تجدّدت الاشتباكات فجر أمس الأربعاء بين مجموعات مسلّحة في مناطق متفرّقة من العاصمة الليبية طرابلس، وذلك لليلة الثانية على التوالي، وسط تحذيرات محلية ودولية من تداعيات خطيرة على المدنيين والسلم الاجتماعي.
وأفاد شهود عيان بأن أصوات إطلاق النار والانفجارات تواصلت منذ منتصف ليل الثلاثاء، مع انتشار مكثف لقوات الردع في عدة مناطق من العاصمة، بينها سوق الجمعة ومحيط مطار معيتيقة.
وبسبب التّوتّرات الأمنية، تمّ تحويل الرحلات الجوية من مطار معيتيقة الدولي إلى مطار مصراتة، وفق ما أظهرته منصات تتبع الرحلات الجوية.
وفي تطور ميداني، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الليبي فرع طرابلس رفع حالة التأهب القصوى، داعية المواطنين إلى توخي الحذر والتقيد بالتعليمات الرسمية حفاظا على سلامتهم. فيما أعلنت جامعة طرابلس تعليق الدراسة مجددا، وأعلنت وزارة التعليم في حكومة الوحدة الليبية، في بيان، تعليق الدراسة بسبب التوتر الأمني الذي تشهده العاصمة طرابلس.
تحذير أممي من خطورة الوضع
وفي خضم المعارك، أعلن جهاز الشرطة القضائية أن الاشتباكات بالقرب من سجن الجُديدة أدّت إلى حالة من الفوضى والهلع، مؤكّدا فرار عدد من السجناء، غالبيتهم من أصحاب الأحكام المشددة.وأدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “التصعيد المتسارع لأعمال العنف” في طرابلس، محذرة من أن الوضع “قد يخرج عن السيطرة بسرعة”، كما أعربت عن “بالغ قلقها إزاء التقارير التي تفيد بوقوع ضحايا من المدنيين”.
وقالت في بيان أمس الأربعاء، إنّها على تواصل مستمر مع الأطراف المعنية على الأرض والشركاء سعياً لاحتواء الوضع، وتدعم جميع الجهود الجارية للوساطة وخفض التصعيد، مؤكّدة مجدّداً “استعدادها لتقديم مساعيها الحميدة لتيسير الحوار ووضع حد للقتال قبل أن يتفاقم الوضع أكثر”.
دعوة لوقـــف إطـــلاق النّــار
وكرّرت البعثة الأممية دعوتها إلى “وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في جميع المناطق، بما يتيح فتح ممرات آمنة لإجلاء المدنيين العالقين في مناطق النزاع الشديد.
وحثّت البعثة جميع الأطراف على ضمان حماية المدنيين، والانخراط دون تأخير في حوار جاد وبنوايا حسنة لحل الخلافات بالوسائل السلمية، مؤكدة أن إلحاق الأذى بالمدنيين وتعريض حياة وسلامة السكان للخطر واستهداف البنية التحتية المدنية “قد يشكل جرائم بموجب القانون الدولي. وسيُحاسب المسؤولون عن هذه الأفعال”.
وبدأ توتر الوضع الأمني في العاصمة الليبية الإثنين، عقب واقعة مقتل رئيس “جهاز دعم الاستقرار”، عبدالغني الككلي.ثم عاد الهدوء لطرابلس صباح الثلاثاء، لكن لم يصمد طويلا لينفجر الوضع الأمني من جديد.
المنفي يدعو لقطع الطّريق أمام الفوضى
وفي تعليقه على تطورات الأحداث، قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، إنّه يجب توحيد الجبهة الداخلية والالتفاف حول مشروع وطني يقطع الطريق أمام الفوضى، مشددا على أن الوقت الراهن يتطلب أعلى درجات الحكمة والانضباط الوطني.
وذكّر المنفي بأن الحفاظ على السلم الاجتماعي بالعاصمة مسؤولية جماعية لا يمكن التفريط فيها.
يذكر أنّه على الرغم من أن طرابلس تنعم بهدوء نسبي منذ جوان 2020، فإنّها تشهد من حين لآخر اشتباكات بين مجموعات مسلّحة متنافسة لأسباب يتعلّق معظمها بالصراع على مناطق النفوذ والمواقع الحيوية.
كما تعاني ليبيا بين الحين والآخر من مشاكل أمنية في ظل انقسام سياسي متواصل منذ سنوات، إذ تتصارع حكومتان على السلطة: الأولى حكومة الوحدة المعترف بها أمميا برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، وتدير غربي البلاد بالكامل.
والثانية حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب ومقرها مدينة بنغازي، وتدير شرقي البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.
وعلى مدى سنوات، تعثّرت جهود أممية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ويأمل الليبيّون أن تقود إلى نقل السلطة لحكومة واحدة، وإنهاء نزاع مسلّح يعانون منه منذ سنوات بلدهم.