طباعة هذه الصفحة

المخزن يتعمّد غــض الطّرف عـن ترويجهـا

إدمـان المخدّرات يتنامى بشكــل غـير مسبـوق في المغـرب

 تجـارة الكوكايــين تتم علنــا علـى مـرأى مـن الجميـع

 أســر تفقـد أبنــاءهــا بسبــب الوقـوع فـي فخاخ الإدمـن

 يشهد شمال المغرب تناميا خطيرا وغير مسبوق في وتيرة الإدمان على المخدرات في أوساط الشباب والأطفال، بشكل أصبح يمثل، حسب فاعلين حقوقيين، “قنبلة موقوتة” داخل المجتمع لما يترتب عن هذه الآفة المدمرة للمجتمع، وذلك بالموازاة مع إمعان السلطات المخزنية في إغراق الأسواق بهذه السموم تحت غطاء “العلاج الطبي”.
وقد تحوّلت مناطق شمال المملكة إلى “فضاء مفتوح” أمام شبكات الاتجار غير المشروع بالمخدرات، لا سيما مع انتشار المخدرات الصلبة مثل “الكوكايين” في أوساط المراهقين الذين يرتمون في أحضان الانحراف والعنف والجريمة والدعارة .
وأمام خطورة الوضع، دقّت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” ناقوس الخطر إزاء تزايد تفشي الظاهرة خصوصا في الأحياء الشعبية، مع تصاعد حالات الإدمان بشكل غير مسبوق، وظهور أمراض معدية، في ضوء معطيات ميدانية رصدها فرعيها بإقليمي “الدريوش” و«الناظور”، شمال البلاد.
ونبّه رئيس فرع ذات الهيئة - بإقليم “الدريوش” - طارق لمودني، من الانتشار “الممنهج والمقلق” للمخدرات والإدمان بالإقليم، مؤكّدا أنّ هذا الوضع الخطير يعكس “فشل السياسات العمومية وينم على تعمدها غض الطرف عن الظاهرة المتفاقمة، في ظل تفشي البطالة بشكل مخيف وتراجع أدوار مؤسسات التربية والتكوين، وهي عوامل تفاقم من حالة التيه وفقدان الأمل لدى فئات واسعة من الشباب ما يجعلهم فريسة سهلة لتجار السموم”.
من جهته، أوضح رئيس فرع ذات الهيئة بإقليم “الناظور”، سعيد حداد، أن تجارة مخدر “الكوكايين” المنتشرة بشكل “غير مسبوق” بعدد من أحياء الإقليم أصبحت “تتم بشكل علني وأمام أنظار الجميع”، لافتا إلى أنّ “عددا من الأسر بدأت تفقد أبناءها بسبب الوقوع في شباك الإدمان، وهو ما ترتب عنه أيضا ارتفاع في عدد حالات الإصابة بأمراض خطيرة، في ظل استخدام أدوات تعاطي مشتركة بين المدمنين”.
ودائما بخصوص فئة الشباب والقاصرين بالمغرب، كشف تحقيق إعلامي إسباني عن الواقع المأساوي الذي يعيشه آلاف الأطفال في شوارع مدينة “طنجة” في ظروف غير إنسانية داخل مجاري المياه المهجورة أو بين القبور، تحت وطأة الإدمان والعنف من جهة والاستغلال الجنسي من جهة أخرى. وأوضح التحقيق الذي أجرته صحيفة “أ بي سي” مؤخرا تحت عنوان: “الأطفال غير المرئيين بالمغرب”، أن عددهم يتجاوز 30 ألف طفل يعيش أغلبهم في الشوارع، خاصة في مدن الشمال، مثل “طنجة”، حيث يتحول “حلم” الهجرة إلى أوروبا إلى “كابوس يومي يزج بهم في عالم يعيشون فيه واقع التشرد والإدمان”.
ووثّقت الصحيفة الإسبانية من قلب حديقة “مولاي إبراهيم” مشهدا وصفته بـ “الصادم” يظهر فيه عدد من الأطفال القاصرين “وهم يعيشون داخل مجرى مياه مهجور مختبئين بين أكوام من القمامة والكرتون يخرجون فقط لجمع بعض الحاجيات أو للتسول”.
ونقل طاقم التحقيق شهادات حيّة عن أحد العاملين في جمعية محلية تنشط في مجال مساعدة الأطفال القاصرين، تأكيده أن “أغلب هؤلاء القاصرين يقعون ضحايا لدائرة مغلقة من الإدمان والتهميش وفكرة الخروج من هذه الدائرة شبه مستحيلة خاصة بالنسبة للصغار الذين تتطور لديهم درجات عالية من الإدمان”.
وخلص التحقيق بالإشارة إلى تحذيرات جمعية “الفارو” الإسبانية - من أن الوضع في طنجة “ينذر بالخطر وقد يقارن مستقبلا بما عرفته مدينة بوغوتا الكولومبية في تسعينيات القرن الماضي”.