طباعة هذه الصفحة

في عرض شرفي بمسرح قسنطينة

مسرحية “النار في لاقار”.. تساؤلات تبحث عن إجابة؟

قسنطينة / أحمد دبيلي

    قدّم مسرح قسنطينة “محمد الطاهر الفرقاني”، سهرة الأربعاء، بالاشتراك مع “جمعية الفنانين الأحرار”، العرض الشرفي لمسرحية “النار في لاقار” وهوإنتاج فني جديد، كتب نصه وأخرجه الفنان المسرحي القدير “محمد الطيب دهيمي”.
 يتلخص محتوى هذه المسرحية في إشكالية فلسفية لمجتمع لازال يبحث عن انطلاقة جديدة، مبنية على المبادئ والقيم، وبعيدا عن كل الانزلاق الذي قد يحدث، خلال المسيرة ويتحمّله في أغلب الأحيان البشر، الذين لم يسمعوا نداء الضمير..منطلق كل عمل بشري سوي.
 تبدأ أحداث هذه المسرحية التي تجري في محطة قطار ويتقاسم أدوارها الثنائي خالد فراجي في دور ( لخضر) وحمزة ليتيم  (سي الطاهر)، وسط ديكور بسيط يتمثل في ستارة سوداء تتوسطها الساعة الحائطية للمحطة والتي توقفت عقاربها على الساعة السادسة والنصف؟ ومقعد خشبي وعربة بعجلتين لصندوق القمامة.. ترفع الستارة .. هنا يستيقظ الممثل خالد فراجي من نومه من داخل صندوق القمامة، وهوفي ثياب رثة علامة على التشرّد والفقر، بعدها يلتحق الممثل حمزة ليتيم بمحطة القطار، مرتديا بذلة أنيقة وترافقه حقيبة دبلوماسية.. يتسآل حينها عن موعد انطلاق القطار؟، لكن الممثل خالد مراجي لا يرد على هذا المسافر الذي جاء ليعكر صفو المكان؟ هنا يبدأ حوار “الطرشان” بين شخصيتين مختلفتين تماما .. تنهال بعدها التساؤلات من كلا الطرفين حول المشاكل المتعددة التي يعيشها المجتمع، لكن الإجابات تأتي متباينة لاختلاف العقليتين.. ومن هذه التساؤلات التي تبحث عن إجابة وتترك للمشاهدة حرية تفسيرها وإعطاء رأيه فيها: “المال الحلال والحرام، العمل والصدقة، التفاهم وفض الخلاف، إلخ...”، غير ان هذا الحوار بين “سي الطاهر” و«لخضر” تنتهي في الأخير بمفاجئة تتوج هذا العمل الإبداعي الجديد .. فبعد أن يتطفل “سي الطاهر” على محتوى صندوق القمامة، يكتشف بداخلها شهادات جامعية باسم “ لخضر” هذا المتشرد الجاهل؟ فيفر من هذه المحطة تاركا وراءه حقيبته الدبلوماسية.. وعند عودة “ لخضر” يكتشف هو الآخر أن هذا المسافر المجهول اطلع على أسراره، فيفتح الحقيبة فيعثر بداخلها على ناي ومزمار؟ هنا يتضح المستور وتسدل الستارة وسط قهقهات “سي لخضر” ؟.
قبل المناقشة التي عقبت هذا العرض والتي برمجتها إدارة مسرح قسنطينة لإعطاء هذه الأعمال المسرحية، قيمتها الفنية الحقيقية من حيث النقد والتقييم، صرّح المخرج والممثل محمد الطيب دهيمي لـ  “الشعب” بأن هذه المسرحية الجديدة هو عمل نقدي لوضع المجتمع الراهن، وهو يطرح سؤالا جوهريا عن توقيت الانطلاقة الحقيقية؟، فالنص ـ كما قال ـ يمسّ أشياء كثيرة فهو بذلك يترك المجال مفتوحا للمشاهد للتفكير في ما يطرحه الممثلون من الأسئلة ليعثر على الإجابة الشافية وهو الهدف من هذا العمل .. ويضيف المخرج بأن مشاهد المسرحية تتحدث عن ساعة القطار التي لا تعمل والمستوى غير المتكافئ بين الشخصيتين.. وهي في الحقيقة دعوة للتفكير الجدي لانطلاقة ناجحة من أجل مستقبل المجتمع، وهذا لن يتأتى إلا عن طريق تأدية الشخص لدوره الحقيقي.. ويقول أيضا .. بأن ما نلاحظه في الواقع بأن شخصية الممثلين متناقضتين ولا تتفقان على رأي، بل منفصلتان تماما..غير أنهما تلتقيان في بعض الأحيان فقط من اجل حل بعض الأزمات وهوما عبرنا عنه في حالتي انتشار الذباب والفئران.. ولكن عندما تطرح المشاكل الأساسية لا يلتقيان وهو الهدف الذي يطرحه هذا النص؟.
في المناقشة التي حضرها جانب من المشاهدين والممثلين المسرحيين والمثقفين طرحت خلالها أسئلة حول النص، الديكور، الإضاءة و...  قال المخرج محمد الطيب دهيمي، إن هذه التجربة هي من نوع خاص، تجربة مع شبان أردت أن أجسدها سنة 1998، لكن لم تسمح الظروف آنذاك فحققتها اليوم لتستمر المسيرة، وعن الديكور أضاف دهيمي، انه جاء بسيطا احتراما لمعيار جزئية وخصوصية الركح، كما ان العربة تمثل مسيرة الزمن، أما عن الإضاءة فهي تتوافق مع تنقل المشاهد وحركية الممثلين في حين تتغير الموسيقى بتغير هذه المشاهد أيضا وتترجم بعض محتوى مقاطع النص.
 تجدر الإشارة إلى أن مسرحية “النار في لاقار” والتي تطلّب التحضير لها قرابة الشهرين تقريبا، استقطبت في العرض الشرفي الذي دام ساعة من الزمن حضورا مميزا، صفق له الجمهور طويلا.