طباعة هذه الصفحة

معرض “السّجناء” ضمن مهرجان “لا ميليو جينيا” بإيطاليا

الفوتوغرافيـا تفضح جرائم “المخــزن” في الصّحـراء المحتلّـة

أسامة إفراح

 شهد الأسبوع الماضي افتتاح المعرض الفوتوغرافي “السّجناء..نضال وحرية الشّعب الصّحراوي”، وذلك ضمن فعاليات مهرجان “لا ميليو جينيا” بمدينة “كامبي بيزينسيو” بإقليم توسكانا بإيطاليا. وقالت الجمعية المنظمة إنّ هذا المعرض، “يندرج ضمن الأنشطة المرافقة المخصصة لإحياء ذكرى تحرير البلدية من النازية والفاشية، إذ أنّ ذاكرة تاريخنا النضالي من أجل الحرية تتقاطع اليوم مع نضالات الشّعوب التي ما تزال تقاوم القمع”.

 يستضيف قصر البلدية والبهو الخاص بمسرح “دانتي كارلو مونّي” في مدينة كامبي بيزينسيو (Campi Bisenzio) بإيطاليا المعرض الفوتوغرافي “السجناء. نضال وحرية الشعب الصحراوي” (I PRIGIONI. Lotta e libertà del popolo Saharawi).
ومعرض “السّجناء”، الذي تمّ افتتاحه يوم الثلاثاء الماضي، ويختتم اليوم، هو مسار فوتوغرافي بعدسة أندريا ساوْير (Andrea Sawyerr)، يروي بقوّة وشاعرية مقاومة وكرامة الشعب الصحراوي.
ويُقام هذا المعرض ضمن فعاليات مهرجان “لا ميليو جينيا” (La Meglio Genía، ومعناها “أفضل الأجيال”) الذي ينظّمه بلدية كامبي بيزينسيو، التي تقع في إقليم توسكانا قرب مدينة فلورنسا الإيطالية.
ونشرت جمعية “تشيتا فيزيبيلي آ بي إس” (CittàVisibili APS وتعني “المدن المرئية”)، منظمة المعرض ومنسقته، على صفحتها للتواصل الاجتماعي، أنّ هذا المعرض “يندرج ضمن الأنشطة المرافقة المخصصة لإحياء ذكرى تحرير البلدية من النازية والفاشية، إذ أنّ ذاكرة تاريخنا النضالي من أجل الحرية تتقاطع اليوم مع نضالات الشعوب التي ما تزال تقاوم القمع”. وأضافت الجمعية: “إنها فرصة للتعرف والتفكير والانحياز لحقوق الإنسان”.
وكان هذا المعرض الفوتوغرافي قد أقيم شهر أفريل الماضي في “تشيركولو ني ني بوبليكا أسستنتسا” (Circolo GnìGnì Pubblica Assistenza، ومعناها “نادي ني ني للمساعدة العامة”) بنفس المدينة، ضمن فعالية بعنوان “مسافرو اليوتوبيا 2025” (Viaggiatori di Utopie 2025)، وترافق المعرض حينها مع نشاطات جانبية كان من بينها عرض لتفاصيل البعثة الإنسانية الأخيرة للمتطوعين في مخيمات اللاجئين الصحراويين (شهر فبراير)، وتسليم بطاقات تحديث بيانات الأطفال الصحراويين إلى داعميهم المحليين.
وتمّ تقديم المعرض لاحقًا في قصر “بالاتسو ستروتزي ساكراتي” (مقر مجلس إقليم توسكانا) ضمن لقاء حضره عدد من المسؤولين الإقليميين مثل رئيس منطقة توسكانا، وبعض أعضاء المجلس، ووفود جمعوية، ووفقا لوكالة الأنباء الدولية المستقلة Pressenza، فقد وُصف المعرض بأنه “يعكس رغبة الشعب الصحراوي في التحرر والتماسك في ظروف نضالية”.
وبالعودة إلى القراءة الفنية للمعرض الفوتوغرافي، فقد بُني هذا الأخير على فكرة “أندريا ساوْير”، ويستعير تسميته من تماثيل “إي بريجوني” (I Prigioni وتعني الأسرى أو السجناء) الشهيرة لفنان عصر النهضة “ميكلانجيلو بوناروتي”، ليشكّل استعارة قوية لأشخاص متشبثين بالأمل رغم محاصرتهم في ظروف مريرة.
وتجسّد هذه التماثيل، وعددها أربعة (السجين المستيقظ، والشاب، والملتحي، والأطلسي) رجالًا بأحجام ضخمة، وكأنهم محاصرون داخل كتل من الرخام يحاولون الخروج منها. ونجد أجزاءً من أجسادهم واضحة (مثل الذراع أو الجذع)، بينما بقية الجسم ما زالت غير منحوته بالكامل، وكأنهم ما زالوا “عالقين” في الحجر. وتوحي تماثيل ميكلانجيلو بالصراع، وبالرغبة في التحرر من “القيود المادية”.
وعندما يقول منظّمو المعرض إنهم “يستعيرون التسمية من تماثيل الأسرى لميكلانجيلو”، فهم يُشيرون إلى أنّ الصور الفوتوغرافية المعروضة تحاول التعبير عن حالة مشابهة: فشعب الصحراء الغربية مثل سجناء ميكلانجيلو: كائنٌ كامل في جوهره، لكنه محاصر في ظروف لا تسمح له بأن يعيش إنسانيته بحرية.
وإذا كانت تلك التماثيل تعبّر عن النضال الأبدي بين الروح والمادة، وبين الرغبة في الانطلاق والقيود المفروضة، فإن المعرض يستخدم هذه الرمزية للتعبير عن شعب محاصر يتشبث بالأمل والكرامة.
بمعنى آخر: هي ليست مجرد استعارة فنية، بل رمزٌ نضالي، وتشبيهٌ بين السجين الحجري الذي يحاول أن يتحرر من كتلة الرخام (في منحوتات ميكلانجيلو)، والإنسان الصحراوي الذي يحاول أن يتحرر من واقع المنفى والاحتلال، وحتى وإن كان محاصرا، فإنه يعلن بقوة عن وجوده.
للتذكير، “تشيتا فيزيبيلي آ بي إس” جمعية تطوعية تأسست عام 2016 في كامبي بيزينسيو (قرب فلورنسا)، تتبنّى الدفاع عن حقوق الشعوب التي تناضل من أجل التحرر، مثل الصحراويين، وتعمل لمنحهم “الرؤية، والمواطنة، والحقوق والعلاقات”.
والجمعية عضو في ARCI Firenze، وتعدّ جزءًا من شبكة دعم الشعب الصحراوي (Rete Saharawi). من أبرز أنشطتها ومشاريعها، المشاريع الإنسانية والتعليمية مثل دعم الأطفال الصحراويين، حيث تنظم حملات لجمع التبرعات لدعم مشاريع مثل استضافة الأطفال في معسكرات صيفية بإيطاليا، وتزويدهم بمراجع صحية وتعليمية، ومشروع “شُذَر من أنف أحمر” الذي يعتمد على التبني عن بُعد لمساعدة الأطفال في مخيمات اللاجئين.
كما تقوم الجمعية بمهمات ميدانية إلى مخيمات اللاجئين، على غرار بعثات “مسافرو اليوتوبيا” (Viaggiatori di utopie) سابقة الذكر، وهي بعثات تضامنية إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف، لتنفيذ مشاريع مثل التبني عن بُعد، وتنظيم لقاءات مع الجهات المحلية ومؤسسات صحراوية.