طباعة هذه الصفحة

قراءة في كتاب

«القـــول المأثــــور في كــلام سيـــدي عبـــد الرحمـــن المجـــذوب»

أسامة إفراح

الشعر الشعبي الحكيم في أبهى تجلّياته

نجد ضمن كتب مشروع «ألفية القراءة» الذي أطلقته دار «الوطن اليوم» للنشر، كتاب «القول المأثور في كلام سيدي عبد الرحمن المجذوب»، وهو كتيّب خفيف القراءة، ثقيل الفائدة، حقّقه وعلّق عليه فارس كعباش، الذي وصف هذا العمل بأنه «كتاب نادر صنفه الشيخ نور الدين عبد القادر البسكري، وجمع فيه رباعيات المجذوب وشرح غريب الألفاظ وبعض المعاني، بل وقارن بين بعضها وبين أبيات معروفة في الشعر العربي».
ويعتبر عبد الرحمن المجذوب من أشهر أولياء الدولة السعدية، هو عبد الرحمن بن عياد بن يعقوب بن سلامة الصنهاجي الدكالي، ولد في 909 هجرية الموافقة لـ1506 ميلادية، بالقرب من بلدة آزمور، ثم رحل سنتين من بعد مع والده إلى نواحي مكناس، حيث تلقى تعليمه قبل أن يرحل إلى فاس، وجميعها بالمغرب الأقصى.
أخذ الشيخ المجذوب عن عدة مشايخ، منهم الشيخ علي بن أحمد الصنهاجي الدوار، والشيخ أبي حفص عمر الخطاب، والشيخ أبي عثمان سعيد بن أبي بكر، والشيخ أبي الرواين، والشيخ أبي محمد عبد الحق الزليجي، وغيرهم. ويقول فارس كعباش في مقدمة الكتاب إن المتتبع لسلسلة شيوخه تظهر أن الشيخ المجذوب اتصل بالطريقة الزروقية الملامتية.
أما شارح الديوان، الشيخ عبد القادر بن إبراهيم بن الصغير بن أحمد الحميدي البسكري، فهو من مواليد سنة 1890 ميلادية بالقصبة. تتلمذ سبع سنوات في المدرسة الثعالبية على يد عبد القادر المجاوي وعبد الحليم بن سماية والدكتور محمد بن شنب. ابتداءً من 1915، شغل العديد من الوظائف بما في ذلك عمله براديو الجزائر. ومن أشهر تلاميذه الدبلوماسي الشهير الأخضر الإبراهيمي والشيخ محمد شارف.
له مؤلفات منها «الرسالة الصرفية»، «الأجرومية على طريقة السؤال والجواب»، «أساس العربية لتعليم الحروف الهجائية»، «إعراب الجمل»، «متن لامية الأفعال»، «الوسيلة لتعليم العربية»، وقاموس فرنسي عربي بالدارجة.. وافت المنية الشيخ البسكري في 12 أفريل 1981 وهو دفين مقبرة القطار بالعاصمة.
عمد محقّق الكتاب، فارس كعباش، إلى مقارنة تصنيف الشيخ نور الدين البسكري بما توفر من نسخ قديمة وجديدة، فوجدها «على نفس الوتيرة ولم يعمد ناشروها إلى إضافة ولو تعليق واحد»، ما دفع فارس كعباش إلى إضافة أبيات منسوبة إلى الشيخ المجذوب قاربت الثلاثين بيتا، وهو ما نجده في الصفحتين 91 و92. واعتمد في بعض الإشارات على المستشرق «هنري دو كاستر».
وقد عُرف عبد الرحمن المجذوب بالملحون الذي حمّله بالفوائد والحكم، «وقد زادته الرباعيات شهرة وجعلته يتمتع بتقدير واحترام الخاصة والعامة»، يؤكد كعباش.
ومن رباعيات المجذوب نذكر تلك الحاملة رقم 68
في الكتاب:
«خبزة والقلب مشروح
والضحك هو إيدامه
خزار والكبش مذبوح
ما يلذ شي عليّ طعامه»
بمعنى أن انطلاق الوجه والبشاشة خير من سعة العيش مع العبوس، والخزار الشخص الذي يعطيك ويمن عليك.
كما نذكر الرباعية الحاملة رقم 113 في الكتاب:
«الزيت يخرج من الزيتونة
والفاهم يفهم لغة الطير
إلي ما تخرج كلمته موزونة
يحجرها في ضميره خير»
نقول في الأخير إن كتاب الجيب هذا رفيق جيد في السفر أو التنقل، يجمع بين متعة القراءة ورونق التراث وفائدة الحكم والأمثال، وهو ما نجده في أشعار الشيخ المجذوب، التي قدمها لنا الشيخ البسكري في أسلوب سلس ذي انسياب.