالمية للملكية الفكرية تدير نظام معاهدة التعاون بشأن البراءات، وهو نظام دولي، يسمح للمودعين بطلب الحماية بموجب معاهدة التعاون في العديد من الدول الموقعة على المعاهدة كما يشاؤون، من خلال إيداع طلب واحد، موضحا أن الجزائر قد انضمت لهذه المنظمة سنة 1975، حيث يدير الملكية الفكرية في الجزائر الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
ونوّه المتحدث إلى أن براءة الاختراع تعد من أوائل أنواع الملكية الفكرية التي أقر بها في الأنظمة القانونية الحديثة، واليوم تسود الابتكارات الحاصلة على البراءة كل أوجه الحياة من الإضاءة الكهربائية (براءة ملكية أديسون وسوان) إلى آيفون (براءة في ملكية شركة آبل).
كما كشف أنه وإذا كانت الملكية الفكرية، تعرف تحديات مختلفة منذ نشأتها فإنها اليوم وفي ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة، تشهد تحديات أكبر خطورة خصوصا في عالم الميتافيرس وما يفرضه من أساليب جديدة، ووسائط متعددة، لعل أبرزها الذكاء الاصطناعي وما يفرضه من تحديات في جميع المجالات.
وتعد أبرز التحديات التي تواجه الملكية الفكرية، كيفية المحافظة على الحقوق في البيئة الرقمية ـ يقول ـ هذه البيئة الجديدة، التي كان لها محاسنها كسهولة الحصول على المعلومات وتيسير تسويقها، وسهولة نشر الكتب وانخفاض تكلفتها وغيرها من الإيجابيات، غير أن هذه السهولة أفرزت صعوبات وولدت مشكلات ومن بينها صعوبة حماية الملكية الفكرية للمؤلفين والمبدعين، من خلال بروز الجريمة المعلوماتية وصعوبة اكتشافها واثباتها عبر الأنترنيت.
وتتوضّح أبرز التحديات، حسب ما ذكره في كيفية استمرار المؤلفين في نشر مؤلفاتهم وهم يرون أن جهدهم يسرق دون حماية، وحقوقهم تسلب دون دفاع، الأمر الذي يجعلهم يتوقفون عن التأليف والنشر.
واعتبر الدكتور العيد جلولي أنّه ولمواجهة هذا المشكل لابد من تشريعات خاصة تمثل هذا الجانب، وذلك من خلال إشاعة ثقافة حماية الحقوق ونشر الوعي بأهمية المحافظة عليها وحمايتها، مشيرا إلى أنه ينبغي أن تشمل هذه التشريعات تجريم كافة أشكال السرقة والاختراق والتزوير والقرصنة واعتبارها جرائم كبرى، لا تقل عن الجرائم الواقعية، فما يقع في العالم الافتراضي له انعكاساته على العالم الواقعي.
وأبرز هنا أن الجزائر قد سعت كسائر دول العالم خصوصا الدول المنخرطة في المنظمة العالمية للملكية الفكرية إلى سن قوانين وطنية، والموافقة على تشريعات عالمية تخص حماية الملكية الفكرية وكانت الجزائر متساوقة مع كل التطورات الحاصلة في هذا الميدان، فكانت في كل مرة تضيف وتعدل هذه القوانين، بما يتماشى مع البيئة الرقمية الجديدة، وما تفرضه من تغيرات، وما تفرزه من تحديات.
وأشار أيضا إلى أنّ المجال لا يتسع لذكر وسرد هذه القوانين والتشريعات، وقال «نذكر في هذه العجالة أبرزها وأحدثها وهو الأمر رقم 03/05 المؤرخ في 19 جويلية 2003، والمتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وأيضا قانون العقوبات المعدل بموجب القانون رقم 04/14 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004».
وأكّد الدكتور جلولي أنّ التطورات المتسارعة في المجال التكنولوجي تجعل موضوع حماية الملكية الفكرية من أصعب التحديات، نتيجة طبيعة البيئة الرقمية وما تفرزه من تطورات، الأمر الذي يحتاج إلى بحوث متخصّصة في مجالات متعددة، يقول: وهو ما بدأ يظهر في البحوث الأكاديمية ذات الطبيعة العلمية، من خلال وضع برمجيات تخص موضوع السرقات، وأيضا في البحوث ذات الطبيعة التشريعية.