طباعة هذه الصفحة

يعيشـون واقعـا اجتماعـيا بائــسا

حقـوق الأطفـال المغاربـة تنتهـــك بتواطـؤ رسمي

 تتواصل في المغرب مظاهر استغلال الطفولة في سوق العمل، في خرق صارخ لكل التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية التي زعم المخزن باحترامها، حيث كشفت المعطيات الرسمية الأخيرة أن تشغيل القاصرين لم يعد حالة استثنائية، بل تحوّل إلى ظاهرة مقلقة تضرب عمق الكرامة الإنسانية، وتفرغ شعار “حقوق الطفل” من محتواه.
وفي هذا السياق، وجّهت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، نادية تهامي، سؤالا كتابيا لوزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل، مطالبة بإجابات واضحة بخصوص التدابير الحكومية للحد من تنامي هذه الظاهرة، واستندت إلى مذكرة أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط خلال شهر جوان الجاري، والتي كشفت عن اشتغال أكثر من 101 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 7 و17 سنة، خلال سنة 2024، 90 بالمائة منهم منقطعون نهائيا عن الدراسة، والغالبية الساحقة منهم من أبناء القرى المهمشة.الأرقام أكثر من صادمة، نحو 62 ألف طفل - أي 6 من كل 10 أطفال عاملين - يزاولون أعمالا مصنّفة ضمن خانة “الخطيرة”، ممّا يعكس واقعا اجتماعيا مأساويا ومناخا من اللامبالاة الرسمية، حيث يترك مئات الآلاف من القاصرين فريسة للاستغلال والقهر داخل الحقول والمصانع وورشات العمل.
الأمر لا يتوقّف عند هذا الحد، تقول البرلمانية، فهذه المعطيات تتقاطع بشكل مقلق مع تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الخاصة بالشباب الذين لا يدرسون ولا يشتغلون ولا يتلقّون تدريبا، كما تتقاطع مع أرقام الانقطاع المدرسي السنوي، التي تتراوح بين 280 و300 ألف تلميذ، كلها مؤشرات على منظومة تعليمية واقتصادية “فاشلة”، تركت الأطفال في مهب البطالة أو العمل القسري، ودفعت بهم إلى هامش المجتمع.وأكّدت ذات المتحدّثة على أنّ المأساة تتعمّق حين نعلم أن أكثر من نصف هؤلاء الأطفال يجبرون على العمل كمساعدين عائليين أو داخل وحدات إنتاجية غير مهيكلة، ما يجعلهم عرضة لكل أنواع الاستغلال دون حماية قانونية أو تغطية اجتماعية، مشدّدة على أن صمت الدولة لم يعد مقبولا، والسّكوت عن جريمة هو مشاركة فيها.