طباعة هذه الصفحة

بيع حقوق النشر الحلقة الأضعف في العلاقات الثقافية الفرنسية ـ الجزائرية

هـل تتـدراك حكومة «هولانـد» أخطـاء سابقتها في حق تراثنـا؟

سميرة لخذاري

ما تزال العلاقة بين دور النشر الجزائرية والفرنسية جد ضعيفة، خاصة ما تعلق ببيع الحقوق أو تحقيق النشر المشترك بين الفاعلين في ميدان صناعة الكتاب في البلدين، واختيار البيع المباشر للكتب، ما جعل عديد المؤلفات لكبار الكتاب الجزائريين بعيدة عن القارئ الجزائري بسبب الغلاء الفاحش وعدم تمكن من اقتنائها.

تهدف كبرى المعارض التي تحتضنها الدول إلى التصدي لمشكل حقوق التأليف والنشر، خاصة ما تعلق بعمليات النشر المشترك وبيع الحقوق، والجزائر معروفة بالمعرض الدولي للكتاب الذي تحتضنه كل عام وتستضيف فيه عددا لا يستهان به من دور النشر الوطنية، العربية والأجنبية، سعيا إلى الظفر بالهدف الأسمى والأساسي من مثل هذه التظاهرات، وهذا ما أكدته وزيرة الثقافة خليدة تومي في عديد المناسبات، حيث تلح على ضرورة تبني مشاريع نشر مشترك بين الجزائر ودول أخرى وعلى رأسها فرنسا، باعتبارها البلد الذي أسال فيه كبار الكتاب الجزائريين حبرهم وهي اليوم ملك دور نشر فيها أمثال محمد ديب، كاتب ياسين، مولود فرعون ومولود معمري وغيرهم الذين يمثلون كلاسيكيات الأدب الجزائري، ولعبوا دورا هاما في رسم الهوية الثقافية والوطنية.
وفي سياق متصل أكدت وزيرة الثقافة خليدة تومي أن «دور النشر الفرنسية ترفض بيع حقوق نشر لأسباب اقتصادية ربحية، حيث أن بيع حقيق التأليف يفقد تلك الكتب ثمنها الباهض الذي تباع به في فرنسا، والذي هو في الحقيقية ليس في متناول القارئ الجزائري»، كما أكدت تومي أيضا على رفض بيع حقوق تأليف الكتب التي تلقى طلبا هائلا من طرف الباحثين، الجامعيين والأكاديميين في مختلف التخصصات العلمية، الشيء الذي يستدعي تظافر جهود وزارات مختلفة على رأسها وزارة التجارة والشؤون الخارجية لإيجاد سبل لخدمة القارئ الجزائري.
وقد أكدت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية الفرنسي المكلفة بـ «الفرانكفونية» يمينة بن قيقي، في زيارتها الأخيرة للجزائر، على إيجاد حلول تقنية ومالية لتمكين القارئ الجزائري من الاطلاع على تراثه وكنوزه الإبداعية التي كتبت ونشرت خارج ترابه بدور نشر فرنسية، لكن ما تزال هذه الاقتراحات بعيدة عن الواقع، حيث دخل المعرض الدولي للكتاب بالجزائر دورته الـ١٧ ومشكل بيع حقيق التأليف والنشر المشترك ما يزال قائما بين فرنسا والجزائر، وعدة دول أخرى.
جاءت حكومة فرانسوا هولاند ووضعت في تفكيرها السير في اتجاه تهدئة العلاقات الجزائرية الفرنسية، وهذا حسب ما أكدته بن قيقي في لقائها الأخير مع تومي، ليبقى السؤال المطروح هل تتمكن هذه المحكومة من تدارك أخطاء سابقتها في حق التراث الجزائري الذي بقي أسير دور النشر الفرنسية، وهذا ما ذهب اليه مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة سامي بن شيخ، حيث صرح لـ «الشعب» ببقاء مشكل التبادل في ميدان حقوق النشر حلقة مفقودة في العلاقات الثقافية بين البلدين، متمنيا دخول الكتابات الجزائرية للأدباء الفرانكوفونيين إلى بلادها وإثرائها لرفوف المكتبات مع نفض الغبار عليها وتقريبها من القارئ الجزائري بغية اطلاعه على مورث زاخر تركته أسماء برزت في عالم الكتابة خارج الوطن.