طباعة هذه الصفحة

إصرار متزايد على التصدّي للانتهاكات الحقوقية بالمملكة

المخزن.. سياسـات خرقاء تعمّق الأزمـات الاجتماعيـة

تمادت الدولة المغربية في انتهاج سياسات التهميش والقمع، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والانتهاكات الحقوقية في مختلف القطاعات. فبينما يقبع ضحايا زلزال الحوز في ظروف مأساوية ويحرمون من أبسط حقوقهم، يواجه العمال الزراعيون بإقليم شتوكة آيت باها تهميشا متزايدا وغيابا للعدالة الاجتماعية.
وتمثل قضية الناشط الحقوقي سعيد آيت مهدي، رئيس تنسيقية متضرري زلزال الحوز، واحدة من أبرز تجليات هذه السياسات القمعية، إذ تم اعتقاله بناء على شكايات وصفت بـ«الكيدية”، في خطوة تعكس محاولات السلطات المغربية لتكميم الأفواه وعرقلة مساعي النشطاء في كشف الإهمال والتلاعب بالدعم المخصص للضحايا.
منذ وقوع زلزال الحوز في سبتمبر 2023، والمتضررون يعانون من الإقصاء والتجاهل الرسمي، حيث لم تنفذ وعود الحكومة بإعادة الإعمار أو تقديم تعويضات كافية.
وبحسب التنسيقية المحلية للدفاع عن الحريات والحق في التنظيم بمراكش، فإنه رغم مرور أكثر من عام على الكارثة، يعيش كثير من الضحايا في العراء أو في مساكن آيلة للسقوط، بينما تزايدت حالات الإهمال التي أودت بحياة البعض، مثل السيدة التي قضت تحت أنقاض منزلها مؤخرا.

ترهيب الأصوات المعارضة
وقد تفاقمت المعاناة، تضيف التنسيقية، بعد تقليص الدعم المادي وتوزيع مبالغ رمزية لا تفي بأبسط متطلبات البناء. في المقابل، تستخدم وسائل قمعية، كاعتقال آيت مهدي، لإسكات كل من يطالب بالعدالة والحقوق.
وأضافت أن استمرار هذه السياسات القمعية والتهميش الممنهج يضع المغرب أمام مفترق طرق خطير. فبدلا من قمع الأصوات المطالبة بالحقوق، تحتاج الدولة إلى استراتيجية شاملة تضمن كرامة المواطنين وتستجيب لمطالبهم، وإلا فإن الاحتقان الاجتماعي مرشح للتصاعد، مما ينذر بأزمات أكبر قد يصعب احتواؤها.
وفي سياق متصل، يبرز الاحتقان الاجتماعي في قطاع الزراعة، حيث يواصل العمال الزراعيون بإقليم شتوكة آيت باها احتجاجاتهم ضد الظروف المعيشية والمهنية المتردية. فالعمال، الذين يعدون الركيزة الأساسية للقطاع الزراعي، يعانون من ضعف الأجور وغياب الحماية الاجتماعية واستغلال أرباب العمل، مما يجعلهم في مواجهة مستمرة مع “سياسات الآذان الصماء” التي تنتهجها الحكومة.
وتأتي الاحتجاجات في ظل غياب الرقابة على تطبيق القوانين المتعلقة بحقوق العمال واستمرار الوساطة غير العادلة في التشغيل، مما يؤدي إلى تدهور القدرة الشرائية للعاملين.
في هذا المناخ المشحون، يتعرض العمال والنشطاء للضغوط والطرد التعسفي وتتزايد المضايقات ضد أي محاولة لتنظيم صفوفهم نقابيا أو خوض إضرابات مشروعة.
وفي ظل غياب التدخل الحكومي لحماية حقوقهم وضمان العدالة الاجتماعية، تتفاقم الأزمات التي تهدد استقرار القطاعات الحيوية والعيش الكريم للمتضررين.

الاحتقان يولّد الانفجار
 هذا، وقد ندّد حزب النهج الديمقراطي العمالي المغربي باستهداف النظام للحركة الحقوقية والديمقراطية المناهضة للفساد وللتغول المخزني غير المسبوق في البلاد، داعيا جميع القوى المناضلة في المملكة إلى مزيد من الجهود ورصّ الصفوف للتصدّي للهجوم المخزني العام على حقوق ومكتسبات الشعب المغربي.
جاء ذلك في بيان توّج اجتماع المكتب السياسي الذي ناقش فيه الهجوم الجماعي المنظم ضد رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان، عزيز غالي، على خلفية موقفه الداعم لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وفق ما تنص عليه الشرعية الدولية.
وأكد الحزب المغربي أن موقف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من القضية الصحراوية المستقل عن خطاب المخزن، “موقف معروف وليس بجديد” يستمد أسسه من أرضية ثقافة حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها، مشيرا إلى أن عزيز غالي لم يقم إلا بإعادة التذكير بموقفه السابق.
كما أكد أن “الخرجات في وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي ليست إلا حربا تحركها أيادي المخزن للتغطية على عجزها في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان واختلالات التدبير الحكومي وفشل النظام في تلبية الخدمات الاجتماعية الأساسية للشعب، والتي يفضحها عزيز غالي”، معتبرا إياها “محاولة بائسة للاسترزاق السياسي والإعلامي وحرب بالوكالة تتزلف إلى المخزن عبر الظهور بمظهر وطنية زائفة للاستفادة من الريع”.

تنديد باستهداف الحركة الحقوقية
وأدان النهج الديمقراطي العمالي، بأشد العبارات، هذا الهجوم المخزني على عزيز غالي، في محاولات مشبوهة يائسة لإخراس صوته وترهيب كافة الأصوات المناهضة للفساد والمدافعة عن حقوق الإنسان، مشددا على أن “هذا الهجوم الممنهج لن يستطيع النيل من عزيمة وسمعة ونضالية عزيز غالي وكل القوى المناضلة”.
كما أنه لن يستطيع- يضيف الحزب- “ثني مناضلي الشعب المغربي عن الاستمرار في النضال ضد التغول المخزني وضد الفساد المستشري في جميع دواليب الدولة ومؤسساتها الرسمية”، داعيا جميع القوى المناضلة إلى رص الصفوف للتصدي للهجوم المخزني العام على حقوق ومكتسبات الشعب المغربي.
وفي ختام البيان، أعلن النهج الديموقراطي العمالي عن تضامنه “اللامشروط “مع عزيز غالي ومع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومع كل الأصوات الحرة التي تدافع عن ما تبقى من كرامة الشعب ضد الاستبداد والاستغلال والتبعية التي يسلكها التحالف الطبقي المسيطر.