فرص لاطلاع الجمهور علـى مجالات لم تكـن في دائـرة معرفتـه
تُعدّ المهرجانات بمختلف أشكالها مدارس كبرى للتلاقي والتفاعل، ومناسبات تتجلى فيها الكفاءات وتُشحذ فيها الهوايات والمواهب، فهي تجمعات تحتفي بالإبداع وتتيح فرصا للتبادل المعرفي والاجتماعي، كما أكد في حديث لـ«الشعب” الدكتور أحمد بقار من جامعة ورقلة.
ذكر الدكتور أحمد بقار أن الكلمة ذاتها تحمل دلالة رمزية، فهي كلمة فارسية ـ كما ورد في ويكيبديا ـ تتكون من جزئين وهما مهر، أي ملك النور، وجان وهي أداة النسبة فيكون معناها (مهري) أو (نوري)، وتشير إلى أن رأس مال المهرجانات من هذه الناحية هو التنوير، موضحا أن المهرجان الأصل فيه الكثرة والابتهاج، وهو المهرجان بين الفائدة والتنوير.
واعتبر أن فوائد المهرجانات تتجاوز الترفيه لتشمل أبعادا متعدّدة، منها اقتصادية، اجتماعية، سياسية، عسكرية، وأيضا ثقافية، فهي فضاء للترويج والاقتراب مما يهم الناس ويشغل بالهم، إذ تتيح للمهتمين الاقتراب عن كثب لما يهمهم ويشغل بالهم، كما تمنح الجمهور غير المتخصص فرصة الاطلاع على مجالات جديدة لم تكن في دائرة معرفته، فكم من زائر خرج من مهرجان وقد فتح أمامه آفاقا جديدة وألهمه حياة مختلفة وجديدة.
ولفت محدثنا في هذا الصدد إلى المحاذير التي ينبغي التنبه لها ومحاربتها بكل السبل، حتى لا تتحول المهرجانات إلى كرنفالات غير مؤسسة على استراتيجيات واقعية بسبب ضعف التأطير، مشيرا إلى أن غياب التخطيط الواقعي يجعل بعض المهرجانات مجرد كرنفالات عابرة، تستهلك الطاقات والموارد دون أن تحقق أثرا يذكر، عندها تتحول الأموال المصروفة إلى رماد تذروه الرياح، وتضيع فرص البناء الثقافي والتنموي كما أشار إليه.
وأبرز المتحدث أنه ولكي تؤتي المهرجانات أكلها وتثمر باليانع المفيد ـ بحسب خبرته البسيطة - لا بد من اعتماد رؤية واضحة وتخطيط مدروس ومن أبرز الشروط التي تكفل ذلك، ذكر ضرورة تبني أهداف واقعية ونتائج قابلة للقياس ضمن ميزانية مدروسة وأن تعتمد في سياق ذلك رؤية واعية، كما نوّه إلى أهمية توزيع المهام على الكفاءات وفق التخصص والقدرة ومتابعة سير المهرجان خطوة بخطوة، مع تسجيل المكاسب لتعزيزها ورصد الثغرات لمعالجتها.
وتطرّق كذلك في ذات السياق إلى أهمية إرفاق العروض بحلقات نقاش موسعة يشارك فيها خبراء ومختصون، وركز على إيلاء أهمية للورشات التكوينية النوعية والمتخصّصة التي ترفع الجهل وتوسع المهارات وتعمقها، بالإضافة إلى تحسين جودة العرض لتعزيز الترويج واستقطاب دائرة أوسع من المهتمين، واستحضار أيضا أن كل مهرجان ينطلق من روح الوطن، ويهدف إلى خدمة قضاياه الكبرى.
كما اختتم حديثه بالتأكيد على أن المهرجانات ليست مجرد لحظات عابرة من الفرح، بل هي بوابات للنور، ومناسبات تعكس صورة الوطن وتؤسس لجسور من التنوير والتواصل، فإذا قامت على أسس علمية وثقافية رصينة، تحوّلت إلى مشاريع حضارية تسهم في بناء مجتمع أكثر وعيا وإبداعا.